هزت قصة يوسف اللباد، شاب سوري ينتمي للتيار السلفي، من أبناء حي القابون الدمشقي، متزوج وأب لثلاثة أطفال، توفي تحت التعذيب في معتقالت سلطة احمد الشرع، بعد اعتقاله من المسجد الأموي في دمشق يوم 29 يوليو 2025. القضية تعتبر أول حالة وفاة تحت التعذيب في عهد الحكومة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع.
الخلفية السياسية:
كان يوسف اللباد معارضالنظام بشار الأسد، وشارك في صفوف الجيش الحر في حيي القابون وبرزة قبل اتفاق المصالحة، وغادر سوريا إلى أوروبا (ألمانيا) كلاجئ لمدة 14 سنة تقريبا
العودة إلى سوريا
عاد يوسف إلى سوريا في 26 يوليو 2025، بعد أربعة أيام فقط من سقوط نظام بشار الأسد، وفاء بنذر قطعه على نفسه بالعودة والاعتكاف في المسجد الأموي. وصف ابن عمه بدر كزور عودته بالقول: “عاد ليفي بوعده أمام الله، وقضى نذره بالمبيت والاعتكاف في الجامع الأموي فور وصوله إلى أرض الشام”.
تفاصيل الحادثة
يوم الاعتقال – 29 يوليو 2025
اعتقل يوسف من داخل المسجد الأموي في دمشق على يد دورية تابعة للأمن الداخلي. تختلف الروايات حول سبب الاعتقال، اعتقل بعد رفضه مغادرة المسجد عندما طلب منه ذلك، ثم حدثت مشادة كلامية مع عناصر الأمن أثناء زيارته للمسجد، وتم نقله إلى فرع مخفر الحميدية التابع لجهاز الأمن الداخلي
الرواية الرسمية:
أوضح قائد الأمن الداخلي في دمشق، العميد أسامة محمد خير عاتكة، أن يوسف “دخل المسجد الأموي وهو في حالة من عدم الاتزان وبدأ يتفوه بعبارات غير مفهومة كما وثقت كاميرات المراقبة داخل المسجد”.
الوفاة والاتهامات
توفي يوسف اللباد يوم 30 يوليو 2025، أي بعد يوم واحد من اعتقاله وبعد يومين فقط من عودته إلى سوريا. تم تسليم جثمانه إلى العائلة في مشفى المجتهد بدمشق.
رواية العائلة
اتهمت سندس عثمان، زوجة يوسف، جهاز الأمن العام بالتسبب في وفاته تحت التعذيب. قالت عبر فيسبوك: “زوجي ما صرله غير يومين راجع عالبلد، اللي على أساس صار فيها أمان. أنا بطالب بحق زوجي وحق أولادي”.
وأضافت: “جثمانه كان مغطى بآثار تعذيب واضحة”، مطالبة “بكشف الحقيقة ومحاسبة الجناة”.
كما وصف بدر كزور، ابن عمة يوسف، الحادثة قائلا: “فجعنا بخبر وفاته بعد أن غلب جسده الذي أنهكته سنوات التهجير وأبشع صور التعذيب الجسدي والتنكيل التي اعتدنا رؤيتها منذ عام 2011”.
الرواية الرسمية
زعم العميد عاتكة أن يوسف “أقدم على إيذاء نفسه بشكل عنيف عبر ضرب رأسه بأجسام صلبة، ما تسبب له بإصابات بالغة. وقد تم الاتصال بالإسعاف على الفور، إلا أنه فارق الحياة رغم محاولة إسعافه”.
ةتعهد أنس خطاب، وزير الداخلية، بإجراء “تحقيقات نزيهة وعاجلة”، مؤكدا أنه “في حال ثبوت تورط أي من عناصر حرس المسجد الأموي أو عناصر الأمن في المنطقة بوفاة الشاب يوسف اللباد، سيتم اتخاذ أشد الإجراءات القانونية بحقهم دون أي تهاون”.
وأعرب مظهر الويس، وزير العدل، عن “تفهمه للغضب الذي يبديه المواطنون”، مؤكدا “التزام القضاء بضمان تحقيق العدالة بكل نزاهة وحيادية”.
غضب شعبي من تكرار مشاهد التعذيب
أثارت القضية موجة استنكار واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، مع مطالبات بـ”إجراء تحقيق شفاف” وكشف الحقيقة.
وجرى في حي القابون اجتماع ضم وجهاء من الحي وأسرة الفقيد، ووفدا رفيع المستوى من وزارة الداخلية، حيث قدمت التعازي للعائلة وأعلن عن استمرار التحقيقات.
ووصف الصحافي السوري خالد سرحان ما جرى بأنه “وصمة عار”، مضيفا أن “السكوت عن جرائم من هذا النوع ستكون له تبعات كارثية على مستقبل المرحلة الانتقالية في سورية”.
وقال الصحافي السوري باسل حوى: “شاب سوري عاد من ألمانيا في زيارة قصيرة إلى دمشق، وانتهت حياته بعد أن قتل تحت التعذيب. الدولة الجديدة مطالبة بموقف واضح وصريح تجاه هذه الجريمة”.
استمرار ممارسات التعذيب
تأتي هذه القضية في سياق استمرار حالات الاعتقال التعسفي والتعذيب في سوريا رغم تغيير النظام. وفقا لتقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، تم توثيق 658 حالة اعتقال تعسفي/احتجاز في النصف الأول من 2025، منها 192 حالة على يد الحكومة الانتقالية.
وسجل نفس التقرير 17 ضحية بسبب التعذيب في النصف الأول من 2025، مما يؤكد استمرار هذه الممارسة رغم الوعود بالإصلاح.










