في خطوة مثيرة للجدل على الساحة الاقتصادية الدولية، أعلن صندوق الثروة السيادي النرويجي يوم الاثنين 11 أغسطس 2025 عن بيع حصصه في 11 شركة إسرائيلية، وذلك في إطار مراجعة شاملة لاستثماراته في الشركات الإسرائيلية بسبب الوضع في قطاع غزة والضفة الغربية.
وقال الصندوق في بيان رسمي إنه “تم بيع هذه المواقف بالكامل” مؤكدا أنه يواصل مراجعة الشركات الإسرائيلية لإمكانية التخارج من استثمارات إضافية. كما أعلن الصندوق أنه سينهي جميع العقود مع مديري الأصول الخارجيين الذين يتولون إدارة استثماراته الإسرائيلية.
خلفية القرار والضغوط المتزايدة
جاء هذا القرار بعد مراجعة عاجلة أمرت بها الحكومة النرويجية الأسبوع الماضي، عقب تقرير نشرته صحيفة أفتنبوستن النرويجية كشف أن الصندوق يملك حصة في شركة محركات بيت شيمش الإسرائيلية التي تقدم خدمات صيانة للطائرات المقاتلة الإسرائيلية المستخدمة في الحرب على غزة.
وصرح رئيس الوزراء النرويجي يوناس جار ستوره للإذاعة النرويجية قائلاً: “يجب أن نحصل على توضيح بشأن هذا الأمر، لأن قراءة ذلك تشعرني بالقلق”. من جانبه، علق وزير المالية ينس ستولتنبرغ بالقول: “الحرب في غزة تتعارض مع القانون الدولي وتتسبب في معاناة رهيبة، لذا من المفهوم أن تُثار أسئلة حول استثمارات الصندوق في محركات بيت شيمش”.
حجم الاستثمارات النرويجية في إسرائيل
يُعتبر صندوق الثروة السيادي النرويجي الأكبر عالمياً بقيمة تبلغ 2 تريليون دولار، ويستثمر في حوالي 8,700 شركة حول العالم. وبحسب أحدث البيانات، كان الصندوق يمتلك حصصاً في 65 شركة إسرائيلية بنهاية عام 2024، بقيمة إجمالية تُقدر بـ 1.95 مليار دولار.
وتشير السجلات إلى أن الصندوق زاد حصته في شركة محركات بيت شيمش من 1.3% في عام 2023 إلى 2.09% بنهاية 2024، بقيمة تبلغ 15.2 مليون دولار. وقد ارتفعت قيمة أسهم هذه الشركة بشكل كبير منذ بداية الحرب على غزة في أكتوبر 2023.
سياسة التخارج التدريجي
وأوضح نيكولاي تانجن، الرئيس التنفيذي لإدارة استثمارات البنك النرويجي، أن الصندوق “يعمل على تقليص عدد الشركات الإسرائيلية التي يستثمر فيها وإعادة إدارة هذه الاستثمارات بسبب الظروف الاستثنائية. الوضع الإنساني في غزة مأساوي”.
وليس هذا التخارج الأول للصندوق من الشركات الإسرائيلية، حيث سبق أن باع حصصه في:
شركة بيزك للاتصالات في ديسمبر 2024 بسبب خدماتها للمستوطنات الإسرائيلية غير القانونية
شركة باز للطاقة والبيع بالتجزئة في مايو 2025 لنفس الأسباب
9 شركات إسرائيلية أخرى منذ عام 2009 بناء على توصيات مجلس الأخلاقيات
الإطار الأخلاقي للاستثمار
يعمل الصندوق النرويجي وفقاً لمبادئ توجيهية أخلاقية صارمة منذ عام 2004، حيث يتم استبعاد الشركات التي توجد مخاطر غير مقبولة من مساهمتها في انتهاكات حقوق الإنسان أو القانون الدولي. ويقوم مجلس الأخلاقيات المستقل بمراقبة هذه الاستثمارات وتقديم توصيات الاستبعاد.
وقد اعترف أسلاك سكانكه، كبير مستشاري مجلس الأخلاقيات، بأن المجلس “كان يجب أن ينظر بشكل أكثر عمقاً” في أنشطة شركة محركات بيت شيمش، خاصة فيما يتعلق بأعمال الصيانة للطائرات العسكرية.
الضغوط السياسية والمجتمعية
تواجه الحكومة النرويجية ضغوطاً متزايدة من الأحزاب السياسية والمنظمات المجتمعية للتخارج بشكل كامل من الاستثمارات الإسرائيلية. وقد وقعت 50 منظمة مجتمعية نرويجية، بما في ذلك منظمة العفو الدولية النرويجية واتحاد النقابات العمالية، على رسالة مشتركة تطالب بسحب الاستثمارات من الشركات المتورطة في انتهاكات القانون الدولي الإنساني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ومع ذلك، رفض البرلمان النرويجي في يونيو 2025 اقتراحاً للتخارج من جميع الشركات العاملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأكد وزير المالية ستولتنبرغ أنه لن يكون هناك “انسحاب شامل” من جميع الشركات الإسرائيلية، مضيفاً: “لو فعلنا ذلك، فسيعني أننا نسحب الاستثمارات منها فقط لأنها إسرائيلية”.










