في خطوة مفاجئة اعتبرت الأبرز ضمن مسار العدالة الانتقالية في سوريا، أعلن النائب العام السوري، القاضي حسان التربة، في بيان رسمي، إحالة أربعة من كبار المسؤولين السابقين في عهد الرئيس بشار الأسد إلى قاضي التحقيق، وذلك لبدء التحقيقات معهم بتهم تتعلق بارتكاب “جرائم بحق الشعب السوري” خلال السنوات الماضية.
من هم المسؤولون المحالون إلى التحقيق؟
البيان الصادر عن النيابة العامة لم يفصح عن طبيعة الجرائم بالتفصيل، لكنه أشار إلى أن القرار يأتي بعد دراسة ملفات وبلاغات واردة من وزارة الداخلية، تتعلق بانتهاكات خطيرة لحقوق المواطنين خلال فترة الصراع، حيث تم تحريك دعوى الحق العام بناء على الضبوط والوثائق المقدمة.
والمسؤولون الأربعة المحالون إلى التحقيق هم:
عاطف نجيب – رئيس فرع الأمن السياسي في درعا سابقا، وواحد من أبرز الأسماء المرتبطة ببداية قمع الاحتجاجات الشعبية في 2011.
أحمد بدر الدين حسون – المفتي السابق للجمهورية، الذي ارتبط اسمه بخطابات مثيرة للجدل دافعت عن سياسات النظام وقمعت الانتقادات الدينية والمعارضة السلمية.
اللواء محمد الشعار – وزير الداخلية الأسبق، وكان له دور فعال في العمليات الأمنية والاعتقالات الجماعية خلال ذروة القمع الأمني.
إبراهيم الحويجة – مسؤول أمني رفيع في أحد فروع المخابرات، ورد اسمه في تقارير حقوقية عن إدارة مراكز احتجاز متورطة في التعذيب والانتهاكات.
خطوة نحو العدالة أم إعادة تموضع سياسي؟
إحالة هذه الشخصيات البارزة إلى التحقيق تعد تطورا لافتا في المشهد السياسي السوري، حيث يرى بعض المراقبين أنها خطوة رمزية تهدف إلى امتصاص الضغوط الشعبية والدولية، لا سيما مع تصاعد الحديث عن مبادرات داخلية للانفتاح على مسار “المصالحة الوطنية” وإعادة هيكلة الدولة بعد أكثر من عقد من النزاع.
في المقابل، يعتبرها آخرون بداية حقيقية لتحريك ملفات المساءلة القانونية، خاصة إذا ما ترافقت مع إجراءات شفافة وعلنية تتيح للضحايا وذويهم الاطلاع على مجريات التحقيق وتحقيق العدالة.
العدالة الانتقالية في سوريا: تحديات كثيرة
البيان القضائي أشار إلى أن هذه الإحالة تأتي “انطلاقا من تطبيق العدالة الانتقالية”، وهي عبارة استخدمتها الحكومة السورية للمرة الأولى بهذا الشكل الرسمي، في وقت لا تزال فيه آلاف الانتهاكات دون محاسبة، بحسب منظمات حقوقية محلية ودولية.
ويبقى مصير هذه القضية مرتبطا بتطورات سياسية وقضائية أوسع، وسط تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الخطوة مقدمة لمحاكمات فعلية، أم تحركا محسوبا ضمن ترتيبات داخلية تتعلق بإعادة ترتيب الأوراق داخل النظام.
ردود الفعل
حتى الآن، لم يصدر أي تعليق رسمي من المتهمين أو من عائلاتهم، كما لم تعلن السلطات عن توقيفهم أو تحديد موعد الجلسات القادمة. من جانبها، رحبت بعض الشخصيات المعارضة بالخطوة، لكنها دعت إلى تحويلها إلى مسار قضائي نزيه وشفاف تحت إشراف دولي لضمان استقلالية العدالة.










