في تطور مدوٍ يهز المجتمع الدولي، أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش المرموقة تقريراً متفجراً يوم الجمعة 1 أغسطس 2025، تتهم فيه إسرائيل بارتكاب “جرائم حرب” و“جرائم ضد الإنسانية” و“أعمال إبادة جماعية” ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة. التقرير، الذي يحمل عنوان “غزة: قتل إسرائيل لفلسطينيين يحاولون الحصول على طعام جريمة حرب”، يكشف بالتفصيل كيف حولت القوات الإسرائيلية والمقاولون الأمريكيون نظام توزيع المساعدات الإنسانية إلى “حمام دم منتظم” أودى بحياة 1373 فلسطينياً كانوا يبحثون عن الطعام لإنقاذ حياتهم وحياة عائلاتهم.
تفاصيل التقرير الصادم: أرقام ترسم صورة مأساوية
إحصائيات الرعب: 1373 قتيلاً في البحث عن الطعام
يكشف تقرير هيومن رايتس ووتش عن أرقام مرعبة تجسد حجم المأساة الإنسانية في غزة. فمنذ 27 مايو 2025 وحتى 31 يوليو 2025، قُتل 1373 فلسطينياً أثناء محاولتهم الحصول على الطعام، وفقاً لإحصائيات مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان. هذه الأرقام تنقسم إلى:
859 فلسطينياً قتلوا بالقرب من مواقع مؤسسة غزة الإنسانية الأربعة
514 فلسطينياً قتلوا على طول مسارات قوافل الغذاء
حوادث قتل جماعي تحدث بشكل شبه يومي في مراكز التوزيع
بالإضافة إلى ذلك، أكدت وزارة الصحة في غزة وفاة 154 شخصاً من الجوع وسوء التغذية، 89 منهم أطفال، مما يعكس فداحة الكارثة الإنسانية المستمرة.
الاتهامات الرئيسية: من المساعدات إلى الإبادة
صنفت هيومن رايتس ووتش الأفعال الإسرائيلية في أربع فئات من الجرائم الدولية:
جرائم الحرب: استخدام القوة المميتة ضد المدنيين الباحثين عن الطعام، في انتهاك صريح للقانون الدولي الإنساني الذي يحظر استهداف المدنيين.
جرائم ضد الإنسانية: الحرمان المتعمد والمنهجي من المساعدات الإنسانية والخدمات الأساسية، والذي يرقى إلى مستوى جريمة الإبادة كجريمة ضد الإنسانية.
أعمال الإبادة الجماعية: خلق ظروف معيشية “مصممة لإلحاق التدمير المادي بالفلسطينيين في غزة كلياً أو جزئياً”، وفقاً لتعريف اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948.
استخدام التجويع كسلاح حرب: والذي يُعتبر جريمة حرب واضحة بموجب القانون الدولي، حيث فرضت إسرائيل حصاراً شاملاً على القطاع منذ مارس 2025.
مؤسسة غزة الإنسانية: النظام القاتل المدعوم أمريكياً
التأسيس والهيكل التنظيمي
مؤسسة غزة الإنسانية (Gaza Humanitarian Foundation – GHF) هي منظمة أمريكية مسجلة في ولاية ديلاوير، تأسست في فبراير 2025 بدعم مباشر من إدارة دونالد ترامب والحكومة الإسرائيلية. تدير المؤسسة شركتان أمريكيتان من القطاع الخاص:
Safe Reach Solutions (SRS): المسؤولة عن العمليات اللوجستية
UG Solutions: المسؤولة عن الأمن المسلح والحماية
هذا النظام يعمل بالتنسيق الوثيق مع الجيش الإسرائيلي، مما يجعله عملياً نظاماً عسكرياً مدنياً مختلطاً يخضع للسيطرة الإسرائيلية المباشرة.
التمويل الأمريكي المثير للجدل
في 26 يونيو 2025، أعلنت الحكومة الأمريكية تخصيص 30 مليون دولار لمؤسسة غزة الإنسانية، وهو مبلغ تم تحويله “بتجاوز الموافقات الكونغرسية” من قبل إدارة ترامب. هذا التمويل المباشر، وفقاً لهيومن رايتس ووتش، يجعل الولايات المتحدة متواطئة مباشرة في الانتهاكات والجرائم المرتكبة في مراكز التوزيع.
