كشفت دورية “آفريكا إنتلجنس” الاستخباراتية المرموقة، في تقرير خاص، عن تفاصيل زيارة وفد أمني إثيوبي رفيع إلى مدينة بورتسودان مطلع يونيو/حزيران الماضي، ضم مدير المخابرات الإثيوبي رضوان حسين، وغيتاشو رضا، مستشار رئيس الوزراء آبي أحمد لشؤون شرق أفريقيا.
ووفقا للتقرير، التقى الوفد الإثيوبي كلا من رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، ومدير جهاز المخابرات العامة الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل، حيث سلمت رسالة رسمية موقعة من رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، تتضمن طلبا مباشرا من الخرطوم بالتزام الحياد في حال اندلاع صراع عسكري بين أديس أبابا من جهة، وكل من إريتريا وجبهة تحرير تيغراي من الجهة المقابلة.
كما طلبت إثيوبيا من السودان، بحسب الرسالة، عدم السماح باستخدام منطقة الفشقة الحدودية كقاعدة لوجستية لدعم التحركات العسكرية لجبهة تيغراي أو لإريتريا.
فتور سوداني وامتعاض دبلوماسي
بحسب ما نقلته “آفريكا إنتلجنس”، لم يظهر البرهان تجاوبا مع الطلب الإثيوبي، بل عبر عن امتعاضه – بشكل غير مباشر – من سياسات آبي أحمد، في إشارة إلى سلسلة من التوترات المتراكمة، أبرزها استقبال الأخير لزعيم قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” في أديس أبابا في ديسمبر/كانون الأول 2023.
واعتبرت القيادة السودانية ذلك اللقاء شرعنة سياسية لقوات متمردة، ولا سيما أن الزيارة جاءت في ظل تصاعد النزاع الدموي داخل السودان، وما تسببت به قوات الدعم السريع من انتهاكات جسيمة، وفق توثيقات حقوقية ودولية.
كما أشار التقرير إلى أن إعلان إثيوبيا عن تدشين سد النهضة بشكل رسمي في سبتمبر 2025 فسر في الخرطوم كخطوة استفزازية متعمدة، في ظل استمرار الخلافات حول المشروع المائي الضخم وتأثيره على حقوق السودان المائية في نهر النيل.
دلالات سياسية في الصياغة الإعلامية الإثيوبية
رغم أن مدير المخابرات الإثيوبي غرد عبر حسابه الرسمي حول الزيارة، فإن الدورية الاستخباراتية لاحظت تفاصيل ذات دلالة في صياغة منشوره، حيث تعمد تجاهل الألقاب الرسمية لرئيس مجلس السيادة السوداني ورفاقه، مكتفيا بالإشارة إلى البرهان بـ”الجنرال البرهان”، دون ذكر منصبه الرسمي أو استخدام أي صفة دبلوماسية تجاه الفريق أول مفضل.
ويرى مراقبون أن هذه الصيغة تعكس استياء إثيوبيا من فشل الزيارة في تحقيق أهدافها، كما تعكس توترا متصاعدا في العلاقات الثنائية بين الخرطوم وأديس أبابا، في ظل تنامي الهواجس السودانية من تحركات إثيوبيا الإقليمية، سواء فيما يتعلق بدعم غير مباشر لقوات الدعم السريع، أو محاولات إعادة صياغة التوازنات الأمنية في منطقة شرق أفريقيا.
خلفية النزاع الإقليمي
تشير المعطيات إلى أن إثيوبيا تستعد لاحتمالات تصعيد عسكري جديد مع كل من جبهة تحرير تيغراي وإريتريا، في ظل هشاشة الاتفاقات السابقة، واستمرار التوترات الداخلية في إقليم تيغراي. وتخشى أديس أبابا من أن يشكل الحدود السودانية مرتكزا لوجستيا لأي تحالف عسكري معاد لها، ما دفعها لمحاولة انتزاع تعهد سياسي وعسكري واضح من الخرطوم.










