في تطور ينذر بتصعيد جديد في منطقة التماس الحدودي بين أوغندا وجنوب السودان، دفعت قوات دفاع الشعب الأوغندي (UPDF) بتعزيزات عسكرية ثقيلة إلى منطقة كاجو-كيجي بولاية الاستوائية الوسطى، عقب اشتباكات مسلحة دامية اندلعت يوم الإثنين، خلّفت قتلى ونزوحًا واسعًا في أوساط المدنيين.
تفاصيل المواجهة
وبحسب مصادر محلية، اندلعت الاشتباكات بعد اتهام الجيش الأوغندي لقوات جنوب السودان بتجاوز الحدود والدخول إلى منطقة النيل الغربي داخل الأراضي الأوغندية، وهو ما نفته جوبا بشكل قاطع، متهمة القوات الأوغندية بشن هجوم مفاجئ على منطقة نياينقا مودا باستخدام دبابات ومدفعية ثقيلة.
وأسفرت الاشتباكات عن مقتل خمسة من عناصر القوات النظامية لجنوب السودان، من بينهم عنصر من الشرطة وآخر من مصلحة السجون، إضافة إلى ثلاثة جنود من الجيش الشعبي لتحرير السودان (SSPDF).
نزوح واسع وحالة هلع
أدت الأحداث إلى نزوح جماعي، غالبيتهم من النساء والأطفال، إلى الكنائس والمدارس ومراكز الإيواء المؤقتة. وأشارت شهادات ميدانية إلى أن إطلاق النار كان كثيفًا وعشوائيًا، ما تسبب في حالة من الذعر، وسط أنباء عن أطفال مفقودين وأسر مشتتة في القرى النائية التي انقطع التواصل معها.
جهود تنسيق انهارت في اللحظة الأخيرة
أكدت السلطات المحلية أن الهجوم الأوغندي جاء في وقت كانت تُجرى فيه ترتيبات لعقد اجتماع تنسيقي بين مسؤولي المقاطعتين الحدوديتين، بهدف تشكيل قوة مشتركة لحماية المدنيين. إلا أن تلك المبادرة انهارت قبل ساعات من الاجتماع المرتقب، بعد دخول القوات الأوغندية إلى المنطقة المتنازع عليها.
نداء إنساني وتحرك دبلوماسي
أطلق محافظ كاجو-كيجي، السيد واني جاكسون موليه، نداءً عاجلًا لتدخل المنظمات الإنسانية، قائلًا: “المنطقة تشهد انتشارًا عسكريًا كثيفًا، ما يجعل عودة السكان إلى منازلهم مستحيلة. الوضع الإنساني يتطلب استجابة عاجلة.”
وفي سياق احتواء الأزمة، أعلنت القوات المسلحة في جنوب السودان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار الفوري، إلى جانب تشكيل لجنة تحقيق مشتركة للنظر في ملابسات الحادث.
وقال اللواء لول رواي كوانق، المتحدث باسم الجيش الشعبي (SSPDF)، إن لجنة فنية مشتركة لترسيم الحدود ستتابع الملف، مشددًا على التزام بلاده بالحلول السلمية عبر القنوات الدبلوماسية.
خلفية النزاع: حدود غير محسومة وتحالفات هشة
رغم العلاقات الوثيقة التي جمعت البلدين خلال السنوات الأخيرة، خاصة في المجالين الأمني والعسكري، فإن ملف ترسيم الحدود لا يزال يشكل نقطة توتر دائمة، خصوصًا في مناطق متنازع عليها مثل نياينقا مودا.
يُذكر أن أوغندا كانت قد نشرت سابقًا قوات خاصة في جوبا وأجزاء من أعالي النيل بناءً على طلب حكومي، في إطار الترتيبات الأمنية الإقليمية. ومع ذلك، فإن الاشتباك الأخير قد يمثل نقطة تحول سلبية في العلاقات بين البلدين إذا لم يُعالج الخلاف الحدودي بشكل عاجل.
من المتوقع أن تستكمل اللجنة المشتركة لترسيم الحدود أعمالها بحلول عام 2027، وسط دعوات لتسريع آليات المراقبة ومنع تكرار الحوادث المماثلة.










