حذرت وزارة الدفاع التركية من أن عدم التزام “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) باتفاق الاندماج المُبرم مع الحكومة السورية يشكل تهديداً خطيراً لوحدة وسلامة الأراضي السورية، مؤكدة أن التأخير في التنفيذ قد يجبر أنقرة على اللجوء إلى خيارات أخرى لضمان الاستقرار الإقليمي.
تصريحات تركية حادة حول الالتزام بالاتفاق
صرح مصدر في وزارة الدفاع التركية، طالباً عدم الكشف عن هويته، أن على قوات سوريا الديمقراطية أن تبرهن بشكل ملموس التزامها بالاتفاق الذي وقعته مع حكومة دمشق في 10 مارس 2025، مشيراً إلى أن “وحدة الأراضي السورية مسألة ضرورية للاستقرار في المنطقة”.
وأضاف المصدر التركي أن أنقرة “تراقب عن كثب تطورات الأحداث في سوريا”، خاصة فيما يتعلق بتنفيذ الاتفاق بين دمشق و”قسد” التي تصنفها تركيا كمنظمة إرهابية مرتبطة بحزب العمال الكردستاني.
مهلة نهاية العام للاندماج الكامل
أكدت وزارة الدفاع التركية أن الاتفاق الموقع في 10 مارس 2025 ينص على ضرورة إكمال عملية اندماج “قسد” في الجيش السوري قبل نهاية العام الحالي، مشددة على أنها تتابع التطورات الميدانية بدقة لضمان التنفيذ الفعلي.
قال المتحدث باسم وزارة الدفاع التركية، الأميرال زكي أكتورك، في مؤتمر صحفي في أنقرة: “نتابع عن كثب التطورات المتعلقة بعملية الاندماج على الأرض، ومن المتوقع إكمال اندماج المجموعة في الجيش السوري قبل نهاية العام”.
الموقف الأمريكي والضغوط الدولية
تشير المصادر إلى أن الولايات المتحدة وفرنسا بدأتا تمارسان ضغوطاً متزايدة على “قسد” لتسريع عملية الاندماج مع الدولة السورية، خاصة في ظل تقليص الدعم العسكري الأمريكي وتقاطع مصالح اللاعبين الدوليين في الشمال الشرقي.
وقد رفض المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توم براك طلباً من “قسد” بتمديد الاتفاق حتى نهاية 2026، مؤكداً ضرورة الإسراع في تنفيذ الاتفاق بحلول الموعد المحدد.
تعقيدات التنفيذ والخلافات الداخلية
تواجه عملية تنفيذ الاتفاق تحديات معقدة، حيث تشير التقارير إلى وجود انقسامات داخل قيادة “قسد” حول كيفية المضي قدماً في الاندماج. فبينما يؤيد القائد مظلوم عبدي تطبيق الاتفاق، تسعى إلهام أحمد إلى تأخيره للحصول على مزيد من المكاسب والضمانات.
من جهتها، أكدت الحكومة السورية رفضها لأي شروط مسبقة في الحوار مع “قسد”، مشددة على أن “الحوار الوطني الحقيقي لا يمكن أن يتم تحت ضغط السلاح” أو بالاعتماد على أي طرف خارجي.
التحديات الميدانية المستمرة
شهدت المناطق الحدودية بين مناطق سيطرة “قسد” والحكومة السورية توترات متجددة في الأسابيع الأخيرة، حيث وقعت اشتباكات في ريف حلب الشرقي وقصف متبادل بين الطرفين.
في 2 أغسطس 2025، قامت “قسد” بقصف صاروخي على مناطق الكيارية والسعيد في ريف حلب الشرقي، مما أسفر عن إصابة 4 جنود من الجيش السوري و3 مدنيين بجروح متفاوتة، بينما رد الطيران التركي المسيّر بقصف منصات الإطلاق.
مخاوف تركية من التقسيم
عبرت تركيا مراراً عن معارضتها الشديدة لأي محاولات قد تؤدي إلى تقسيم سوريا، خاصة في ظل ما وصفته بـ”محاولات لتقسيم سوريا إلى أربع كيانات” من خلال استغلال الفوضى الأمنية الحالية.
وأكدت المصادر التركية أن أنقرة لن تتردد في الدفاع عن وحدة الأراضي السورية، انطلاقاً من أمنها الحدودي وضماناً للاستقرار الإقليمي، مشددة على أن الموقف التركي يتقاطع مع الطرح الأمريكي الذي يطالب بإعادة هيكلة “قسد”.
الخيارات البديلة أمام تركيا
في حال فشل تنفيذ اتفاق دمشق-“قسد” في المواعيد المحددة، تحتفظ تركيا بعدة خيارات:
الخيار العسكري
كشفت مصادر تركية عن دراسة الحكومة لاحتمال تنفيذ تدخل عسكري داخل الأراضي السورية، وذلك بالتنسيق مع الجيش السوري، في حال عدم التزام “قسد” باتفاق الاندماج ونزع السلاح.
تعديل اتفاق أضنة
يُعتبر تعديل اتفاق أضنة أحد الخيارات البديلة أمام تركيا، حيث قد ينص التعديل الجديد على السماح بدخول تركي لعمق 35 كيلومتراً بدلاً من 5 كيلومترات حالياً، وذلك لتأمين غطاء شرعي في حال شن عملية عسكرية مشتركة.
التعاون العسكري التركي-السوري
في إطار دعم الحكومة السورية، أكدت تركيا أنها بدأت بتقديم خدمات التدريب والاستشارات العسكرية للقوات المسلحة السورية، مع اتخاذ خطوات لتعزيز القدرة الدفاعية لسوريا.
وقال وزير الدفاع التركي يشار غولر إن الأولوية العامة لتركيا في سوريا هي “الحفاظ على سلامة أراضيها ووحدتها والقضاء على الإرهاب”، نافياً وجود خطط فورية لسحب أو نقل القوات التركية المتمركزة في شمال سوريا.
موقف “قسد” ومبرراتها
من جانبها، أكدت “قسد” أن تسليمها للسلاح في الوقت الحالي “مسألة مستحيلة”، مبررة ذلك بـ”التوترات المستمرة في سوريا وارتفاع وتيرة العنف وتهديد تنظيم داعش”.
وقال المتحدث الرسمي باسم “قسد” أبجر داوود: “في ظل التوترات المستمرة وتهديد تنظيم داعش، من المستحيل أن تسلم قواتنا أسلحتها”، مؤكداً استعداد قواته للاندماج عبر اتفاق دستوري قانوني يعترف بخصوصيتها.
تداعيات عدم التنفيذ
يحذر خبراء من أن استمرار المماطلة في تنفيذ الاتفاق قد يؤدي إلى:
تصعيد عسكري تركي مشابه لما حدث في عفرين عام 2018
تفاقم التوترات الإقليمية وعدم الاستقرار في شمال شرق سوريا
تراجع الدعم الدولي لـ”قسد” من الولايات المتحدة وحلفائها
عودة نشاط تنظيم داعش في المناطق المضطربة
مهلة منتصف أغسطس الحاسمة
تشير مصادر دبلوماسية تركية إلى أنه “جرى إبلاغ قسد بضرورة الإسراع بتنفيذ الاتفاق قبل منتصف أغسطس 2025، وإلا فإن خيارات أخرى سيجري طرحها على الطاولة”.
وأوضحت المصادر أن لقاءً جمع السفير الأمريكي توم براك مع مظلوم عبدي في العاصمة الأردنية عمان الأسبوع الماضي، حيث أكد براك رفضه تمديد الاتفاق وضرورة الالتزام بالمواعيد المحددة.










