تشهد الساحة العراقية توترات سياسية وأمنية متصاعدة، حيث دعت حركة عصائب أهل الحق إلى الإسراع في إقرار قانون الحشد الشعبي، معتبرة أنه “السبيل الأمثل لسد الثغرات في إدارة ملف الهيئة وضمان وضوح الصلاحيات”. في الوقت نفسه، أكدت كتائب حزب الله تمسكها بمطالبها الثلاثة رداً على إجراءات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ضد قادة في الفصيل.
العصائب تطالب بإقرار قانون الحشد الشعبي
دعا سلام الجزائري، عضو المكتب السياسي لحركة عصائب أهل الحق، إلى الإسراع في إقرار قانون الحشد الشعبي، مشيراً إلى أن “القائد العام للقوات المسلحة هو المسؤول عن الملف الأمني كاملاً، وحل الإشكالات القائمة والصراع الدائر يتطلب حسم قانون الحشد الشعبي”.
وأضاف الجزائري أنه “في حال وجود قانون يقرّه البرلمان، لن يكون هناك مجال لأي جهة لتحديد الصلاحيات، كما لن يبقى أي فصيل خارج الإطار القانوني”. وأكد أن إقرار القانون “سينهي وجود الفصائل خارج الدولة”.
كتائب حزب الله ترفض التنازل عن المطالب الثلاثة
في المقابل، أصدرت كتائب حزب الله بياناً قاطعاً تؤكد فيه عدم تراجعها عن مطالبها الثلاثة الأساسية:
انسحاب القوات الأجنبية وطيرانها من العراق
خروج عناصرها من العمليات المشتركة في أيلول/سبتمبر 2025
وقف ما وصفته بـ”التدخلات الخارجية”
وقالت الكتائب في بيانها إنها “وقفت سدّاً منيعاً للدفاع عن سيادة العراق وكرامة شعبه منذ الاحتلال الأميركي وحتى مواجهة تنظيم داعش، وقدمت أكثر من أربعة آلاف شهيد وجريح”, معتبرة أن “الولايات المتحدة وأتباعها سعوا على مدى سنوات لتشويه تاريخ هذا الفصيل”.
أحداث دائرة الزراعة: أزمة تفجر التوترات
شكلت حادثة دائرة الزراعة في 27 يوليو/تموز الماضي نقطة تحول في العلاقة بين الحكومة والفصائل. وقد أظهرت نتائج التحقيق الحكومي أن العناصر المسلحة التي ارتكبت الخرق تتبع كتائب حزب الله، وتحديداً اللوائين 45 و46 في الحشد الشعبي.
وخلص التحقيق إلى أن القوة المسلحة “تحرّكت بدون أوامر أو موافقات خلافاً للسياقات العسكرية المتبعة، واستخدمت السلاح ضد منتسبي الأجهزة الأمنية”, مما أسفر عن سقوط ضحايا مدنيين وعسكريين.
قرارات السوداني الحاسمة
استجاب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني للتحقيق بقرارات حاسمة شملت:
إعفاء آمري اللوائين 45 و46 في الحشد الشعبي من مناصبهم
تشكيل مجلس تحقيق بحق قائد عمليات الجزيرة في الحشد الشعبي
إحالة جميع المتورطين في الحادثة إلى القضاء
التأكيد على وجود “خلل في ملف القيادة والسيطرة في الحشد الشعبي”
مطالبة بـ”الحجر” على قرارات السوداني
رداً على هذه الإجراءات، طالب الأمين العام لكتائب حزب الله، أبو حسين الحميداوي، قادة الإطار التنسيقي بـ”الحجر” على قرارات السوداني لأنها “فقدت الاتزان”. وطالب بـ”التصدي لاتخاذ القرارات الكفيلة بحفظ العراق ومقدساته لحين انتهاء ولاية السوداني في 11 تشرين الثاني”.
سيناريو الانسحاب الأمريكي والضغوط الدولية
تتزامن هذه التطورات مع جدل حول موعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق. وقد أكدت المصادر أن الخطة تتضمن خروج مئات من قوات التحالف بحلول سبتمبر/أيلول من عام 2025, وإن كانت هناك مؤشرات على إمكانية التأجيل بسبب التطورات الأمنية في المنطقة.
كما حذرت كتائب حزب الله من “مغبة عدم الالتزام بموعد إخراج القوات الأميركية”, مؤكدة أن “اتفاق المقاومة الإسلامية في العراق مع رئيس الوزراء بخصوص انسحاب الأعداء الأميركان من العراق لم يتبقَ عليه سوى شهرين”.
مستقبل قانون الحشد الشعبي
يواجه مشروع قانون الحشد الشعبي تحديات كبيرة في البرلمان العراقي. وقد أعربت واشنطن عن قلقها من مشروع القانون المطروح، معتبرة أنه سيؤدي إلى “تأسيس لنفوذ إيراني ويقوّي الجماعات الإرهابية المسلحة”.
وقال السفير البريطاني في بغداد، عرفان صديق، إن “العراق لم يعد بحاجة لإقرار قانون الحشد الشعبي بعد أن انتهت المهمة التي تأسس من أجلها”, في إشارة إلى انتهاء خطر تنظيم داعش.
تأثيرات إقليمية ودولية
تشهد المنطقة تطورات معقدة تؤثر على المشهد العراقي. فمن جهة، تضغط الفصائل المدعومة من إيران على الحكومة لتأكيد خروج القوات الأميركية, ومن جهة أخرى تحذر واشنطن من العواقب الوخيمة لإقرار قانون الحشد.
وفي السياق ذاته، تشير التقارير إلى أن “تشريع قانون الحشد الشعبي سيؤسس لنفوذ إيراني ويقوي الجماعات الإرهابية المسلحة، مما يهدد سيادة العراق” وفق التقييم الأمريكي










