اندلعت اشتباكات عنيفة في قرية “المصرية” السورية الحدودية مساء يوم الاثنين 28 يوليو 2025، عقب مداهمة نفذتها قوى الأمن الداخلي السوري لمنازل عائلة “آل أبو جبل”. وقد سُمعت أصوات إطلاق النار بوضوح في القرى اللبنانية الحدودية الشمالية لناحية القصر في منطقة الهرمل.
أسفرت المواجهات عن مقتل عنصرين على الأقل من قوى الأمن السوري، وفقاً للمعلومات الأولية. كما أفادت مصادر محلية بسقوط قتيل من عائلة آل أبو جبل واختطاف أربعة عناصر من الأمن العام السوري خلال الاشتباكات.
خلفية الحادثة والأسباب
تشير التقارير إلى أن الاشتباكات اندلعت على خلفية احتفالات استُخدمت فيها الأسلحة النارية ابتهاجاً بخروج أحد المسجونين من آل أبو جبل من السجن، مما دفع الأمن العام لاستقدام تعزيزات وتنفيذ عمليات دهم في القرية.
استخدمت في الاشتباكات أسلحة رشاشة وقذائف صاروخية، مما تسبب في دوي انفجارات قوية سُمعت في منطقة الهرمل اللبنانية المجاورة، وأثار حالة من الذعر بين السكان.
السياق الأمني الأوسع: تحديات الحدود السورية اللبنانية
التغيرات بعد سقوط نظام الأسد
تأتي هذه الاشتباكات في سياق فوضى أمنية تشهدها المناطق الحدودية بين سوريا ولبنان منذ أشهر، خاصة بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024. قرية المصرية، الواقعة في ريف القصير، كانت تعتبر منطقة نفوذ لميليشيا “حزب الله” اللبناني، التي تتواجد في قرية حوش السيد علي على الجانب اللبناني.
تكرار الحوادث الأمنية
هذه المرة الثالثة التي تشهد فيها قرية المصرية مواجهات وتوترات بعد سقوط النظام السوري، حيث وقعت اشتباكات سابقة في 14 يناير و24 أبريل 2025. في أبريل الماضي، قصف حزب الله بلدة المصرية بقذائف الهاون والرشاشات الثقيلة، مما أسفر عن إصابة عدد من المدنيين.
الجهود الأمنية لضبط الحدود
العمليات السورية المكثفة
تقوم السلطات السورية الجديدة بحملات أمنية مكثفة للقضاء على شبكات التهريب وتفكيك الجماعات المسلحة المرتبطة بـ”حزب الله” في المناطق الحدودية. وقد أرسلت السلطات السورية تعزيزات عسكرية إلى المنطقة مرات عدة خلال الأشهر الماضية لمواجهة الفصائل المحلية والميليشيات.
مكافحة تهريب المخدرات والأسلحة
شهدت الأشهر الأخيرة عمليات ضبط كبيرة للمخدرات على الحدود. في يونيو 2025، تم ضبط 3 ملايين حبة كبتاغون و50 كيلوغراماً من الحشيش قادمة من لبنان. وفي اليوم التالي، تم ضبط شحنة إضافية تضم 500 ألف حبة كبتاغون.
كما تم إحباط عمليات تهريب أسلحة، حيث ضبطت السلطات السورية في يونيو شحنة أسلحة تضم صواريخ موجهة مضادة للدروع وذخائر من عيار 30 مم كانت معدة للتهريب إلى لبنان.
الجهود اللبنانية
من الجانب اللبناني، يعزز اللبناني انتشاره على المعابر غير الشرعية ويقوم بعمليات إحباط مستمرة لعمليات التهريب. في يونيو، أحبط الجيش اللبناني عملية تهريب قذائف ومذنبات من سوريا في منطقة بسيبس-الهرمل.
تعقيدات ترسيم الحدود
التحديات الجغرافية والديموغرافية
تمتد الحدود اللبنانية السورية على طول 375 كيلومتراً غير مرسمة في أجزاء كبيرة منها. يعود تعقيد ترسيم الحدود إلى التداخل الجغرافي والديموغرافي، حيث توجد 14 قرية وبلدة متداخلة بين البلدين.
أصل الحدود إداري وليس دولي واضح، حيث رسمها الانتداب الفرنسي في عشرينيات القرن الماضي بناء على خرائط عثمانية قديمة.
الجهود الدبلوماسية الحالية
أكد وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي أن عملية ترسيم الحدود “معقدة للغاية”، داعياً إلى تشكيل لجنة سورية لبنانية مشتركة للتعامل مع الملف. وقد تم التأكيد على أهمية ترسيم الحدود في اتفاق وُقِّع في جدة بين وزيري الدفاع السوري واللبناني في مارس 2025.
التداعيات والمخاوف المستقبلية
المخاوف الأمنية
تثير الأحداث الأخيرة مخاوف من اتساع رقعة الاشتباكات، خاصة في ظل الوضع الأمني الهش على الحدود. وتشير تقارير إلى أن آلاف اللبنانيين من أبناء الطائفة الشيعية في منطقة البقاع بدؤوا بالتحضير لاحتمالات أمنية مقلقة عبر تشكيل مجموعات مسلحة محدودة.
التعاون الإقليمي
تسعى الحكومة السورية الجديدة إلى فرض سيطرتها على المناطق الحدودية ومنع تهريب الأسلحة والمخدرات، بما في ذلك مادة الكبتاغون. وهناك تعاون مع دول إقليمية، حيث تنسق السلطات السورية مع المملكة العربية السعودية والأردن في مكافحة شبكات التهريب.










