أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، تامي بروس، أن الولايات المتحدة قررت رسميا الانسحاب من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، في خطوة مثيرة للجدل تأتي وسط اتهامات متكررة من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمنظمة بالتحيز السياسي و”معاداة إسرائيل”.
وقالت بروس، اليوم الثلاثاء 22 يوليو، إن استمرار عضوية واشنطن في المنظمة “لا يصب في المصلحة الأمريكية”، متهمة اليونسكو بترويج “أجندة عالمية تتعارض مع سياسة أمريكا أولا”.
قرار يبدأ سريانه عام 2026
بموجب المادة الثانية (الفقرة 6) من دستور اليونسكو، يدخل قرار الانسحاب حيز التنفيذ في 31 ديسمبر/كانون الأول 2026، ما يعني أن الولايات المتحدة ستظل عضوا كامل الحقوق حتى نهاية ذلك التاريخ.
مراجعة داخلية مهدت للقرار
وجاء القرار بعد مراجعة استمرت 90 يوما أمر بها ترامب في فبراير/شباط الماضي، لتقييم مدى التزام اليونسكو بقيم الحياد والتوازن. وتركزت المراجعة على ما وصفته إدارة ترامب بـ”التحيز ضد إسرائيل”، و”النفوذ المتزايد للصين”، فضلا عن “التوجهات الأيديولوجية” التي لا تتوافق مع التوجهات الأمريكية المحافظة.
وأوضحت نائبة المتحدثة باسم البيت الأبيض، آنا كيلي، أن المراجعة أظهرت “اعتراضات جوهرية” على سياسات المنظمة، لا سيما في مجالات “التنوع، والإنصاف، والإدماج”، التي وصفتها بأنها قضايا “ثقافية مثيرة للانقسام لا تمثل أولويات السياسة الخارجية الأمريكية”.
اتهامات بالتحيز ضد إسرائيل
وأفاد بيان رسمي بأن أحد الأسباب الرئيسية للانسحاب هو استمرار اليونسكو في اعتماد قرارات تعتبر مواقع دينية يهودية ضمن “التراث الفلسطيني”، إضافة إلى استخدامها مصطلحات تصف الأراضي الفلسطينية بأنها “محتلة”، وهو ما تعتبره واشنطن “انحيازا فجا ضد إسرائيل”.
وقالت كيلي: “اليونسكو لا تدين حماس، لكنها تدين إسرائيل مرارا، وتصف إجراءاتها الأمنية دفاعا عن النفس بأنها عدوان”.
الصين في دائرة الاتهام
اتهمت الإدارة الأمريكية أيضا الصين بـ”استغلال نفوذها المتصاعد داخل المنظمة” لتعزيز مصالحها الجيوسياسية. وتشير التقارير إلى أن بكين تعد ثاني أكبر ممول لليونسكو، ولها حضور قوي في مناصب قيادية، بينها نائب المدير العام شينغ تشو.
وأكدت المتحدثة الأمريكية أن هذا النفوذ “سمح لبكين بالدفع نحو معايير دولية تخدم أهدافها الاقتصادية والسياسية”، وهو ما ترى فيه واشنطن تهديدا لمصالحها الاستراتيجية.
انسحابات متكررة من المنظمة
وليست هذه المرة الأولى التي تنسحب فيها الولايات المتحدة من اليونسكو. فقد سبق أن انسحب الرئيس رونالد ريغان عام 1983، احتجاجا على ما وصفه حينها بـ”التحيز الأيديولوجي”، كما كرر ترامب الخطوة عام 2017 لنفس الأسباب تقريبا.
لكن إدارة الرئيس جو بايدن عادت إلى المنظمة لاحقا في محاولة لاستعادة النفوذ الأمريكي على الساحة الدولية. ويعد هذا الانسحاب الجديد جزءا من تحركات إدارة ترامب لإعادة رسم خريطة التزامات أمريكا الدولية، في سياق رؤيته المعروفة بـ”أمريكا أولا”.
تداعيات محتملة
يرى مراقبون أن الانسحاب الأميركي قد يضعف قدرة الولايات المتحدة على التأثير في السياسات الثقافية والتعليمية العالمية، في وقت تتسارع فيه التحولات الجيوسياسية. كما يتوقع أن تستغله خصوم واشنطن – خصوصا بكين وموسكو – لتعزيز حضورهم في المؤسسات متعددة الأطراف.
ومن جانبها، لم تصدر اليونسكو تعليقا رسميا بعد على قرار الانسحاب الأمريكي، فيما يتوقع أن تثير الخطوة جدلا واسعا داخل أروقة الأمم المتحدة وبين حلفاء واشنطن الدوليين.










