شهدت المملكة العربية السعودية السبت 19 يوليو 2025 إعلان وفاة الأمير الوليد بن خالد بن طلال آل سعود، المعروف إعلامياً باسم «الأمير النائم»، عن 35 عاماً بعد غيبوبةٍ امتدّت 20 سنة على إثر حادثٍ مروري عام 2005. تفاعل السعوديون والعالم العربي مع الخبر بمزيجٍ من الحزن والتأمل في قصة إنسانية استقطبت تعاطف الملايين منذ بدايتها.
من هو الأمير الوليد بن خالد بن طلال؟
ينتمي الأمير الراحل إلى الجيل الرابع من أحفاد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود؛ فهو حفيد الأمير طلال بن عبد العزيز، وابن الأمير خالد بن طلال، وشقيق رجل الأعمال الشهير الأمير الوليد بن طلال. وُلد في إبريل 1990 وكان طالباً متفوّقاً في الكلية العسكرية بلندن قبل الحادث.
حادث 2005 الذي غيّر حياته
في صيف 2005 تعرّض الأمير الشاب، وكان عمره 18 عاماً، لحادث سيارة في لندن أثناء القيادة بسرعة عالية برفقة صديقين. أسفر الحادث عن إصابة دماغية حادّة ونزيف خطير، وأقر الأطباء «الموت الدماغي» خلال ساعات، مُرجّحين الوفاة الوشيكة.
عقدان من الغيبوبة: متابعة طبية ودعم عائلي
وُضع الأمير في عناية حرجة بمدينة الملك عبد العزيز الطبية بالرياض ثم نُقل لاحقاً إلى جناحٍ مُجهَّز داخل أحد قصور العائلة لتلقّي رعاية تمريضية على مدار الساعة. استقدم الأمير خالد فرقاً طبية من الولايات المتحدة وإسبانيا عام 2017 لمحاولة إيقاف النزيف المتبقي بالجملة العصبية، لكن دون تحسّن ملموس.
لحظات أمل: لقطات فيديو لتحريك الرأس والأطراف
انتشر مقطع في مايو 2019 يُظهر الأمير وهو يُحرّك رأسه استجابةً لصوت عمّته، ما اعتُبر «معجزة طبية»، وجدّد الأمل لدى العائلة والمتابعين. وفي يناير 2021 نشر أفراد الأسرة فيديو آخر لتحريك أصابعه. مع ذلك أكد الأطباء غياب أي وعيٍ إدراكي، مرجّحين أن تكون الحركات انعكاسية.
إصرار الأسرة على إبقاء أجهزة الإنعاش
رغم توصيات طبية متكررة بفصل الأجهزة منذ 2015، تمسّك الأمير خالد بن طلال بالاستمرار في الرعاية، قائلاً: «لو أراد الله وفاته لكان تحت التراب منذ الحادث، ومن حفظ روحه هذه السنوات قادر على شفائه». هذا الموقف استند إلى قناعة دينية بأن الحياة والموت بيد الله وحده، وأثار نقاشاً فقهياً وأخلاقياً واسعاً في الأوساط السعودية.
إعلان الوفاة وردود الفعل
أعلن الأمير خالد بن طلال عبر حسابه على منصة «إكس» وفاة ابنه بكلماتٍ مقتضبة: «بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره ننعى ابننا الغالي». خلال ساعات تصدّر وسم #الأمير_النائم منصات التواصل السعودية، وانهالت عبارات التعزية والدعاء، متبوعةً بخطابٍ ديني يحضّ على الصبر والاحتساب.
مراسم الجنازة والعزاء
أوضحت الأسرة أنّ الصلاة على الفقيد ستُقام عصر الأحد بمسجد الإمام تركي بن عبد الله بالرياض، بينما تتلقّى النساء العزاء في مستشفى الملك فيصل التخصصي بعد الظهر، على أن يُفتَح عزاء الرجال ثلاثة أيام في قصر الأمير الوليد بن طلال بحي الفاخرية.
تأثير القصة على المجتمع السعودي
إلهام الصبر: تحوّلت قصة الأمير إلى رمزٍ للصبر لدى أسرٍ تواجه غيبوبةً مطوّلة لأبنائها، مع استدعاء بعدٍ إيماني حول «المعجزة» المحتملة.
نقاشات فقه الطب: أعادت الجدل حول أخلاقيات الإنعاش طويل الأمد، وضرورة وجود بروتوكولات تنسجم مع الشريعة والتوصيات الطبية الحديثة.
صناعة المحتوى: أصبحت لقطات تحريك الرأس أو الأصابع مادة شائعة في «اقتصاد التريند»، ما استدعى تحذيرات من تداول معلومات طبية مضللة.
قراءة طبية: ما معنى الغيبوبة طويلة الأمد؟
يعرف الأطباء «الحالة الخُضرية المزمنة» بأنها غياب كامل للوعي مع استمرار الوظائف الحيوية الأساسية بفضل الأجهزة. بعد 12 شهراً من الإصابة الدماغية يُعدُّ احتمال الاستيقاظ أقل من 1% وفق دراسات عالمية، وغالباً ما تكون الاستجابة الحركية – إن ظهرت – انعكاسية لا إرادية.
احتمالات المستقبل وأبحاث الطب العصبي
مع تقدّم تقنيات التحفيز الدماغي العميق والخلايا الجذعية، تتجه مراكز أبحاث في الولايات المتحدة وأوروبا لدراسة استعادة الوعي الجزئي لدى مرضى الغيبوبة المزمنة. غير أنّ تطبيق هذه التقنيات يظلّ تجريبياً ومحفوفاً بجدل أخلاقي.










