صرح مني أركو مناوي، حاكم إقليم دارفور وقائد حركة جيش تحرير السودان، بتصريحات خطيرة كشف فيها عن مؤامرة دولية لتقسيم السودان والضغوط التي يواجها لقبول هذا المخطط. جاءت هذه التصريحات في سياق تصاعد التوترات حول تشكيل قوات الدعم السريع لحكومة موازية والمخاوف المتزايدة من تقسيم البلاد.
الاتصال الدولي المشبوه
كشف مناوي عن تلقيه اتصالاً من سفير دولة عظمى في بداية الحرب السودانية، حيث استجلى السفير رأيه حول تكوين ثلاث حكومات سودانية. وصف مناوي هذا الاتصال بأنه جزء من خطة تقسيم السودان التي تُطبق الآن، معتبراً إياها مؤامرة سيفشلها الشعب السوداني.
هذا الكشف يشير إلى وجود تخطيط دولي مسبق لتفكيك السودان، وأن الحرب الحالية قد تكون وسيلة لتحقيق هذا الهدف الاستراتيجي. التوقيت المبكر للاتصال (في بداية الحرب) يدل على أن فكرة التقسيم كانت جاهزة سلفاً وليست نتيجة طبيعية لتطورات الصراع.
انتقادات للمسؤولين السودانيين
وجه مناوي انتقادات حادة للمسؤولين السودانيين الكبار، متهماً إياهم بـقصر النظر والتركيز على الخرطوم فقط. قال إن «بعض المسؤولين السودانيين الكبار يعتقدون أن تحرير الجزيرة والخرطوم يكفيان للحكم»، وأن «مسؤولاً سودانياً كبيراً يعتقد أن الحرب خارج الخرطوم غير مهمة».
هذه التصريحات تعكس إحباط مناوي من إهمال الحكومة المركزية لإقليم دارفور رغم أهميته الاستراتيجية. دارفور يشكل ثلث مساحة السودان ويحتوي على موارد طبيعية هائلة وحدود استراتيجية مع عدة دول أفريقية.
الوضع العسكري الحرج في دارفور
يواجه مناوي ضغوطاً عسكرية شديدة من قوات الدعم السريع التي تحاصر مدينة الفاشر منذ أكثر من عام. انتقد «البرود الكبير من المنظومات وحتى من الدولة نفسها» في دعم المدافعين عن الفاشر، رغم أن المدينة تمثل آخر معاقل الجيش السوداني في دارفور.
وصف مناوي الوضع قائلاً: «الفاشر مدينة محاصرة لأكثر من عام، وحتى النساء والأطفال حملوا السلاح، وهي صامدة إلى الآن». هذا الوصف يؤكد شدة الحصار والمقاومة المحلية ضد قوات الدعم السريع.
رفض مقترحات الانفصال
كشف مناوي عن رفضه لمقترح نائب قائد قوات الدعم السريع عبدالرحيم دقلو بالتحالف معه لانفصال دارفور عن السودان. قال مناوي: «اختلفنا حول اقتراحه بفصل دارفور عن السودان. اقترح أن أنضم إليه لانتزاع دارفور من سيطرة الجيش».
هذا الكشف يؤكد أن قوات الدعم السريع تسعى فعلياً لتقسيم السودان، وأن مقترحات الانفصال ليست مجرد تكهنات بل خطط فعلية يتم طرحها على القادة المحليين.
الحكومة الموازية والتقسيم الفعلي
أعلنت قوات الدعم السريع وحلفاؤها في يوليو 2025 تشكيل حكومة موازية برئاسة محمد حمدان دقلو «حميدتي». هذه الخطوة أثارت مخاوف دولية من تقسيم السودان فعلياً، حيث حذرت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي من خطر التقسيم القائم على الأمر الواقع.
وصف مناوي «حكومة التأسيس» الموازية بأنها «لا وزن لها»، لكنه في الوقت نفسه حذر من أنها تمثل تهديداً خطيراً يوضح مدى التدخل الدولي السافر في شؤون البلاد.
الخريطة السياسية الحالية للسودان
يسيطر الجيش السوداني حالياً على شرق ووسط السودان، بما في ذلك الخرطوم (بعد تحريرها في مارس 2025) وولايات الجزيرة وسنار والبحر الأحمر. بينما تسيطر قوات الدعم السريع على معظم دارفور وأجزاء من كردفان.
هذا التقسيم الفعلي للسيطرة يعزز مخاوف مناوي من أن «خطة تقسيم السودان تُطبق الآن». كل طرف يدير المناطق الخاضعة له بشكل منفصل، مما يخلق واقعاً جديداً قد يصعب تجاوزه.
التحديات الإقليمية والدولية
يشير الخبراء إلى أن السودان يواجه خطر التحول إلى نموذج ليبيا، مع وجود حكومتين متنافستين تدعي كل منهما الشرعية. هذا الوضع يعقد أي محاولات للحل السياسي ويزيد من احتمالية التقسيم الدائم.
تلعب القوى الإقليمية والدولية أدواراً معقدة في الصراع، حيث تدعم مختلف الأطراف لتحقيق مصالحها الاستراتيجية. اتصال «سفير دولة عظمى» بمناوي يؤكد أن التدخل الخارجي ليس مجرد دعم عسكري بل تخطيط سياسي لإعادة تشكيل المنطقة.
موقف مناوي المتوازن والمعقد
رغم انحيازه للجيش السوداني، أبدى مناوي استعداده للحوار مع قوات الدعم السريع إذا أظهرت «رأياً إيجابياً ومعقولاً». هذا الموقف يعكس براغماتية سياسية وسعي لحل سلمي، لكنه أثار غضب أنصار الجيش الذين اعتبروه تراجعاً عن المواقف السابقة.
في الختام، تصريحات مناوي تكشف عن أبعاد خطيرة للصراع السوداني تتجاوز الصراع المحلي إلى مؤامرة دولية لتقسيم البلاد. تحذيراته من أن «الشعب سيفشل هذه المؤامرة» تعكس تمسكه بوحدة السودان رغم التحديات الهائلة التي تواجه البلاد.










