اندلع في يوم الأربعاء الماضي، حريق مهول في منطقة ثنية النصر بولاية برج بوعريريج شرق الجزائر، مما دفع السلطات إلى تسخير 10 طائرات إطفاء ووسائل برية وجوية كبيرة لمواجهة هذه الكارثة البيئية الخطيرة التي امتدت إلى ثلاث قرى سكنية.
إجلاء عاجل للسكان من القرى المهددة
أكدت مصالح الحماية المدنية في الجزائر نجاحها في إبعاد الخطر عن سكان قرى فيڨو، روابح وتيزاعترين، مع إجلاء 19 شخصاً من قرية افيڨو كإجراء احترازي لحمايتهم من ألسنة اللهب. وأوضحت الحماية المدنية أن اتجاه الحريق قد تحول نحو بلدية الجعافرة، مما استدعى تعزيز الجهود الإطفائية في هذه المنطقة.
تعبئة وطنية كبيرة لمكافحة النيران
شهدت عملية الإطفاء تجنيداً استثنائياً للوسائل، حيث تم تسخير الرتلين المتنقلين لولايتي برج بوعريريج وبجاية، وانضم إليهما الرتل المتنقل لولاية المسيلة من أجل تدعيم الفرق المتدخلة. كما أعلنت مصالح الحماية المدنية تدعيم فرق الإطفاء بثلاث طائرات إضافية، ليرتفع العدد الإجمالي للطائرات إلى 10 طائرات (09 طائرات إخماد من نوع AT802 وطائرة إخماد من نوع BE200).
حرائق متعددة تجتاح مناطق عديدة من الجزائر
لم تقتصر الحرائق على برج بوعريريج وحدها، بل شهدت الجزائر في نفس الفترة اندلاع 47 حريقاً في غضون 24 ساعة عبر 12 ولاية، دون تسجيل أي خسائر بشرية. وتركزت الحرائق بشكل أساسي في ولايات شرق البلاد، حيث سجلت ولاية تيزي وزو العدد الأكبر بـ18 حريقاً، تليها بجاية بـ13 حريقاً، فيما سجلت برج بوعريريج حريقاً واحداً.
استراتيجية الجزائر الحديثة لمكافحة الحرائق
طورت الجزائر استراتيجية متطورة لمواجهة حرائق الغابات، تشمل تسخير 19 ألف عون للحماية المدنية و704 شاحنة إطفاء و6 أرتال متنقلة لمكافحة حرائق الغابات، إضافة إلى طائرات وحوامات متخصصة في الاستطلاع والإطفاء. كما تضم الاستراتيجية استخدام طائرات درون وكاميرات حرارية متطورة طورتها مؤسسات ناشئة محلية لرصد الحرائق بدقة.
التحديات المناخية وتأثير التغير المناخي
تواجه الجزائر تحديات متزايدة بسبب التغير المناخي، حيث تشهد البلاد ارتفاعاً في درجات الحرارة وفترات جفاف طويلة تزيد من خطر اندلاع الحرائق. وتُظهر الإحصائيات أن الحرائق تدمر سنوياً حوالي 20 ألف هكتار من الأراضي الغابية في الجزائر، مما يشكل تهديداً جدياً للثروة الغابية التي تغطي حوالي 4.1 مليون هكتار.
الاستثمار في تقنيات الإطفاء المتطورة
استأجرت الجزائر 12 طائرة قاذفة للمياه ضمن جهود استباقية لمواجهة حرائق الغابات، منها 7 طائرات قادمة من الأرجنتين و5 طائرات تابعة لشركة طاسيلي للطيران. كما استأجرت طائرة إطفاء من طراز Berieve BE-200 من روسيا بسعة 12000 لتر، والتي يمكنها التحليق على ارتفاع منخفض بسرعة تزيد عن 500 كم/ساعة.
نظام الإنذار المبكر والوقاية
تعتمد الاستراتيجية الجزائرية على نظام الإنذار المبكر والتنسيق اليومي مع الأرصاد الجوية والوكالة الفضائية الجزائرية لرسم خرائط دقيقة للمناطق المعرضة للخطر. كما تشمل الإجراءات الوقائية حفر خنادق مضادة للحرائق بعرض 50 متراً وتهيئة المسالك الغابية لتسريع عمليات التدخل.
الخسائر الاقتصادية والبشرية
تُقدر الخسائر السنوية لحرائق الغابات في الجزائر بما يتراوح بين 15 إلى 19 مليون دولار من القيمة التجارية للخشب والفلين. وقد شهدت الجزائر في السنوات الأخيرة حرائق مدمرة، خاصة في صيف 2021 التي أودت بحياة 69 شخصاً من بينهم 28 عسكرياً، وأحرقت أكثر من 134 ألف هكتار من الغابات.
التعاون الدولي والدعم التقني
تتعاون الجزائر مع منظمات دولية مثل البنك الدولي ومنظمة الأغذية والزراعة لتطوير استراتيجيات إدارة الغابات المستدامة ومكافحة الحرائق. كما تستفيد من برامج التدريب الدولية وتبادل الخبرات مع الدول المتوسطية التي تواجه تحديات مماثلة.
التشريعات الجديدة والعقوبات الرادعة
أقرت الجزائر قانوناً جديداً في يناير 2024 يفرض السجن المؤبد على من يُدان بإشعال حرائق الغابات عمداً. كما تنص المنظومة القانونية الجزائرية على عقوبات قد تتجاوز 30 سنة سجناً للمتسببين في الحرائق في حال أفضت إلى وفاة أو أضرار جسيمة.









