في قرار مثير للجدل، سحبت السلطات البلجيكية حق اللجوء من الناشط الفلسطيني محمد الخطيب، منسق “شبكة صامدون للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين” في أوروبا، وسط تقارير عن ضغوط مباشرة من مؤسسات إسرائيلية لاتخاذ هذا الإجراء.
خلفية القضية والضغوط الإسرائيلية
وفقًا لمصادر إعلامية متعددة، فإن القرار جاء بعد حملة ممنهجة من الجانب الإسرائيلي لتصنيف “شبكة صامدون” كمنظمة مرتبطة بما تسميه إسرائيل “منظمات إرهابية”. في أكتوبر 2023، أعلنت الولايات المتحدة وكندا إدراج المنظمة على قوائم العقوبات، زاعمتان أنها تجمع أموالاً للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
أعلنت نيكول دي مور، وزيرة الدولة البلجيكية للهجرة واللجوء آنذاك، في 15 أكتوبر 2024، عن إجراءات لسحب اللجوء من الخطيب، واصفة إياه بـ”الواعظ المتطرف”. وأكدت أن “الاعتراف يمكن سحبه حتى لو كان الشخص معترفًا به كلاجئ إذا تبين أنه متطرف”.
من هو محمد الخطيب؟
محمد الخطيب، البالغ من العمر 35 عامًا، هو منسق “شبكة صامدون للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين” في أوروبا. وصل إلى بلجيكا في سن 19 عامًا طالبًا للجوء، وشارك في تأسيس المنظمة عام 2011.
تعمل شبكة صامدون على التضامن مع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وتنظيم فعاليات لدعم القضية الفلسطينية في أوروبا والعالم. وقد اكتسبت المنظمة شهرة واسعة خلال العدوان الإسرائيلي على غزة منذ أكتوبر 2023.
تصعيد الملاحقات الأمنية
شهد العام الماضي تصعيدًا في الملاحقات الأمنية ضد الخطيب، حيث:
- صُنف كتهديد أمني “خطير” من قبل وحدة تنسيق تحليل التهديدات البلجيكية (CUTA)
- مُنع من دخول سويسرا لمدة 10 سنوات
- مُنع من دخول هولندا لإلقاء محاضرة جامعية
- اعتُقل مرتين في بلجيكا، في أكتوبر 2023 وأبريل 2025
ردود فعل المنظمات الحقوقية
بنوا دونت، محامي اللجوء والهجرة، وصف الاعتقالات والضغوط بأنها “شكل من أشكال المضايقة الحكومية التي تستهدف قائدًا بارزًا ليس فقط في صامدون، ولكن في الحركة المتنامية ضد الإبادة الجماعية المستمرة في فلسطين المحتلة”.
ووصفت منظمات حقوقية أوروبية هذه الإجراءات بأنها “حملة منسقة لإسكات الأصوات المناصرة للحقوق الفلسطينية” وسط تصاعد القمع ضد المتضامنين مع فلسطين في أوروبا.
السياق الأوروبي الأوسع
يأتي هذا القرار في سياق موقف بلجيكي رسمي يبدو متناقضًا تجاه القضية الفلسطينية. فبينما تتخذ الحكومة البلجيكية مواقف متقدمة في دعم فلسطين دوليًا، مثل:
- دعوة وزير الخارجية البلجيكي لفرض عقوبات على إسرائيل
- وصف الحصار على غزة بـ”الفضيحة المطلقة”
- دعم مراجعة الاتفاقيات التجارية مع إسرائيل
إلا أن السلطات تواصل الضغط على النشطاء الفلسطينيين محليًا.
تداعيات على اللاجئين الفلسطينيين
يثير قرار سحب اللجوء من الخطيب مخاوف أوسع حول مستقبل اللاجئين الفلسطينيين في بلجيكا، خاصة في ظل:
- التشديدات الجديدة على قوانين اللجوء التي دخلت حيز التنفيذ في أغسطس 2025
- الجدل حول سحب الجنسية البلجيكية من الأطفال المولودين لآباء فلسطينيين
- تزايد أعداد الفلسطينيين في بلجيكا من 3,000 قبل 2021 إلى حوالي 50,000 حاليًا
موقف المجتمع الدولي
وقعت أكثر من 60 منظمة ونقابة وشخصية عامة في بلجيكا بيانًا يطالب بفرض عقوبات فورية على إسرائيل، ويدعو لطرد السفير الإسرائيلي ومنع دخول مسؤولين إسرائيليين للبلاد.
كما دعت 17 دولة أوروبية لدراسة فرض عقوبات على إسرائيل خلال اجتماع في بروكسل، مما يعكس تصاعد الضغط الأوروبي على تل أبيب.










