أثارت البلوجر المصرية هدير عبد الرازق جدلاً واسعاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشرها فيديو صادم يُظهر تعرضها للاعتداء الجسدي العنيف داخل شقة سكنية. تباشر الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية حالياً فحص مقطع الفيديو الذي يبلغ طوله أكثر من دقيقتين، والذي تم تسجيله بواسطة كاميرات المراقبة داخل إحدى الشقق.
تفاصيل الفيديو المثير للجدل
ظهر في الفيديو الصادم شخص مجهول الهوية يقوم بالاعتداء على البلوجر هدير عبد الرازق بالضرب المبرح والسحل، حيث تظهر وهي تصرخ وتستغيث وسط حالة من الذعر والخوف. وقد وثقت كاميرات المراقبة المثبتة داخل الشقة لحظة الاعتداء، حيث يظهر المعتدي وهو يوجه للضحية سلسلة من الضربات المتتالية، بينما كانت تحاول الفرار أو الاستنجاد دون جدوى.
أعقب الفيديو تعليق من هدير عبد الرازق تقول فيه: “حقي عندك يا رب، هاتلي حقي يا رب، وكلتك أمري وحقي وحياتي ونفسيتي اللي اتدمرت، اللهم إني وكلتك أمري، إنك خير وكيل، والرحمة من عندك يا رب”. وبعد انتشار الفيديو على نطاق واسع، قامت البلوجر بحذفه من حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي دون توضيح أسباب الحذف أو الإدلاء بتفاصيل إضافية عن ملابسات الواقعة.
التحقيقات الأمنية والإجراءات القانونية
تجري الأجهزة الأمنية تحقيقات مكثفة لفحص الفيديو وتحديد هوية المتهم ومكان الواقعة، من خلال تتبع البيانات الوصفية والتقنية المرفقة بالفيديو. وقد أكدت مصادر أمنية أن الجهات المختصة بدأت في فحص الفيديو تقنياً، والاستعانة بكاميرات المراقبة القريبة إذا تم التوصل إلى موقع الشقة.
وتُواصل الجهات المختصة تحرياتها للتأكد من صحة الواقعة وتحديد هوية الشخص الظاهر في الفيديو، تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة. كما تم تعزيز الجهود الأمنية لضمان عدم التهاون مع مثل هذه الجرائم، وسط تعهدات بالوصول إلى الحقيقة وتقديم الجناة للعدالة.
من هي هدير عبد الرازق؟
هدير عبد الرازق هي بلوجر مصرية تبلغ من العمر 30 عاماً، وتُعرف بنشاطها الواسع على منصات التواصل الاجتماعي. تمتلك أكثر من 1.2 مليون متابع على تيك توك، وحوالي 82 ألف متابع على فيسبوك، و349 ألف متابع على إنستجرام. تُعرف نفسها على حساباتها كـ“ناشطة اجتماعية”.
البلوجر مطلقة منذ عام 2022 بعد زواج استمر ثلاث سنوات من رجل خمسيني يعمل في إدارة أحد الملاهي الليلية، وليس لديها أطفال. اعتادت خلال الفترة الماضية نشر مقاطع مصورة تتحدث فيها عن خلافاتها مع طليقها، حيث اتهمته بالسماح لزوجته الأولى بالتدخل في حياتها الشخصية والتعدي عليها.
الأزمات القانونية السابقة
تواجه هدير عبد الرازق عدة قضايا قانونية، حيث أصدرت محكمة الجنح الاقتصادية بالقاهرة حكماً بحبسها لمدة سنة مع الشغل، بالإضافة إلى تغريمها 100 ألف جنيه في القضية رقم 6894 لسنة 2024. جاء الحكم بعد إدانتها بنشر محتوى مخل بالآداب العامة عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وقد وجهت النيابة العامة لها اتهامات تشمل نشر مقاطع خادشة للحياء عبر منصات “فيسبوك”، “إنستجرام”، “يوتيوب”، و”تيك توك” بقصد الإغراء، والترويج لمحتوى منافٍ للمبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري. أيدت محكمة الاستئناف الحكم الصادر ضدها بحبسها لمدة عام في مارس 2025.