المواقع العسكرية والقدرة المحدودة
تشغل المؤسسة أربعة مراكز توزيع تقع جميعها في مناطق عسكرية محاطة بالنقاط العسكرية الإسرائيلية:
ثلاثة مراكز في رفح ضمن منطقتي “فيلادلفيا” و”موراج”
مركز واحد في ممر نتساريم وسط غزة
رغم الادعاءات بتحسين الوضع الإنساني، فإن النظام يوفر فقط 60 شاحنة طعام يومياً مقارنة بـ600 شاحنة يومياً كانت تدخل تحت إشراف الأمم المتحدة خلال فترات وقف إطلاق النار.
شهادات الشهود: أدلة موثقة على الجرائم الجماعية
شهادة المقدم الأمريكي أنتوني أغيلار
تُعتبر شهادة أنتوني بيلي أغيلار، المقدم المتقاعد في القوات الخاصة الأمريكية، من أقوى الأدلة على الطبيعة الإجرامية للعمليات. عمل أغيلار كمتعاقد أمني مع UG Solutions وقدم شهادة مفصلة ومصورة بالفيديو عن العمليات داخل مراكز التوزيع.
وصف أغيلار حادثة صادمة طُلب منه فيها إصدار أمر لإطلاق النار على ثلاثة أطفال عُزل رفعهم شخص بالغ على حاجز لتجنب الدهس. عندما رفض إصدار الأمر، هدده القائد الإسرائيلي قائلاً: “قل لرجالك أن يطلقوا النار عليهم الآن أو سنطلق نحن النار عليهم”.
كما وصف أغيلار الوضع بقوله: “كنا مجرد سياح بأسلحة. كان الأمر سخيفاً”، في إشارة إلى كيفية دخول المقاولين الأمريكيين إلى إسرائيل بتأشيرات سياحة B2 للعمل كمرتزقة مسلحين.
شهادات الضحايا الفلسطينيين
وثقت هيومن رايتس ووتش شهادات 6 شهود فلسطينيين عايشوا العنف المباشر في مراكز التوزيع. هذه الشهادات تكشف عن:
قتل الأشقاء أمام أعين العائلات: روى أحد الشهود كيف قُتل شقيقه برصاصة في الرأس قرب مدخل الموقع رقم 4
إطلاق نار عشوائي: وصف شهود آخرون كيف “يتم إطلاق النار على الناس في الساق والذراع والرأس” داخل مواقع التوزيع نفسها
استهداف مقصود: تأكيدات على أن إطلاق النار لم يكن عشوائياً بل مستهدفاً ومقصوداً
الأدلة الطبية والإنسانية
قدمت المنظمات الطبية الدولية أدلة إضافية مدمرة:
أطباء بلا حدود: أكدت “ارتفاعاً حاداً في عدد المرضى المصابين بجروح الرصاص” مع توسع عمليات توزيع مؤسسة غزة الإنسانية.
اللجنة الدولية للصليب الأحمر: وثقت في 8 يوليو “ارتفاعاً حاداً في حوادث الإصابات الجماعية المرتبطة بمواقع توزيع المساعدات”، مشيرة إلى علاج فريقها الطبي لأكثر من 2200 مريض جريح بالأسلحة وتسجيل أكثر من 200 حالة وفاة.
الدكتور نيك مينارد: الطبيب البريطاني الذي عمل في غزة أكد وجود “ارتفاع في إصابات الرصاص” مع زيادة عمليات التوزيع. معظم المصابين كانوا “مراهقين بإصابات رصاص في البطن والرقبة والرأس أو الفخذ”.
