أعلنت ثلاث دول أوروبية – فرنسا وألمانيا وبريطانيا – استعدادها لتفعيل ما يعرف بـ”آلية الزناد” (Snapback)، التي تعيد تلقائيا فرض العقوبات الدولية على إيران، إذا لم تستأنف طهران المحادثات النووية مع المجتمع الدولي قبل نهاية أغسطس/آب الجاري.
جاء ذلك في رسالة رسمية وجهها وزراء خارجية الدول الثلاث إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وأعضاء مجلس الأمن الدولي، حسبما أفادت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية.
وأكدت الرسالة أن الإجراءات الأوروبية “تستند إلى أساس قانوني واضح لا لبس فيه”، محذرين من أن استمرار تعنت إيران وعدم عودتها إلى طاولة المفاوضات سيؤدي إلى إعادة فرض العقوبات بشكل تلقائي، بموجب بنود الاتفاق النووي لعام 2015 (خطة العمل الشاملة المشتركة).
تمديد مشروط… وتحذير من التصعيد
قال الوزراء الثلاثة – الفرنسي جان نويل بارو، والألماني يوهانس فاديفيل، والبريطاني ديفيد لامي – إن دولهم منحت إيران تمديدا محدودا لمنع تفعيل آلية الزناد، بشرط العودة إلى المسار الدبلوماسي قبل نهاية الشهر.
وجاء في الرسالة:
“إذا لم تبد إيران استعدادها لحل دبلوماسي بحلول نهاية أغسطس، فإن الدول الأوروبية الثلاث مستعدة لتفعيل آلية إعادة العقوبات”.
خلافات بعد اجتماع إسطنبول
خلال اجتماع عقد في إسطنبول يوم 25 يوليو/تموز بين ممثلي إيران والدول الأوروبية الثلاث، رفضت طهران مقترحات تمديد قرار مجلس الأمن الداعم للاتفاق النووي، الذي تنتهي صلاحيته في 18 أكتوبر/تشرين الأول المقبل. وحذر دبلوماسي غربي شارك في المحادثات من أن “المفاوضات كانت صعبة للغاية”.
وإذا لم يتم تفعيل الآلية قبل نهاية سبتمبر، سترفع تلقائيا جميع العقوبات الأممية على إيران، بما يشمل قطاعات النفط والمصارف والدفاع.
إيران ترد: “لا أساس قانوني أو أخلاقي”
ردا على الخطوة الأوروبية، قال عباس عراقجي، كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين، إن تفعيل آلية الزناد “يفتقر إلى الأساس القانوني والأخلاقي”، مهددا باستبعاد أوروبا من أي مفاوضات مستقبلية إن مضت في هذا المسار.
وأضاف عراقجي في تصريح للصحيفة:
“لا حاجة للتفاوض مع الأوروبيين في هذه المرحلة. إذا فعلوا آلية الزناد، فإنهم يحكمون على أنفسهم بالانتهاء”.
كما اتهم الدول الأوروبية بالفشل في الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي، قائلا إنهم لم يتمكنوا من توفير الحماية الاقتصادية لإيران عقب انسحاب واشنطن من الاتفاق عام 2018.
ضغوط أميركية بعد الهجمات على المواقع النووية
تأتي هذه التطورات في أعقاب هجمات أميركية وإسرائيلية استهدفت منشآت نووية إيرانية قبل شهرين ضمن عملية “مطرقة منتصف الليل”، مما دفع طهران إلى تعليق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ورغم زيارة مسؤول كبير من الوكالة إلى طهران هذا الأسبوع، لم يصدر أي تعليق رسمي حول نتائج الزيارة.
طهران تطالب بضمانات وتعويضات
قال ماجد تخت روانجي، نائب وزير الخارجية الإيراني، في مقابلة مع وكالة كيودو اليابانية، إن طهران لا تزال منفتحة على التفاوض مع الولايات المتحدة، لكنها تطالب بضمانات أمنية واضحة، وتعويضات عن الأضرار التي لحقت بها خلال الصراع الأخير.
وأضاف:”نحن لن نقبل بمستوى تخصيب صفري تحت أي ظرف. التخصيب جزء أساسي من برنامجنا النووي، لكن يمكننا التفاوض بشأن المستوى والقدرة”.
مع اقتراب موعد انتهاء القيود الأممية على إيران، تتجه الأزمة النووية نحو منعطف حاسم. فبين ضغوط أوروبية متزايدة، وتشدد إيراني في المواقف، وخلافات داخلية حول جدوى المفاوضات، يبقى مستقبل الاتفاق النووي غامضا، فيما يخشى مراقبون أن تؤدي عودة العقوبات إلى مزيد من التصعيد الإقليمي والدولي.