قضايا أخرى مثيرة للجدل
واقعة النصب في العملات الرقمية
كشفت هدير عبد الرازق عن تعرضها لعملية نصب مالي بعد ترويجها لإحدى شركات التداول التي اتضح لاحقاً أنها وهمية وتستهدف الاستيلاء على أموال العملاء. وأوضحت أن أحد مشاهير “تيك توك” تواصل معها وطلب منها الإعلان عن منصة لتداول العملات الرقمية مقابل وعد بالحصول على مبلغ مالي كبير.
المشاكل مع البلوجر محمد أوتاكا
واجهت هدير عبد الرازق أزمة مع البلوجر الشهير محمد أوتاكا، حيث قررت جهات التحقيق إخلاء سبيل الطرفين من قسم التجمع الأول بعد الاستماع لأقوالهما بشأن مشاجرتهما التي دارت داخل منزلها أمام والدها. وتم التصالح بينهما بعد اتهامها له بنشر فيديوهات مخلة عنها.
ردود الفعل المجتمعية
مطالبات بالحماية
أثارت الواقعة مطالبات واسعة بتوفير الحماية للنساء من العنف، خاصة المؤثرات على منصات التواصل الاجتماعي. وقد تفاعل المستخدمون بشكل واسع مع الفيديو، مطالبين بسرعة ضبط المعتدي واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
الجدل حول العنف ضد المرأة
تأتي هذه الواقعة في سياق تصاعد قضايا العنف ضد المرأة في مصر، حيث تشير إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن نحو 8 ملايين امرأة وفتاة تتعرض للعنف سنوياً. وقد أصدرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة تقريراً يفيد بأن 60% من جرائم قتل الإناث تُرتكب على يد شريك حميم أو أحد أفراد الأسرة.
التحديات القانونية في مواجهة العنف
غياب قانون موحد
لا يتوافر في مصر قانون خاص بتجريم العنف الأسري، والذي يقتصر على مواد قليلة في قانون العقوبات رقم 58 الصادر سنة 1937. وقد صاغت منظمات المجتمع المدني مشروع قانون موحد لمناهضة العنف ضد المرأة، وقدمته للمرة الثانية إلى البرلمان المصري.
صعوبات في الإثبات
يتعذر إيجاد الشهود في قضايا العنف الأسري، لذا يصبح إثبات الضرر الواقع على الضحية أمام القضاء أمراً بالغ الصعوبة. كما أن العقوبات الحالية انحصرت غالباً في فرض غرامة مالية زهيدة، أو إصدار حكم بالحبس مع إيقاف التنفيذ.
تطوير الاستجابة المؤسسية
البرامج الحكومية
أطلق المجلس القومي للمرأة عدة برامج لمناهضة العنف، منها البرنامج المشترك لحزمة الخدمات الأساسية للسيدات والفتيات ضحايا العنف. كما تم إنشاء 26 وحدة لمناهضة العنف ضد المرأة على مستوى الجامعات المصرية.
الخط الساخن للشكاوى
يوفر المجلس القومي للمرأة خط ساخن لشكاوى المرأة تحت رقم 15115، بالإضافة إلى مقرات منتشرة في جميع المحافظات للحصول على المعلومات والدعم القانوني والنفسي.
الخلاصة والتطلعات المستقبلية
تُعد واقعة الاعتداء على البلوجر هدير عبد الرازق مثالاً صارخاً على تفاقم ظاهرة العنف ضد المرأة في مصر، والحاجة الملحة لتطوير آليات الحماية والاستجابة القانونية. وبينما تواصل الأجهزة الأمنية تحقيقاتها في هذه الواقعة، تبقى الحاجة قائمة لـإصدار قانون موحد لمناهضة العنف ضد المرأة وتعزيز الوعي المجتمعي بخطورة هذه الظاهرة.
إن التعامل الجاد مع قضايا العنف ضد المرأة يتطلب تضافر جهود جميع مؤسسات المجتمع، من الحكومة والقضاء والمجتمع المدني والإعلام، لضمان بيئة آمنة للنساء وتحقيق العدالة للضحايا. كما يستدعي الأمر تطوير برامج الوقاية والتوعية لمنع تكرار مثل هذه الحوادث المؤسفة.










