تستعد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لنقل عمليات القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) إلى مدينة بربرة الواقعة في إقليم صوماليلاند، وذلك بحلول أوائل عام 2026، في خطوة تهدف إلى تخفيف الضغط عن القاعدة الأمريكية في جيبوتي، التي تشهد ازدحامًا متزايدًا. وبحسب مصادر إعلامية وتقارير عسكرية، يأتي هذا التحول في إطار استراتيجية أمريكية جديدة لتعزيز حضورها العسكري عند تقاطع البحر الأحمر، وخليج عدن، والمحيط الهندي.
موقع استراتيجي حيوي
تتمتع بربرة بموقع جغرافي استثنائي عند مدخل مضيق باب المندب، أحد أهم الممرات البحرية في العالم. وتوفر المدينة الساحلية منفذًا مباشرًا على طرق التجارة الدولية، مما يجعلها موقعًا جذابًا من الناحية العسكرية واللوجستية. كما يضم مطار بربرة أحد أطول المدارج في أفريقيا، وهو قادر على استقبال الطائرات الحربية الثقيلة وطائرات الاستطلاع.
عرض من صوماليلاند مقابل الاعتراف
في هذا السياق، يسعى رئيس صوماليلاند، عبدالرحمن محمد عبدالله “عرو”، إلى إقناع واشنطن بإقامة قاعدة عسكرية دائمة في بربرة، مقابل دعم أمريكي للاعتراف الدولي بالكيان الانفصالي. وقال عرو في مقابلة مع بلومبيرغ: “إذا كانت الولايات المتحدة مهتمة بالتواجد في صوماليلاند، فهي موضع ترحيب”.
العرض الصوماليلاندي لا يقتصر على الأرض فقط، بل يشمل أيضًا حقوق التنقيب عن معادن استراتيجية، على رأسها الليثيوم، إضافة إلى الوصول الكامل إلى ميناء بربرة، الذي تديره حاليًا شركة موانئ دبي العالمية بموجب استثمار إماراتي ضخم يبلغ 442 مليون دولار، فضلاً عن استخدام المطار العسكري للمنطقة.
مناقشات داخلية أمريكية وتضارب المواقف
تشير تقارير إلى أن هناك محادثات أولية بين إدارة ترامب وقادة صوماليلاند بشأن إمكانية التوصل إلى “اعتراف جزئي” مقابل إقامة القاعدة. ومع ذلك، أكدت مصادر أمريكية أن هذه المحادثات لا تزال في مراحلها التمهيدية، ووصفها أحد المسؤولين بأنها “بدايات محادثة” وليست اتفاقًا نهائيًا.
لكن موقف وزارة الخارجية الأمريكية الرسمي لا يزال يعارض الاعتراف بأي كيان منفصل عن الصومال، مؤكدة دعمها لـ”صومال واحد موحد”. هذا التناقض بين الاعتبارات العسكرية والالتزامات الدبلوماسية يخلق مأزقًا معقدًا في دوائر صنع القرار الأمريكية.
منافسة صومالية داخلية وإقليمية
في مواجهة تحركات صوماليلاند، قدمت الحكومة الفيدرالية في مقديشو عرضًا منافسًا لواشنطن، يتضمن منح سيطرة حصرية على قواعد جوية وموانئ استراتيجية، بما في ذلك ميناء بوصاصو وميناء بربرة نفسه. هذا التنافس يضع الولايات المتحدة في موقف دقيق بين حليف معترف به دوليًا وإقليم يتمتع بأهمية استراتيجية وعرض مغرٍ.
من جهة أخرى، يعقّد التنافس الإقليمي والدولي الصورة أكثر. فالصين تملك قاعدة عسكرية نشطة في جيبوتي منذ عام 2017، وتستثمر بكثافة في مشاريع البنية التحتية بالقارة. تسعى واشنطن، من خلال هذا التحرك، إلى كبح التمدد الصيني في القرن الأفريقي، واستعادة النفوذ العسكري والاقتصادي في المنطقة.
تحديات مستقبلية وواقع سياسي معقد
رغم أهمية بربرة ومغريات العرض، فإن تنفيذ هذه الخطوة لا يزال محفوفًا بتحديات سياسية وقانونية كبيرة. تعارض مقديشو بشدة أي تحرك أمريكي للاعتراف بصوماليلاند، وقد حذرت من أن أي اتفاق من هذا النوع سيُعد انتهاكًا للسيادة الوطنية.
كما ترفض دول مثل مصر وتركيا، إلى جانب الاتحاد الأفريقي، الاعتراف بالكيانات الانفصالية في القارة، خشية فتح الباب أمام مطالب مماثلة في دول أخرى. هذا الموقف الإقليمي والدولي قد يُعقد أي خطوة أمريكية تجاه إقامة شراكة رسمية مع صوماليلاند.