التجويع كسلاح إبادة: استراتيجية إسرائيلية ممنهجة
الحصار الشامل وخلق المجاعة
أكدت هيومن رايتس ووتش أن “التدهور الحاد في الوضع الإنساني في غزة هو نتيجة مباشرة لاستخدام إسرائيل لتجويع المدنيين كسلاح حرب، وهو عمل يشكل جريمة حرب”. هذا الاستنتاج يستند إلى:
فرض حصار شامل على القطاع منذ مارس 2025
قطع إمدادات المياه والكهرباء بشكل متعمد
منع دخول الأدوية والمعدات الطبية الأساسية
تدمير البنية التحتية للمياه والصرف الصحي
إحصائيات المجاعة الكارثية
الأرقام الرسمية تكشف عن كارثة إنسانية لا تُصدق:
154 شخصاً ماتوا بسبب سوء التغذية، 89 منهم أطفال
التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC): أعلن في 29 يوليو أن “السيناريو الأسوأ للمجاعة يتكشف حالياً في قطاع غزة”
الأمم المتحدة: أعلنت أن “غزة هو المكان الأكثر جوعاً على الأرض”
هذه الأرقام، وفقاً للتقرير، تُظهر أن إسرائيل تستخدم الجوع والعطش كأسلحة حرب لإخضاع السكان المدنيين أو إفنائهم.
الاستهداف المنهجي: تكتيكات القتل الإسرائيلية
أوامر عسكرية صريحة لقتل العُزل
في كشف صادم، نقلت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية عن ضباط وجنود إسرائيليين أنهم “أُمروا بإطلاق النار على حشود عُزل قرب نقاط توزيع الطعام في غزة، حتى عندما لم يكن هناك تهديد”. هذه التقارير تؤكد الطبيعة المتعمدة والمنهجية للقتل وليس كونه مجرد “دفاع عن النفس” كما تدعي إسرائيل.
المبررات الإسرائيلية المُضللة
تستخدم القوات الإسرائيلية مبررات متكررة ومُضللة لتبرير القتل:
“طلقات تحذيرية”: رغم أنها تقتل وتجرح المدنيين بانتظام
ادعاءات “التهديد”: دون تقديم أي أدلة على وجود تهديد فعلي
“السيطرة على الحشود”: كذريعة لاستخدام القوة المميتة ضد الجائعين
هذه المبررات، وفقاً للتقرير، لا تتماشى مع الأدلة المتوفرة والشهادات المجمعة من الميدان.
ردود الفعل الدولية: تأكيد وإدانة واسعة
موقف الأمم المتحدة: تأكيد شامل للاتهامات
أكد مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان جميع الأرقام الواردة في تقرير هيومن رايتس ووتش، مشيراً إلى أن معظم عمليات القتل نفذها الجيش الإسرائيلي وأن الضحايا لم يشكلوا أي تهديد للقوات الإسرائيلية.
وشدد المكتب على أن هؤلاء الضحايا “ليسوا مجرد أرقام” وأنه لا توجد معلومات تشير إلى مشاركتهم في أعمال عدائية أو تشكيلهم أي خطر على الجنود الإسرائيليين.
الاستجابة الأوروبية: ألمانيا تصف التقرير بـ”الصادم”
عبرت ألمانيا عن انزعاجها من تقرير هيومن رايتس ووتش، حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية كريستيان فاغنر: “هذه التقارير صادمة حقاً. وأعتقد أنه من الضروري أن تتعامل الحكومة الإسرائيلية مع هذه الاتهامات وتتصدى لها”.
وأضاف فاغنر أن التقرير “ينضم إلى سلسلة من التقارير الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان الدولية”، مما يشير إلى تراكم الأدلة ضد إسرائيل.
إدانة المنظمات الإنسانية: أكثر من 170 منظمة تطالب بالإغلاق
أدانت أكثر من 170 منظمة خيرية ومنظمة غير حكومية، بما في ذلك Save the Children وOxfam، عمليات مؤسسة غزة الإنسانية وطالبت بـ“إغلاقها فوراً”. هذا الإجماع الدولي يعكس رفضاً واسعاً للنظام القاتل.
