شرعت النيابة العامة الأردنية، خلال الأسبوع الجاري، في استدعاء عدد من الأشخاص المشتبه في تسترهم على أملاك تابعة لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة، في إطار إجراءات قانونية موسعة تهدف إلى تطبيق قرار الحظر الصادر في أبريل الماضي.
وأفاد مصدر مطلع لوكالة الأنباء الأردنية “بترا” بأن عدداً من الأشخاص تقدموا إلى لجنة الحل بإقرارات تفيد بعدم ملكيتهم لأموال منقولة وغير منقولة، واعترفوا بأنهم يحتفظون بها للجماعة، وقد تمت التسوية، وآلت إلى صندوق دعم الجمعيات التابع لوزارة التنمية الاجتماعية.
تفاصيل الإجراءات القانونية الجارية
كانت لجنة حل الجماعة التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية قد منحت المتسترين على أملاك الجماعة مهلة شهر واحد انتهت في 14 يونيو الماضي لتسوية أوضاعهم، قبل إحالة الملف إلى القضاء.
وكشف المصدر عن حالات متنوعة من التستر، شملت:
- شركاء في حصص أراض وعقارات أقروا بأنهم ليسوا الملاك الأصليين، وإنما احتفظوا بها بطلب من الجماعة المحظورة، بينما تعنت ورفض شركاء آخرون الاعتراف وأصروا على ملكيتهم للأموال
- مفوضون بالتوقيع على حساب بنكي مشترك بإحدى المحافظات أقروا بأن الأموال التي كانوا يحتفظون بها ليست لهم، وإنما للجماعة المحظورة، وتم نقل تلك الأموال إلى صندوق دعم الجمعيات وفق الإجراءات القانونية
التهديد بعقوبات جنائية صارمة
حذرت السلطات الأردنية من أن كل متستر على أملاك الجماعة سيُعرض نفسه للمساءلة القانونية بتهم غسل الأموال وإساءة الائتمان، وتهم أخرى في حال رفضه الإقرار بالحقيقة وبعد مواجهته بالأدلة، ومنها الخبرة والتحليل المالي.
ووفقاً للقانون الأردني، فإن جريمة إساءة الائتمان تحمل عقوبات تتراوح بين الحبس من شهرين إلى سنتين مع غرامة تتراوح بين 10 إلى 100 دينار أردني في صورتها العادية، بينما تُشدد العقوبة إلى السجن لمدة سنتين إلى ثلاث سنوات إذا كان مرتكبها مدير مؤسسة خيرية أو شخص مسؤول عن أعمالها.
أما بخصوص تهم غسل الأموال، فقد نص قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الأردني رقم 20 لسنة 2021 على عقوبات صارمة تشمل السجن والغرامات المالية الكبيرة.
الأساس القانوني لإجراءات الحل
تستند لجنة الحل في إجراءاتها إلى قرار محكمة التمييز الأردنية الصادر في 10 فبراير 2020، والذي قضى بأن جمعية جماعة الإخوان المسلمين التي تأسست عام 1946 تُعد منحلة حُكماً منذ 16 يونيو 1953، وذلك تطبيقاً لأحكام المادة 12 من قانون الجمعيات الخيرية رقم 36 لسنة 1953.
وأوضح أمين عام وزارة التنمية الاجتماعية ورئيس لجنة الحل، الدكتور برق الضمور، أن أموال الجمعية المنحلة ستؤول إلى صندوق دعم الجمعيات، استناداً إلى المادة 25 من قانون الجمعيات، وذلك لعدم وجود نص في النظام الأساسي للجمعية يحدد أيلولة الأموال.
صندوق دعم الجمعيات: الوجهة النهائية للأموال
ينص قانون الجمعيات الأردني رقم 51 لسنة 2008 في المادة 25 على أن موجودات الجمعية المنحلة تؤول إلى الجهة التي يحددها نظامها الأساسي، وإذا لم يحدد النظام الأساسي مصير الموجودات أو تعذر إيلولتها إلى الجهة المحددة، فتؤول تلك الموجودات إلى الصندوق.
ويتمتع صندوق دعم الجمعيات، الذي نشأ عام 2011، باستقلال مالي وإداري ويهدف إلى دعم الجمعيات الخيرية المرخصة لدى الوزارة، ويحق له تملك الأموال المنقولة وغير المنقولة.
خلفية قرار الحظر
أعلن وزير الداخلية الأردني مازن الفراية في 23 أبريل 2025 حظر جميع نشاطات جماعة الإخوان المسلمين واعتبارها “جمعية غير مشروعة”، مع تسريع عمل لجنة الحل المكلفة بمصادرة ممتلكات الجماعة.
جاء قرار الحظر بعد إعلان السلطات الأردنية عن القبض على 16 متهماً بضلوعهم في “مخططات كانت تهدف إلى المساس بالأمن الوطني وإثارة الفوضى والتخريب المادي داخل المملكة”، حيث أشارت التحقيقات إلى تورط أعضاء من الجماعة في تصنيع المتفجرات وتخزين الأسلحة والتدريب في الخارج.
التطورات الأخيرة في الملاحقات
تواصل السلطات الأردنية توسيع نطاق إجراءاتها ضد ما تصفه بـ”الواجهات المالية” للجماعة المحظورة. وأعلنت في يوليو 2025 عن اتخاذ إجراءات قانونية بحق جمعيات وشركات تُعد واجهات لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة، بما في ذلك إحالة ثلاث جمعيات خيرية إلى النائب العام بسبب “تجاوزات إدارية وجمع تبرعات بشكل غير مشروع”.
الأبعاد القانونية والاجتماعية
تمثل هذه الإجراءات منعطفاً حاسماً في التعامل مع ملف الجماعة في الأردن، حيث تهدف السلطات إلى تفكيك البنية المالية للتنظيم بشكل كامل. ويرى مراقبون أن الحكومة الأردنية تمضي في تطبيق قرار الحظر دون تراجع، مع التركيز على ضمان عدم استمرار أي أنشطة مالية أو تنظيمية للجماعة.
وتؤكد هذه التطورات على جدية الحكومة الأردنية في تطبيق القانون وحماية الأمن الوطني، وسط دعوات متزايدة لضرورة الفصل الواضح بين أي ارتباطات مع الجماعة المحظورة والعمل السياسي المشروع في المملكة.










