أفاد تقرير فرنسي بأن المفاوضات الجارية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية السودان بشأن ترسيم الحدود البحرية لن تكون بمعزل عن المصالح المصرية، خاصة تلك المرتبطة بمنطقة مثلث حلايب وشلاتين وأبورماد. وأكد التقرير أن أي اتفاق ثنائي بين الرياض والخرطوم سيكون له تأثير مباشر على تحديد نقاط انطلاق الحدود البحرية، توزيع الجرف القاري، وحصة الأطراف في الثروات الطبيعية، فضلا عن تأثيره على السيطرة على الممرات الحيوية في البحر الأحمر.
ووفقا لتقرير نشره موقع ريزو أنترنتسيونال الفرنسي، أكد مصدر مطلع أن مصر اتخذت خطوات استباقية لضمان مصالحها الوطنية في المنطقة، بما في ذلك إجراء لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان. خلال الاجتماع، تم التوافق على اعتبار مثلث حلايب جزءا من الأراضي المصرية، وذلك في خطوة من أجل إنهاء النزاع الحدودي المستمر منذ عقود.
خطاب البرهان للمفوضية القومية للحدود
في 11 مايو 2025، وجه البرهان خطابا إلى لجنة المفوضية القومية للحدود التابعة لمجلس السيادة السوداني، مطالبا بإعتماد خريطة تدرج مثلث حلايب ضمن الحدود المصرية. هذا الإجراء جاء في سياق التحضيرات السودانية لمفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية. وتشير المصادر إلى أن البرهان تجاوز صلاحياته الدستورية، حيث لم يتم استشارة البرلمان السوداني في هذا الشأن، مما يثير تساؤلات حول الأبعاد القانونية لهذا التحرك.
الخلاف الحدودي حول مثلث حلايب
يعتبر مثلث حلايب وشلاتين وأبورماد مركز الخلاف الحدودي بين مصر والسودان. تمثل المنطقة أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة لمصر، سواء من ناحية الموارد الطبيعية أو موقعها الجغرافي المطل على البحر الأحمر. ومنذ منتصف التسعينيات، تولت الحكومة المصرية السيطرة العسكرية والإدارية الكاملة على المنطقة، بعد حادثة محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك في أديس أبابا عام 1995، والتي تم اتهام عناصر سودانية بالضلوع فيها.
وبعد تلك الحادثة، رفضت الحكومة المصرية الدعوات السودانية المتكررة للتحكيم الدولي في النزاع، مشيرة إلى أن القانون الدولي ينص على ضرورة اتفاق الطرفين للجوء إلى هذا المسار. ومنذ ذلك الحين، دأبت مصر على رفض أي مطالب سودانية بشأن السيادة على المثلث، مؤكدة أن المنطقة تقع ضمن حدودها السيادية استنادا إلى الخرائط الرسمية والوجود المؤسسي الكامل في المنطقة، بما في ذلك تقديم الخدمات الحكومية والبنية التحتية المدنية والعسكرية.
التطورات الإقليمية وأثرها على مصالح مصر
تزداد أهمية مثلث حلايب في ظل التطورات الإقليمية المتسارعة، خصوصا فيما يتعلق بمفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين السودان والسعودية. فإن أي تغيير في نقاط انطلاق الحدود البحرية أو توزيع الجرف القاري سيكون له تداعيات مباشرة على الأمن البحري المصري ومصالحها الاقتصادية في البحر الأحمر. بالإضافة إلى ذلك، فإن المنطقة تشكل نقطة محورية في تأمين الطرق البحرية الدولية، مما يعزز من أهمية سيطرة مصر على هذه المنطقة الاستراتيجية.
في ضوء هذه التطورات، تكثف مصر جهودها الدبلوماسية والسياسية على الساحة الدولية لضمان الحفاظ على ما تعتبره حقوقا ثابتة وغير قابلة للتنازل، مع التأكيد على أن مثلث حلايب جزء لا يتجزأ من سيادتها.










