استهدفت سلسلة غارات إسرائيلية مساء الأربعاء 6 أغسطس 2025، مواقع حزب الله بأطراف دير سريان الشمالية لناحية مجرى نهر الليطاني في جنوب لبنان، مما أدى إلى سقوط إصابات وأضرار مادية كبيرة، في انتهاك جديد لاتفاقية وقف إطلاق النار التي دخلت حيز التنفيذ في نوفمبر الماضي.
تفاصيل الغارة وحجم الأضرار
أشارت المعلومات الأولية إلى سقوط إصابات جراء الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مرآباً للآليات والجرافات يقع في جوار منازل مأهولة بالسكان في بلدة دير سريان، مما عرض المدنيين لخطر مباشر.
وبحسب صور وفيديوهات، شنت الطائرات الإسرائيلية ما لا يقل عن أربع غارات بطائرات مسيرة استهدفت نفس المنطقة في دير سريان.
وتأتي هذه الغارات في إطار سلسلة من الضربات الجوية الإسرائيلية التي طالت مناطق متعددة في جنوب لبنان، حيث تم الإبلاغ عن غارات مماثلة استهدفت قرى الزوطر الشرقية ودير سريان، وفقاً لتقارير إعلامية.
السياق الأوسع للانتهاكات الإسرائيلية
تندرج هذه الغارات ضمن نمط متواصل من الانتهاكات الإسرائيلية لاتفاقية وقف إطلاق النار مع حزب الله، والتي دخلت حيز التنفيذ في 27 نوفمبر 2024. فقد سجلت إسرائيل أكثر من 3700 انتهاك منذ بداية وقف إطلاق النار، بحسب البيانات الرسمية اللبنانية.
وبحسب مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، قُتل ما لا يقل عن 83 مدنياً لبنانياً، بينهم 14 امرأة و9 أطفال، في العمليات العسكرية الإسرائيلية منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ. كما لا يزال أكثر من 92 ألف شخص نازحين بسبب العنف المستمر.
تبرير إسرائيل للعمليات المستمرة
تواصل إسرائيل تبرير عملياتها العسكرية في لبنان بدعوى استهداف “مواقع عسكرية تابعة لحزب الله” و”منع إعادة بناء القدرات العسكرية للجماعة”. وقد صرح الجيش الإسرائيلي مراراً أنه يستهدف “المواقع العسكرية، بما في ذلك مستودعات الأسلحة والمنشآت العسكرية والبنية التحتية الإرهابية” لحزب الله في جنوب لبنان.
وفي بيان أصدره وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس مؤخراً، أكد أن “أي محاولة من قبل المنظمة الإرهابية للتعافي أو إعادة التأسيس أو التهديد ستواجه بشدة لا هوادة فيها”، مشيراً إلى أن إسرائيل ستواصل ضرباتها حتى يتم نزع سلاح حزب الله بالكامل.
منطقة نهر الليطاني: أهمية استراتيجية
تكتسب منطقة نهر الليطاني أهمية استراتيجية خاصة في السياق اللبناني-الإسرائيلي، حيث تنص اتفاقية وقف إطلاق النار على أن يسحب حزب الله مقاتليه إلى شمال نهر الليطاني، الذي يبعد حوالي 30 كيلومتراً عن الحدود الإسرائيلية في معظم المناطق.
وقد وصل الجيش الإسرائيلي لأول مرة منذ 24 عاماً إلى أجزاء من نهر الليطاني في نوفمبر الماضي، حيث قامت قوات الفرقة 91 بالوصول إلى النهر في القطاع الشرقي من جنوب لبنان، بالإضافة إلى منطقة وادي سلوقي. وخلال هذه العمليات، عثرت القوات على “عشرات منصات الصواريخ المجهزة ومئات الأسلحة”.
الوضع في دير سريان تاريخياً
شهدت بلدة دير سريان استهدافاً متكرراً من قبل القوات الإسرائيلية في الأشهر الماضية، حيث سجلت تقارير سابقة غارات إسرائيلية على “الأطراف الشمالية لدير سريان” في يوليو الماضي، بالتزامن مع غارات على منطقة يحمور ومجرى نهر الليطاني.
وفي السياق نفسه، أفادت وكالة الأنباء الوطنية اللبنانية بأن القوات الإسرائيلية استهدفت في مناسبات سابقة مواقع تحتوي على “مرافق تخزين الأسلحة والمباني العسكرية والبنية التحتية الإرهابية”، مدعية أن وجودها “يشكل انتهاكاً جسيماً للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان”.
رفض حزب الله لقرار نزع السلاح
في تطور مواز، رفض حزب الله بشدة القرار الذي اتخذته الحكومة اللبنانية يوم الثلاثاء الماضي والذي يخول الجيش اللبناني وضع خطة لحصر الأسلحة في البلاد لدى ست قوى أمنية رسمية بحلول نهاية العام.
ووصف حزب الله في بيان مكتوب القرار الحكومي بأنه “خطيئة جسيمة”، مؤكداً أنه سيتعامل معه “كما لو أنه غير موجود”. وقال البيان إن “حكومة رئيس الوزراء نواف سلام ارتكبت خطيئة جسيمة باتخاذ قرار لتجريد لبنان من أسلحته لمقاومة العدو الإسرائيلي… هذا القرار يخدم مصلحة إسرائيل بالكامل”.
الجهود الدولية للمراقبة والإشراف
تواصل لجنة المراقبة المكونة من فرنسا والولايات المتحدة ولبنان وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة محاولاتها للإشراف على تنفيذ وقف إطلاق النار وضمان تحديد الانتهاكات والتعامل معها. غير أن هذه الجهود لم تنجح حتى الآن في وقف الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة.
وقد حذر رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي من أن “الانتهاكات يجب أن تتوقف وأن إسرائيل يجب أن تنسحب بالكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة”، مؤكداً أن “استمرار انتهاك تفاهم وقف إطلاق النار يهدد التفاهم برمته”.
التطورات الأمنية والعسكرية الأخيرة
شهدت المنطقة الحدودية بين لبنان وإسرائيل توتراً متزايداً في الأسابيع الأخيرة، حيث أفادت تقارير بأن الجيش الإسرائيلي نفذ “حوالي 500 غارة جوية في لبنان ومئات العمليات البرية” منذ وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر.
وبحسب إحصائيات الجيش الإسرائيلي، تم تدمير “حوالي 90 منصة إطلاق صواريخ، و40 مرفقاً لتخزين الأسلحة، و40 منشأة عسكرية لحزب الله، و20 مقراً، و14 هدفاً غير محدد في بيروت، وخمسة مرافق لإنتاج الأسلحة، وثلاثة معسكرات تدريب لقوة رضوان، و”آلاف” الصواريخ التابعة لحزب الله”.