الاستجابة الإسرائيلية: إنكار ومهاجمة المنظمة
هجوم وزارة الخارجية الإسرائيلية
ردت وزارة الخارجية الإسرائيلية بقوة على تقرير هيومن رايتس ووتش، متهمة المنظمة بأنها “تنشر مرة أخرى افتراءاتها الدموية من أجل تعزيز دعايتها المعادية لإسرائيل”.
وزعمت الوزارة، رغم الأدلة الدامغة المقدمة في التقرير، أن “الحقيقة هي العكس تماماً من أكاذيب هيومن رايتس ووتش”. كما اتهمت التقرير بأنه “مليء بالأكاذيب المروّعة حتى عند مقارنته بمعايير هيومن رايتس ووتش المنخفضة”.
استراتيجية الإنكار والتضليل
تتبع إسرائيل استراتيجية ثلاثية الأوجه في التعامل مع الاتهامات:
إنكار الحقائق رغم الأدلة الموثقة
مهاجمة مصداقية المنظمات الحقوقية الدولية
ادعاء توفير المساعدات رغم الأدلة على العكس
هذه الاستراتيجية، وفقاً للمحللين، تهدف إلى تشتيت الانتباه عن الجرائم المرتكبة وتبرير استمرار الانتهاكات.
الاستجابة الفلسطينية: رفض قاطع للنظام الملطخ بالدم
موقف تجمع عشائر غزة
أعلن تجمع عشائر غزة رفضه القاطع لنظام المساعدات، في بيان قوي مؤكداً أن:
المساعدات “سُرقت بترتيب من العدو”
مراكز التوزيع “تقدم مساعدات مغمسة بالدم”
“لم يستفد أحد من السكان” من هذه المساعدات الملطخة بدماء الضحايا
وناشد التجمع “أهل الحرية والضمير الإنساني والمبعوث الأمريكي” للتدخل الفوري ووقف هذا النظام القاتل.
المجتمع المدني الفلسطيني
قدم المجتمع المدني الفلسطيني إدانة واسعة للنظام القاتل، مع:
توثيق شامل للانتهاكات والشهادات
حملات إعلامية لفضح طبيعة النظام الإجرامية
مناشدات دولية للتدخل الإنساني العاجل
التواطؤ الأمريكي: من التمويل إلى المشاركة المباشرة
التمويل بتجاوز الكونغرس
خصصت إدارة ترامب مبلغ 30 مليون دولار لمؤسسة غزة الإنسانية بتجاوز الموافقات الكونغرسية، مما يجعل الولايات المتحدة مسؤولة مباشرة عن العمليات القاتلة. هذا التمويل يأتي رغم المعرفة المسبقة بطبيعة العمليات والنتائج الدموية.
المقاولون الأمريكيون المسلحون
يعمل مقاولون أمريكيون مسلحون داخل مواقع التوزيع، دخلوا إسرائيل بتأشيرات سياحة، كما وصفهم أغيلار: “كنا مجرد سياح بأسلحة”. هؤلاء المرتزقة متهمون بـإطلاق النار المباشر على المدنيين الفلسطينيين العُزل.
زيارة المبعوث الأمريكي
في توقيت مثير للجدل، زار ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس ترامب، مراكز التوزيع في غزة يوم صدور تقرير هيومن رايتس ووتش. هذه الزيارة، التي وُصفت بأنها “نادرة”، أثارت غضب الفلسطينيين الذين اعتبروها تأييداً ضمنياً للنظام القاتل.
المطالب الدولية والحلول المقترحة
توصيات هيومن رايتس ووتش العاجلة
قدمت المنظمة خمس توصيات محددة للمجتمع الدولي:
وقف استخدام القوة المميتة ضد المدنيين فوراً
رفع جميع القيود على دخول المساعدات الإنسانية
تعليق النظام المعيب المدعوم أمريكياً وإسرائيلياً نهائياً
إعادة تفعيل نظام الأمم المتحدة لتوزيع المساعدات على نطاق واسع
إجراء تحقيقات دولية مستقلة في الجرائم المرتكبة
الحاجة للمحاسبة الدولية
أشارت المنظمة إلى ضرورةتطبيق الأوامر الملزمة الصادرة عن محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة الجماعية










