كشف تقرير تحليلي نشرته صحيفة “فان غارد” النيجيرية عن تضارب واضح في الروايات المتعلقة بالجهة المسؤولة عن الغارات الجوية بالمسيرات التي استهدفت مناطق في صبراتة وزوارة والزاوية مطلع أغسطس 2025، وسط اتهامات بوجود تدخلات أجنبية في الصراع الليبي.
الرواية الأولى: خطة معلنة لاستهداف مهربي البشر والمخدرات
وفقاً للتقرير، تنسب الرواية الأولى الضربات إلى قوات تابعة لحكومة الدبيبة ضمن خطة معلنة لاستهداف معاقل ما وصفته بتجار البشر ومهربي المخدرات. تشير المصادر إلى وجود تنسيق مع إيطاليا في إطار جهود الحد من الهجرة غير الشرعية.
أعلنت وزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية تنفيذ “ضربات جوية دقيقة” استهدفت ما وصفته بـ”أوكار الجريمة”، خصوصاً في مدن الزاوية وصبراتة. وتُعد منطقة الساحل الغربي في ليبيا مركزاً لنشاطات التهريب، بما في ذلك تهريب الوقود المدعوم والمهاجرين غير الشرعيين، إلى جانب تجارة المخدرات.
الرواية الثانية: استخدام طائرات مسيرة أوكرانية مستوردة
أما الرواية الثانية فتعتمد على تحقيقات أولية تشير إلى استخدام طائرات مسيرة أوكرانية الصنع استوردتها حكومة الدبيبة في يونيو 2025، ودخلت إلى ليبيا عبر أذربيجان والجزائر.
تفاصيل استيراد الطائرات المسيرة
أفادت مصادر عسكرية أن هذه الطائرات جرى استيرادها عبر قنوات تجارية وعسكرية مختلفة، بإشراف وكيل وزارة الدفاع عبد السلام الزوبي. كما أشارت التقارير إلى أن الملحق العسكري الأوكراني في الجزائر “أندري بايوك” أشرف على تسليم الدفعة الأخيرة.
وبحسب المركز الأوروبي للدراسات الاستراتيجية, يمثل استخدام هذه الطائرات تصعيداً خطيراً في الصراع المسلح في طرابلس. حيث كثف الدبيبة مشتريات الطائرات بدون طيار، وخاصة الطائرات الأوكرانية، لاستخدامها في حربه ضد الميليشيات المسلحة التي تعارضه في غرب ليبيا.
مسارات التهريب والتسليم
كشفت المصادر أن بعض المسيرات الأوكرانية دخلت ليبيا عبر وسطاء في أذربيجان، بينما وصلت دفعة منها عبر الحدود الجزائرية، بمساعدة خبراء تشغيل وصيانة من جنسية أوكرانية. يُشتبه في دخولهم طرابلس في إطار تعاون تقني غير معلن.
الرواية الثالثة ونفي تركي
طرح التقرير رواية ثالثة تقول إن الطائرات كانت تركية، لكن وزارة الدفاع التركية نفت أي دور لطائراتها المتمركزة في ليبيا. أشار محللون إلى أن الرواية الأولى تحظى ببعض المصداقية، خاصة في ظل استياء الدبيبة من التقارب التركي مع الشرق الليبي.
تراجع العلاقات التركية-الليبية
تشير التقارير إلى أن العلاقات بين الدبيبة وتركيا – المورد التقليدي للطائرات المسيرة إلى ليبيا – شهدت تدهوراً ملحوظاً مؤخراً، على خلفية رفض أنقرة السماح للدبيبة باستخدام الطائرات التركية في أي عمليات عسكرية داخلية.
اتهامات المسؤولين السابقين
اتهم ناصر عمار، رئيس غرفة عمليات طرابلس ومكتب المعلومات والعمليات الأمنية السابق، الدبيبة باستخدام طائرات مسيرة أوكرانية في صراعه من أجل البقاء في السلطة وتصفيات حسابات مع قادة ميليشيات يعارضون استمراره.
الدعم الخارجي والخبراء الأوكرانيون
أوضح عمار أن الدبيبة يتلقى دعماً عسكرياً غير مباشر عبر دول سمحت بمرور شحنات المسيرات وإدخال 12 خبيراً أوكرانياً إلى طرابلس لتدريب المرتزقة على تجميع وتشغيل هذه الطائرات.
ردود الفعل الدولية والمحلية
أثارت التقارير المتداولة حول وصول مسيرات أوكرانية إلى ليبيا اهتمام عدد من المراقبين الدوليين، خصوصاً في ظل تصاعد استخدام الطائرات المسيرة في النزاعات الداخلية والإقليمية.
التحقيق الجزائري المحتمل
بحسب الصحيفة، لم تصدر الجزائر أي بيان رسمي حول ما ورد، غير أن مصادر أشارت إلى أن المديرية العامة للتوثيق والأمن الخارجي فتحت تحقيقاً في تورط الملحق العسكري الأوكراني في تهريب مسيرات إلى ليبيا لصالح جماعات مسلحة تابعة للدبيبة.
حرب قادمة
خلص التقرير إلى أن الجدل حول نوع أو أصل الطائرات ليس جوهرياً، بقدر ما يبرز استمرار التدخلات الأجنبية كعامل رئيسي في الانقسام المؤسسي والفوضى الأمنية والانهيار الاقتصادي، مع سعي الأطراف الخارجية وراء مصالحها الخاصة دون اعتبار لمطالب الشعب الليبي.
ويرى خبراء في الأمن الدولي أن إدخال تقنيات عسكرية متقدمة إلى بيئة غير مستقرة مثل ليبيا، قد يُسهم في تعقيد المشهد الأمني، ويزيد من خطر التصعيد بين الأطراف المتنازعة.










