يواجه حزب الله اللبناني، أكبر أزمة مالية في تاريخه، ما يهدد قدرته على الحفاظ على هيكله التنظيمي، وتمويل عملياته العسكرية، ورعاية قاعدته الاجتماعية واللوجستية في لبنان وسوريا.
وتبدو المؤشرات الحالية أكثر من مجرد ضائقة عابرة؛ إذ يرجح أن تكون مقدمة لانهيار شامل، إن لم يعاد تمويل الحزب أو يعدل استراتيجيته جذريا.
الأزمة المالية: انقطاع الرواتب والخدمات
بحسب تقارير إعلامية من مصادر لبنانية وإسرائيلية، فقد تعطلت شبكة الرواتب التي يعتمد عليها حزب الله بالكامل تأخر رواتب المقاتلين لشهور متتالية.
كما هناك توقف شبه تام لصندوق شهداء المقاومة عن دفع الرسوم التعليمية لأبناء قتلى حزب الله، وكذلك انقطاع الخدمات الأساسية كالرعاية الطبية والدعم السكني.
أيضا هناك عجز تام عن دفع مستحقات المقاولين والموردين المتعاملين مع حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وصرح وفيق صفا، مسؤول وحدة الاتصالات في الحزب، أن الوضع المالي الحالي “أقرب إلى نهاية العالم”
الضربة الأمنية: اختراق داخلي واسع النطاق
الجانب الأخطر من الأزمة ربما لا يكمن في الاقتصاد، بل في الضربات الأمنية والاستخباراتية غير المسبوقة مقتل القيادي البارز فؤاد شاكر في حزب الله بالضاحية الجنوبية لبيروت.
وكشف ممنهج لمخابئ وقواعد ومراكز قيادة حزب الله من قبل شبكة تجسس اخترقت بنية الحزب على مدى عقدين.
تفجير آلاف أجهزة النداء بشكل متزامن، ما أدى إلى مقتل وإصابة المئات من كوادر حزب الله، وهز الثقة في سلامة الاتصالات العسكرية للحزب.
فشل الردع العسكري
رغم الرد الصاروخي الضخم الذي شنه الحزب ضد إسرائيل بعد مقتل شاكر، إلا أن النتيجة كانت فشلا تكتيكيا ونفسيا.
وكذلك الهجمات لم تحدث تأثيرا ردعيا، وأظهرت ضعفا متزايدا في منظومة قيادة حزب الله، وفقدان التوازن الاستراتيجي للأمين العام السابق، حسن نصر الله، الذي أزيل لاحقا من المشهد وسط تكتم داخلي شديد.
تداعيات الدعم الإيراني المتضائل
انخفض التمويل الإيراني نتيجة عدة عوامل سقوط نظام بشار الأسد وصعود حكومة سورية معادية للحزب، عملت على كبح تهريب السلاح والمخدرات.
وكلك تكثيف العقوبات الأمريكية وملاحقة القنوات المالية غير الشرعية، خاصة عبر بنك “قرض الحسن” وشبكات تحويل الأموال عبر مطار بيروت.
تحذير داخلي من “كارثة حتمية”
اقتصاديون داخل الحزب حذروا من أن استمرار الوضع المالي الحالي دون تمويل جديد سيؤدي إلى تفكك الشبكة العسكرية، وعجز عن تجنيد مقاتلين جدد.
وتراجع النفوذ الاجتماعي والسياسي داخل لبنان، خصوصا في المناطق الشيعية.
الضغوط الإقليمية والدولية:
نزع السلاح مقابل إنقاذ لبنان، بالتوازي مع الأزمة، تضغط الولايات المتحدة ودول الخليج باتجاه معادلة جديدة:
نزع سلاح حزب الله مقابل حزمة مساعدات اقتصادية للبنان.
في المقابل، يرفض “نعيم قاسم”، الخليفة الحالي لنصر الله، تقديم أي تنازلات تتعلق بسلاح الحزب، مما يعمق الانقسام داخل القيادة، ويزيد من عزلة الحزب السياسية.
إسرائيل تستغل اللحظة
رغم وقف إطلاق النار، تواصل إسرائيل عمليات نوعية تستهدف قيادات الحزب ومخازن سلاحه في لبنان وسوريا، مستفيدة من انهيار البنية الأمنية والاستخباراتية للحزب.
مستقبل غير مضمون
أمام حزب الله اليوم مفترق طرق حقيقي:
إما إعادة الهيكلة والتخلي عن جزء من نفوذه العسكري والسياسي.
أو الانهيار الكامل للبنية التحتية التي بنيت على مدار أربعة عقود.
وتجمع التقارير الدولية على أن غياب نصر الله، وتقلص التمويل الإيراني، وتزايد الضغوط الشعبية والدولية، تجعل من استمرار الحزب بصيغته الحالية أمرا مشكوكا فيه بشدة.










