كشفت مصادر محلية لـ المنشر الاخباري إلى أن مصر تواجه كارثة حقيقية في قطاع الصحة النفسية مع صدور القرار الوزاري رقم 220 لسنة 2025 الذي رفع أسعار الخدمات العلاجية في مستشفيات الصحة النفسية بنسب تصل إلى 900%. هذا القرار الذي أصدره الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة والسكان، يهدد بتحويل الحق في العلاج النفسي إلى ترف لا يقدر عليه سوى الأثرياء.
الصدمة الكبرى: أسعار جنونية تكسر ظهر الفقراء
بموجب القرار الجديد، ارتفعت تذكرة الكشف من جنيه واحد إلى 10 جنيهات، وهي زيادة بنسبة 900%. لكن الكارثة الأكبر تكمن في أسعار الحجز التي وصلت إلى مستويات المستشفيات الخاصة، حيث تتراوح تكلفة الإقامة اليومية من 150 جنيها للدرجة الثالثة إلى 550 جنيها للجناح.
هذا يعني أن المريض الذي كان يدفع حوالي 1800 جنيه شهريا في القسم الاقتصادي، سيضطر الآن لدفع حوالي 4500 جنيه شهريا. كما ارتفع سعر جلسة العلاج الكهربائي من حوالي 120 جنيها إلى 400 جنيه.
مخالفة صريحة لقانون الصحة النفسية
يتعارض هذا القرار بوضوح مع نص هيكل مستشفيات الأمانة العامة للصحة النفسية، والذي ينص على أن “يجب تخصيص ما لا يقل عن 60% من الأسرة للعلاج المجاني، دون تحمل أي رسوم من المرضى أو أسرهم”.
كما أن الأسعار الجديدة تتجاوز حتى ما كان يقدم في القطاع الخاص، حيث كانت الدرجة الاقتصادية الأولى تكلف 1800-2900 جنيه شهريا، لتصبح الآن تتجاوز 4500 جنيه شهريا.
حجم المأساة: مليون مريض فصام يواجهون المجهول
تشير الإحصائيات إلى أن نسبة مرضى الفصام عالميا تبلغ 1% من السكان.
وبحسب البيانات الرسمية، يعاني حوالي مليون مصري من الفصام، هذا بخلاف ملايين المرضى الآخرين الذين يعانون من اضطرابات نفسية مختلفة.
تشير دراسات الأمانة العامة للصحة النفسية إلى أن 25% من المصريين يعانون من أعراض نفسية، وأن نسبة الإدمان ارتفعت إلى 5% بينما التعاطي وصل إلى 7.1%. في المقابل، لا تتوفر سوى 6,650 سريرا في مستشفيات الصحة النفسية على مستوى الجمهورية، بينما تحتاج مصر إلى 16,600 سرير.
النتائج الكارثية المتوقعة
وقالت المصادر لـ المنشر الاخباري أن القرار المدمر سيؤدي حتما إلى ارتفاع معدلات الانتحار، عندما يفقد المرضى النفسيون الأمل في الحصول على العلاج
كذلك سيؤدي القرار إلى زيادة الضغط على أقسام الطوارئ التي ستصبح الملاذ الوحيد للحالات الحرجة
وأيضا تحميل الشرطة عبئا إضافيا مع ارتفاع عدد السجناء من المرضى النفسيين.
وتزايد عدد المرضى في الشوارع الذين لا يجدون مكانا للعلاج
وكذلك ارتفاع معدلات الجريمة نتيجة عدم علاج الاضطرابات النفسية
وانهيار مستقبل العديد من الأسر التي ستضطر لبيع ممتلكاتها لعلاج مرضاها.
مستشفى العباسية: من الرمز إلى العبء
مستشفى العباسية للصحة النفسية، الذي تأسس عام 1883 على مساحة 68 فدانا، كان يعتبر رمزا للأمل لملايين المرضى النفسيين. المستشفى الذي يخدم 100 ألف مريض سنويا و1300 مريض داخلي، تحول بقرار واحد من مؤسسة خدمية إلى عبء على الفقراء.
كانت تكلفة علاج المريض النفسي على الدولة تبلغ 500 جنيه يوميا، لا يدفع منها المواطن سوى جنيه واحد ثمنا لتذكرة الكشف. كما كان 60% من المرضى يتم علاجهم مجانا تماما.
دعوة لإنقاذ ما تبقى من الأمل
حملة “مصيرنا واحد” طالبت وزارة الصحة بالكشف عن حقيقة زيادة الأسعار والتأكيد على استمرار دعم الدولة لخدمات الطب النفسي. كما أكدت أن زيادة الأسعار كارثة محققة لقطاع عريض من المرضى، وأن أضرار هذه الكارثة ستنعكس على المجتمع المصري بجميع فئاته.
الخلاصة: دع الفقير يمرض… ربنا معاه
الواقع الجديد يترجم ببساطة إلى عبارة قاسية: “دع الفقير يمرض… ربنا معاه”. فبدلا من أن تكون الدولة حامية لحقوق مواطنيها في الصحة، تحولت إلى مؤسسة تجارية تبحث عن الربح على حساب المرضى الأكثر ضعفا في المجتمع.
إن هذا القرار لا يمثل فقط انتهاكا لحقوق الإنسان، بل يعد جريمة في حق المجتمع المصري بأكمله. فالصحة النفسية ليست ترفا، بل ضرورة حياتية، وعلاج المرضى النفسيين استثمار في أمن واستقرار المجتمع كله.
لذا، فإن الوقت ما زال متاحا أمام الحكومة المصرية لمراجعة هذا القرار المدمر قبل أن تتحول الكارثة إلى واقع لا يمكن إصلاحه. فالشعب المصري يستحق حكومة تحميه وترعاه، لا حكومة تستغله وتتاجر بآلامه.










