كشفت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، الخميس 14 أغسطس، أن حكومة أحمد الشرع قد منعت طائرة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، من عبور الأجواء السورية، وذلك أثناء زيارته إلى لبنان.
وحسب الصحافي الإسرائيلي الذي نقل الخبر، اضطرت الطائرة التي كانت تقل لاريجاني إلى تعديل مسارها بعد رفض دمشق السماح لها بالمرور في أجوائها، واتخذت الطائرة مسارا بديلا عبر الأجواء العراقية والتركية للوصول إلى وجهتها.
تأتي هذه الحادثة في وقت حساس على صعيد العلاقات بين طهران ودمشق. فبعد سنوات من التحالف الوثيق بين البلدين، شهدت العلاقات تدهورا ملحوظا في الفترة الأخيرة، خاصة بعد الإطاحة بحكومة بشار الأسد في ديسمبر 2024. وقد أبدى الرئيس السوري المؤقت، أحمد الشرع، انتقاداته للوجود الإيراني في سوريا، واصفا إياه بأنه يشكل تهديدا للمنطقة.
في تصريحات له في وقت سابق من هذا العام، قال الشرع إن إيران قد أعادت مشروعها الإقليمي 40 عاما إلى الوراء بسبب تدخلاتها في سوريا، واصفا دور الميليشيات الإيرانية في البلاد بأنه يهدد الاستقرار الإقليمي.
زيارة لاريجاني إلى لبنان: ردود فعل متباينة
في إطار زيارته إلى لبنان، التقى لاريجاني مع عدد من الشخصيات السياسية البارزة، ومن بينها الأمين العام لحزب الله اللبناني، نعيم قاسم. وقالت وكالة تسنيم الإيرانية التابعة للحرس الثوري إن قاسم قد أعرب عن تقديره للدعم الإيراني المستمر للبنان ومقاومته ضد إسرائيل، مؤكدا وقوف طهران إلى جانب سيادة لبنان واستقلاله.
ومع ذلك، فقد لاقت زيارة لاريجاني إلى بيروت ردود فعل سلبية من عدد من الحركات السياسية اللبنانية، حيث طالبت بعض القوى بإلغاء الرحلة. وفي الوقت نفسه، شدد كل من الرئيس اللبناني، جوزيف عون، ورئيس الوزراء نواف سلام، على أن لبنان لن يقبل بأي تدخل في شؤونه الداخلية، وأنه يجب على إيران احترام استقلال لبنان وعدم التدخل في قضاياه.
في اجتماع مع لاريجاني، أعلن عون أنه “لا يجوز لأي مجموعة في لبنان حمل السلاح أو طلب الدعم من الخارج”. كما أكد رئيس الوزراء نواف سلام أن لبنان يتوقع من الحكومة الإيرانية التزام هذا الموقف بشفافية.
محور المقاومة: رسالة من طهران
وفي تعليقاته خلال الزيارة، أكد لاريجاني أن إيران مستعدة للوقوف إلى جانب “المقاومة” في لبنان، في إشارة إلى دعم طهران المستمر لحزب الله والمجموعات المسلحة الموالية لها في المنطقة. كما قال لاريجاني إن طهران “لن تكتفي بمواقف سياسية”، مشيرا إلى استعداد الجمهورية الإسلامية لاستخدام “جميع الوسائل المتاحة” لضمان عدم نزع سلاح حزب الله.
وكانت قضية نزع سلاح حزب الله قد أثارت توترات بين لبنان وطهران في الآونة الأخيرة، خاصة مع الضغوط الدولية التي تدعو لبنان إلى فرض سيادته على جميع أراضيه، بما في ذلك سحب الأسلحة من الجماعات المسلحة.
يذكر أن إيران، من خلال دعمها للعديد من الجماعات المسلحة في المنطقة، تعتبر نفسها في “محور المقاومة” ضد ما تسميه “الهيمنة الغربية” والإسرائيل. وتدعم طهران حركات مثل حماس، الجهاد الإسلامي، الحوثيين في اليمن، وحزب الله في لبنان، وهو ما جعلها هدفا لانتقادات دولية كبيرة، بما في ذلك من الدول الغربية والعربية التي ترى في هذه الجماعات تهديدا للأمن الإقليمي.
التوترات الإقليمية وتحديات إيران
تشير هذه التطورات إلى التوترات المتصاعدة بين إيران وحلفائها التقليديين في المنطقة، بالإضافة إلى الضغوط المتزايدة على الجمهورية الإسلامية بشأن تدخلاتها في الشؤون الداخلية لدول المنطقة. ولا شك أن منع سوريا لطائرة لاريجاني يعد أحدث فصل في العلاقات المتوترة بين طهران ودمشق، والتي قد تشهد مزيدا من التقلبات في المستقبل القريب، في وقت تشهد فيه المنطقة تحديات أمنية وسياسية معقدة.










