يواجه وزير العدل المغربي والأمين العام السابق لحزب “الأصالة والمعاصرة” المشارك في الائتلاف الحكومي الحالي، عبد اللطيف وهبي، أحد أكثر التحديات في مسيرته، بعد أن تفجرت في وجهه عاصفة سياسية إثر نشر تسريبات بخصوص مزاعم “تهرّب ضريبي”، وسط مطالبات من أحزاب في المعارضة باستقالته من حكومة عزيز أخنوش.
وكانت تسريبات نشرتها الأسبوع الماضي، مجموعة “جبروت” (مجموعة من القراصنة الجزائريين) على قناتها الرسمية الخاصة بها في “تليغرام”، أثارت جدلاً سياسياً في المغرب بعد أن تحدثت عن “اقتراض وزير العدل قرضاً بلغت قيمته 11 مليون درهم في الثاني من سبتمبر/ أيلول 2020، لاقتناء عقار في أحد أرقى أحياء مدينة الرباط، وهو القرض الذي أكمل الوزير المعني أداءه في ظرف أربع سنوات فقط، ليقوم بتفويته لزوجته، مصرحاً فقط بمليون درهم كقيمةٍ للعقار، وهو ما اعتبره العديد من المتابعين “تهرّباً ضريبياً”.
وجاءت التسريبات التي استهدفت إلى جانب وزير العدل، وزيرة السّكن والتعمير، والمنسقة الوطنية لحزب “الأصالة والمعاصرة” فاطمة الزهراء المنصوري، بعد أسابيع على وقوف قراصنة “جبروت” وراء هجوم ضد الحكومة المغربية، وتحديداً ضد الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، إذ جرى تسريب قاعدة بيانات ضخمة مماثلة منه، كما شهدت الأسابيع الماضية نشاط المجموعة المعروفة باسم “جبروت” ضد الحكومة المغربية والمواقع التابعة لها، من بينها قاعدة بيانات السجل العقاري في المغرب التي سرق منها بيانات يصل حجمها إلى 4 تيرابايتات، وذلك بحسب ما جاء في موقع “موروكو وورلد نيوز”.
وبينما أثارت التسريبات الجديدة العديد من التساؤلات بشأن تداعياتها على الحكومة الحالية، تعالت، على نحو لافت، خلال الساعات الماضية، الأصوات الداعية إلى فتح تحقيقات والمطالبة بمحاسبة المسؤول الحكومي، كان من أبرزها الأمين العام لحزب العدالة والتنمية المعارض عبد الإله بنكيران، الذي دعا وزير العدل إلى تقديم استقالته على خلفية ما اعتبره “تهرّباً ضريبياً”، مؤكداً، في تصريح نشره على صفحته الرسمية في “فيسبوك”، أمس الأحد، أن تلك الاستقالة “ضرورة تفرضها دولة القانون والمؤسّسات وربطاً للمسؤولية بالمحاسبة”.
وفي السياق ذاته، طالب حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي المعارض، أمس، النيابة العامة بفتح تحقيق فوري وشفاف في ما وصفه بـ”شبهات فساد واستغلال نفوذ” مرتبطة بتضارب المصالح في صفوف وزراء بالحكومة الحالية، على خلفية ما جرى تداوله إعلامياً، وما ورد في تسريبات “جبروت”. في المقابل، كان لافتاً حرص وزير العدل المغربي على تبرئة نفسه من اتهامات التهرّب الضريبي، بالتأكيد في تصريحات إعلامية ، بأنه “إذا ثبت بأنّني جنيت أي أرباح من وراء هذه العملية ولم أؤدِ عليها أي ضرائب، فأنا مستعد للمحاسبة”، معتبراً أن “الوثائق التي لم تنشر تخفي وجهاً آخر للحقيقة”.
كما أكد الوزير أنه قد صرح بعملية تفويت العقار إلى زوجته، وبجميع ممتلكاته، لفائدة السلطات المختصة، مشيراً إلى استعداده للخضوع لمراجعة ضريبية والذهاب للقضاء الإداري للدفاع عن نفسه أمام أي شكوك حول نزاهة الهبة، أو الجانب الضريبي المتعلق بها. وتعليقاً على الجدل المثار حول مزاعم “التهرّب الضريبي” التي تواجه وزير العدل المغربي، قالت الباحثة في العلوم السياسية شريفة لموير، إن التسريبات التي شملت التهرّب الضريبي تثير الكثير من التساؤلات إن ثبتت حقيقتها، معتبرة أن ربط المسؤولية بالمحاسبة ضرورة تفرضها دولة القانون والمؤسّسات، خاصة أن المعطيات المسربة تمسّ مسؤولاً داخل الدولة يفترض فيه إحقاق القانون، معتبرة أن “الحاجة إلى فتح تحقيق مستعجل تفرض نفسها حتى في حالة كفالة حق الرد للوزير المعني بموضوع التسريبات”.










