في مشهد أثار الكثير من التساؤلات والجدل، نظمت الحركة الاسلامية فرع الاخوان المسلمين في إسرائيل، وهم يحملون الأعلام الإسرائيلية، يوم الخميس 31 يوليو 2025، تظاهرة أمام السفارة المصرية في تل أبيب، للمطالبة بما وصفوه بـ”رفع الحصار المصري عن قطاع غزة”.
حضور قيادات بارزة من “إخوان إسرائيل”
وشهدت التظاهرة مشاركة شخصيات بارزة من الحركة، أبرزهم الشيخ رائد صلاح، زعيم الجناح الشمالي للحركة الإسلامية في إسرائيل، وكمال الخطيب، الذي ظهر وهو يلوح بالعلم الإسرائيلي بينما يحمل مصر مسؤولية مقتل “60 ألف فلسطيني في غزة”، بحسب تعبيره.
في خطوة وصفت بالمفارقة السياسية، هاجم قادة التظاهرة القاهرة، متهمينها بالمسؤولية عن حصار قطاع غزة، متجاهلين في الوقت نفسه الحصار الإسرائيلي المفروض منذ أكثر من 17 عاما، بما في ذلك منع دخول المساعدات الإنسانية والمواد الأساسية للقطاع، وشن حرب متواصلة منذ أكتوبر 2023 أودت بحياة أكثر من 38 ألف فلسطيني.

تقاطع مثير بين خطاب الإخوان والإعلام الإسرائيلي
التظاهرة، التي أثارت ردود فعل واسعة، نالت تغطية مشيدة من وسائل الإعلام العبرية، حيث كتبت صحيفة “هآرتس” أن نشطاء من اليهود شاركوا في الاحتجاج، معتبرة أن الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني “تبنت موقفا مسؤولا” من خلال الضغط على مصر.
ورأى مراقبون أن هذا التحرك يمثل تقاطعا غير مألوف بين خطاب جماعة الإخوان المسلمين في الداخل الفلسطيني، وخطاب الإعلام الإسرائيلي الذي يسعى منذ أشهر إلى تحميل مصر مسؤولية الأزمة الإنسانية في غزة، رغم الدور المصري المحوري في الوساطة وفتح معبر رفح جزئيا لنقل المساعدات.

جذور الحركة الإسلامية في إسرائيل
تأسست الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني عام 1972 على يد الشيخ عبد الله نمر درويش في كفر قاسم، متأثرة بأفكار الإخوان المسلمين. ومع مرور الوقت، انقسمت الحركة إلى جناحين:
الجناح الجنوبي بقيادة منصور عباس، اختار المشاركة في الحياة السياسية الإسرائيلية وانضم للكنيست.
الجناح الشمالي بقيادة رائد صلاح، تم حظره عام 2015 واعتبر “تنظيما غير مشروع” من قبل الحكومة الإسرائيلية.

ورغم الحظر، تواصل شخصيات الجناح الشمالي أنشطتها عبر المؤسسات والمناسبات السياسية، مروجة لخطاب يتقاطع مع بعض روايات الدولة العبرية، لا سيما في ما يتعلق بمهاجمة مصر والدول العربية.
انتقادات لاذعة وتحذيرات من “تحوير البوصلة”
واعتبر محللون أن هذه التظاهرة تمثل تحويرا للبوصلة السياسية والأخلاقية، حيث تتجاهل الحركة الإسلامية واقع الاحتلال والحصار الإسرائيلي وتلجأ إلى تحميل المسؤولية للطرف المصري الذي يواجه بدوره ضغوطا أمنية وإنسانية كبرى.

ويخشى مراقبون من أن هذا النمط الجديد من الخطاب – الذي يتماهى مع روايات الحكومة الإسرائيلية – قد يفتح الباب أمام محاولات تطبيع جديدة مقنعة، تضعف وحدة الموقف الفلسطيني وتشوش على الرأي العام العربي والدولي.

التظاهرة أمام السفارة المصرية في تل أبيب، والتي قادتها شخصيات من “الحركة الإسلامية في إسرائيل” تحت رايات إسرائيلية، لم تكن مجرد احتجاج سياسي، بل شكلت لحظة فارقة كشفت عن مدى التشابك الأيديولوجي والسياسي بين بعض تيارات الإسلام السياسي في الداخل الفلسطيني ورواية الإعلام الإسرائيلي الرسمية. مشهد يعيد طرح الأسئلة حول الدور الحقيقي الذي تلعبه هذه الجهات، وأولوياتها في زمن تكتب فيه مآسي غزة بالدم والدمار.










