قوات الدعم السريع تعلن التقدم نحو الأبيض: معركة حاسمة تهدد آخر معاقل الجيش في شمال كردفان
أعلنت قوات الدعم السريع، اليوم الأحد 3 أغسطس 2025، تقدمها في جميع المحاور القتالية المتاخمة لمدينة الأبيض، حاضرة ولاية شمال كردفان، في تطور عسكري جديد يهدد بتغيير خريطة السيطرة في أحد أهم الأقاليم الاستراتيجية في السودان.
إعلان جديد يؤكد تقدم المليشيا في جميع المحاور القتالية
طالب الناطق باسم قوات الدعم السريع في بيان رسمي، سكان مدينة الأبيض بعدم مغادرة منازلهم، مؤكداً عمل قواتهم على تأمين المدينة وتوفير الحماية الكاملة لهم، مشيراً إلى مواصلة قواتهم في التقدم من عدة اتجاهات للسيطرة على الأبيض.
يأتي هذا الإعلان في ظل تصعيد عسكري متزايد في ولاية شمال كردفان، حيث تشهد المنطقة عمليات كر وفر مستمرة بين القوات المتحاربة.
السياق الجيوسياسي لمعركة الأبيض
تشكل مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، نقطة حيوية في الصراع السوداني الدائر منذ أبريل 2023. تقع المدينة على مسافة 529 كيلومتراً من مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور، وتمثل الرابط الاستراتيجي بين العاصمة الخرطوم والأقاليم الغربية.
وكانت قوات الدعم السريع قد فرضت حصاراً طويلاً على المدينة امتد لنحو عامين، قبل أن ينجح الجيش السوداني في رفعه جزئياً في فبراير 2025. إلا أن التطورات الأخيرة تشير إلى عودة المليشيا لمحاصرة المدينة من جديد.
التقدم الميداني المتسارع
شهدت الأسابيع الأخيرة تسارعاً في العمليات العسكرية لقوات الدعم السريع في ولاية شمال كردفان. ففي 30 يوليو 2025، أعلنت هذه القوات استعادة السيطرة على منطقة أم صميمة الاستراتيجية، الواقعة غرب مدينة الأبيض.
وبحسب بيانات قوات الدعم السريع، تمكنت من تكبيد القوات المسلحة السودانية والقوات المتحالفة معها خسائر فادحة، حيث ادعت مقتل أكثر من 100 عنصر من الجيش والاستيلاء على أكثر من 100 مركبة عسكرية مجهزة.
الأزمة الإنسانية المتفاقمة
يعيش سكان مدينة الأبيض أوضاعاً إنسانية صعبة، حيث تشير التقديرات إلى وجود حوالي 137,000 شخص يلجؤون حالياً إلى المدينة. وقد استقبلت المدينة عشرات الآلاف من النازحين من القرى المجاورة التي تعرضت لهجمات قوات الدعم السريع.
أعلنت حكومة ولاية شمال كردفان أن هجمات قوات الدعم السريع على القرى المحيطة بالأبيض تسببت في نزوح نحو 7,500 شخص خلال أسبوع واحد، مما رفع عدد النازحين في المدينة بشكل كبير.
المجازر في القرى المحيطة
شهدت القرى المحيطة بمدينة الأبيض مجازر واسعة على يد قوات الدعم السريع، حيث وثقت مجموعة المحامين الطوارئ مقتل نحو 300 مدني في مداهمات على قرى بولاية شمال كردفان. من بين هؤلاء، قُتل أكثر من 200 شخص في قرية شق النوم في “مجزرة رهيبة”.
وبحسب شبكة الأطباء السودانيين، نفذت قوات الدعم السريع هجوماً وحشياً في قرية شق النوم، أسفر عن مقتل 11 مدنياً، بينهم ثلاثة أطفال، وإصابة 31 آخرين، من بينهم تسع نساء.
تشكيلات مسلحة جديدة لمساندة الجيش
في مواجهة تقدم قوات الدعم السريع، أعلنت مجموعات قبلية عن تشكيل ميليشيا جديدة تحت اسم “قوات حلف الكرامة درع كردفان”، بهدف مساندة الجيش السوداني في قتاله ضد قوات الدعم السريع.
جاء التشكيل الجديد بمبادرة من أبناء قبيلة الكبابيش، ضمن “رؤية وطنية موحدة” لتوحيد قبائل كردفان. وأوضح البيان أن المعسكرات التابعة لهذه القوات بدأت فعلياً في استقبال المتطوعين للتدريب العسكري.
التداعيات الاستراتيجية للسيطرة على الأبيض
يحذر المحللون من أن سقوط مدينة الأبيض في يد قوات الدعم السريع سيكون له تداعيات كارثية على عدة مستويات. فعلى المستوى الإنساني، سيضطر النازحون البالغ عددهم 137,000 شخص إلى الفرار نحو مدينة كوستي، حيث ستكون جميع طرق الهروب الأخرى مغلقة.
وعلى المستوى العسكري، ستتمكن قوات الدعم السريع من قطع خطوط الإمداد عن مدينة الفاشر المحاصرة في شمال دارفور، مما سيضعف موقف الجيش السوداني في هذه المنطقة الاستراتيجية. كما ستفتح السيطرة على الأبيض الطريق أمام هذه القوات للتقدم شرقاً نحو ولاية النيل الأبيض.










