أفادت شبكة بلومبرغ، نقلا عن مصادر مطلعة، بأن مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) حذف اسم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من وثائق تتعلق بتحقيقات في قضية الملياردير الراحل جيفري إبستين، قبل أن يقرر لاحقا وقف نشر باقي الملفات للعامة، معتبرا أن ذلك “غير مناسب أو مبرر”.
وبحسب التقرير، فإن فريق قانون حرية المعلومات داخل الـFBI، وهو المسؤول عن مراجعة الوثائق قبل الإفراج عنها، حجب اسم ترامب إلى جانب شخصيات عامة بارزة أخرى، مستندا إلى استثناءات قانونية تحمي “الخصوصية الشخصية”، خاصة وأن ترامب كان مواطنا عاديا وقت بدء التحقيق الفيدرالي في إبستين عام 2006.
مراجعة ضخمة ونتائج محدودة
أجرى مكتب التحقيقات مراجعة لما يزيد على 100 ألف صفحة من الوثائق المتعلقة بإبستين، لكن لم ينشر منها سوى أقل من 1000 صفحة، معظمها منقح بشكل كبير، ما أثار انتقادات حادة ودعوات للشفافية.
وبينما أكد مسؤولون أن ورود أسماء في الملفات لا يعد إثباتا على ارتكاب مخالفات، إلا أن حذف الأسماء أثار غضبا واسعا، خصوصا لدى مؤيدي ترامب، الذين كانوا يأملون بكشف واسع النطاق في إطار حملة يروج لها باعتبارها خطوة لـ”كشف الحقيقة” حول قضية إبستين.
تضارب في القرار… واستقالات داخلية
وكشف التقرير عن خلاف داخلي في الـFBI حول القرار، إذ عارض كبار المسؤولين في قسم السجلات والإفراج عن المعلومات (RIDS) توجيهات البيت الأبيض ووزارة العدل بنشر ملفات محررة، واعتبروا أن إخفاء بعض الأسماء —ومنها ترامب— يتناقض مع مبدأ الشفافية المعلن. وأجبر رئيس القسم، مايكل سيدل، على التقاعد أو مواجهة الفصل.
استثناءات الخصوصية… سيف ذو حدين
استند المكتب إلى استثناءين رئيسيين في قانون حرية المعلومات:
الاستثناء 6: يمنع الإفصاح عن معلومات إذا تسببت بـ”انتهاك واضح وغير مبرر للخصوصية الشخصية”.
الاستثناء 7(ج): يمنع الكشف عن معلومات متعلقة بإنفاذ القانون إذا كان من المتوقع أن يؤدي ذلك لانتهاك غير مبرر للخصوصية.
هذه الاستثناءات تستخدم غالبا لحماية المواطنين العاديين، لكن استخدامها لحجب معلومات عن شخصية عامة كرئيس سابق أثار تساؤلات حول توازن الخصوصية والمصلحة العامة.
ردود فعل غاضبة
بعد إعلان وزارة العدل ومكتب التحقيقات، في بيان مشترك بتاريخ 8 يوليو، عن عدم نية الإفراج عن مزيد من الوثائق، تصاعد الغضب في أوساط اليمين الأمريكي، لا سيما بين مؤيدي ترامب الذين كانوا ينتظرون كشفا واسعا قد يوظف سياسيا ضد خصومه أو يبرئه من الشبهات.
اتهم البعض، مثل المدون جو روغان، الإدارة بـ”التستر المتعمد”، بينما حمل آخرون ترامب نفسه مسؤولية ما وصفوه بـ”الفشل في تنفيذ وعوده بالشفافية”.
وتعرضت بام بوندي، التي قادت حملة الإفراج عن الوثائق، لانتقادات شديدة بعد أن تبين أن ما سلم للإعلام كان في أغلبه معلومات منشورة سابقا.
إلى أين تتجه القضية؟
في ظل الضغوط السياسية من اليمين المطالب بالكشف الكامل، والقيود القانونية التي تمنع ذلك دون موافقة الأطراف المعنية أو صدور حكم قضائي، تبدو إزالة اسم ترامب من ملفات إبستين قرارا يصعب الطعن فيه في الوقت الراهن.
إلا أن هناك احتمالين يفتحان بابا مستقبليا أمام الكشف الكامل موافقة ترامب طوعا على التنازل عن خصوصيته، ورفع الحماية القانونية بعد وفاة المعنيين بالملفات، حيث تزول بعض حقوق الخصوصية بموجب القانون الأمريكي.










