شهدت العاصمة الأمريكية واشنطن تطوراً تاريخياً هاماً في مسار السلام والتعاون الاقتصادي في منطقة البحيرات العظمى بإفريقيا، حيث أعلن مستشار الرئيس الأمريكي الأول لشؤون إفريقيا، مسعد بولس، عن سرور الولايات المتحدة باستضافة وفدين من جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا لحضور الاجتماع الافتتاحي للجنة الإشراف المشتركة والتوقيع على مبادئ إطار التكامل الاقتصادي الإقليمي.
تُمثل هذه الإنجازات تقدماً ملموساً في تعزيز الأمن والتعاون الاقتصادي والسعي المشترك لتحقيق السلام والازدهار في ظل اتفاقية السلام الموقعة بين البلدين في 27 يونيو 2025.
خلفية اتفاق السلام التاريخي
التوقيع في واشنطن
وُقّع اتفاق السلام بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا في 27 يونيو 2025 في العاصمة الأمريكية واشنطن، برعاية من الولايات المتحدة وبمشاركة قطر كوسيط. يُعتبر هذا الاتفاق محاولة لإنهاء صراع دام نحو 30 عاماً بين البلدين، أسفر عن مقتل الآلاف وتشريد مئات الآلاف في منطقة البحيرات العظمى.
أهداف الاتفاق الرئيسية
يتضمن الاتفاق عدة بنود أساسية لتحقيق السلام المستدام انسحاب القوات الرواندية من شرق الكونغو في غضون 90 يوماً، وتشكيل آلية مشتركة للتنسيق الأمني خلال 30 يوماً، ونزع سلاح الجماعات المسلحة وإعادة دمجها، وتسهيل عودة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بحرية، وإطلاق إطار التكامل الاقتصادي الإقليمي.
لجنة الإشراف المشتركة: آلية للتنفيذ والمتابعة
الاجتماع الافتتاحي
عُقد الاجتماع الأول للجنة الإشراف المشتركة في 31 يوليو 2025 في واشنطن، بمشاركة ممثلين من جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، إلى جانب مراقبين من الولايات المتحدة وقطر وتوغو (كوسيط الاتحاد الإفريقي) ومفوضية الاتحاد الإفريقي.
التوقيع على مبادئ الإطار
في 1 أغسطس 2025، وقّع ممثلون من البلدين على نص مبادئ إطار التكامل الاقتصادي الإقليمي، وهو أحد المتطلبات الأساسية المنصوص عليها في اتفاقية السلام. هذا التوقيع يُمثل إنجازاً تاريخياً في مسار التعاون الاقتصادي الإقليمي.
الأهمية الاستراتيجية لمنطقة البحيرات العظمى
الثروات المعدنية الهائلة
تُعتبر منطقة البحيرات العظمى، وخاصة جمهورية الكونغو الديمقراطية، كنزاً حقيقياً من المعادن الاستراتيجية. تمتلك المنطقة احتياطيات ضخمة من:
الكوبالت: تُنتج الكونغو الديمقراطية 70% من الإنتاج العالمي
الليثيوم: معدن أساسي لبطاريات المركبات الكهربائية
النحاس: معدن حيوي للتقنيات الحديثة
التنتالوم: ضروري لصناعة الإلكترونيات
الذهب: موجود بكميات كبيرة في المنطقة
اليورانيوم: للاستخدامات النووية
الإمكانات الاقتصادية
تتميز منطقة البحيرات العظمى بإمكانيات اقتصادية هائلة لا يمكن تحقيقها إلا من خلال تنفيذ اتفاقية السلام. هذه الإمكانيات تشمل موقع استراتيجي يربط بين وسط وشرق إفريقيا، وموارد مائية وفيرة للطاقة الكهرومائية، وتنوع جيولوجي يدعم التعدين المستدام، قوة عاملة شابة ومتنامية
التحول في السياسة الأمريكية
تشهد السياسة الأمريكية تجاه إفريقيا تحولاً جذرياً من نهج “المساعدات إلى التجارة”. هذا التحول يهدف إلى خلق فرص اقتصادية مشتركة بين الولايات المتحدة والدول الإفريقية، وجذب استثمارات غربية بمليارات الدولارات إلى منطقة البحيرات العظمى، وتقليل الاعتماد على المساعدات الحكومية والتركيز على الاستثمار الخاص.
رؤية الإدارة الأمريكية
أكد مسعد بولس، المستشار الأول للرئيس الأمريكي لشؤون إفريقيا، أن إدارة ترامب تنظر إلى هذه اللحظة كفرصة لتعميق المشاركة في المشهد الاقتصادي الإفريقي. وأوضح أن الأعمال والتجارة، وليس المساعدات، هي محركات النمو المستدام على المدى الطويل.
المشاريع الاستراتيجية
تدعم الولايات المتحدة عدة مشاريع استراتيجية في القارة الإفريقية:
ممر لوبيتو للسكك الحديدية ينقل المعادن من الكونغو وزامبيا إلى ميناء لوبيتو الأنغولي، ومشاريع البنية التحتية تشمل الكهرباء والاتصالات، ومراكز لوجستية ومناطق إنتاج زراعي على طول خطوط النقل










