أثارت تغريدة نشرتها الصفحة الفارسية لوزارة الخارجية الإسرائيلية على منصة “إكس” (تويتر سابقا)، جدلا واسعا، بعد أن تضمنت رسالة رمزية تقول:
“موعدنا الصيف المقبل على شاطئ تل أبيب الجميل، حيث يشرب الإسرائيليون والسياح الإيرانيون معا البيرة الباردة، ولا شك لديهم أن الحرية قريبة.”
الرسالة، التي حملت طابعا دعائيا، فسرت على نطاق واسع بأنها إشارة إلى زعزعة الاستقرار داخل إيران وإيحاء بمرحلة ما بعد النظام الحالي، في ظل ما تصفه إسرائيل بـ”التحولات الداخلية الكبرى” في الجمهورية الإسلامية.
معضلة استراتيجية ومخاوف من حرب وشيكة
في السياق نفسه، وصف دينيس سيترينوفيتش، الرئيس السابق للقسم الإيراني في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، الوضع الراهن في إيران بأنه “معضلة استراتيجية”، محذرا من احتمال اندلاع مواجهة عسكرية جديدة “فورية وبكثافة عالية”.
وفي مقابلة مع صحيفة “إسرائيل هيوم”، قال سيترينوفيتش إن إيران باتت عالقة بين ضغوط داخلية متصاعدة، وتآكل في فاعلية شبكة وكلائها الإقليميين، وأزمات اقتصادية وبنيوية مثل أزمة المياه، إلى جانب تهديدات خارجية كتحريك أوروبا لآلية “سناب باك” التي قد تعيد فرض العقوبات الدولية.
إيران تتلقى ضربات متتالية.. وردعها التقليدي في تراجع
وأضاف المسؤول الإسرائيلي أن طهران تتعرض لسلسلة من الضربات الاستراتيجية، دون أن تتمكن حتى الآن من استعادة توازنها، مشيرا إلى أن الردع التقليدي للجمهورية الإسلامية بات أضعف من أي وقت مضى.
وأوضح أن جهود إيران لإعادة بناء قدراتها الصاروخية والدفاع الجوي هي في صدارة أولوياتها، لكنها لم تصل بعد إلى مرحلة اتخاذ قرارات استراتيجية تتعلق ببرنامجها النووي، الأمر الذي قد يكون مؤجلا حتى تضمن حماية جبهتها الداخلية.
وفي ما يخص شبكة وكلاء إيران في المنطقة، قال سيترينوفيتش إن الضربات التي استهدفت القوى المدعومة من طهران في لبنان والعراق كانت مؤثرة، لكن إيران تحاول “إعادة إحيائها”، حتى وإن كانت لم تعد قادرة على ردع إسرائيل بشكل فعال.
رسائل داخلية في إيران: استقطاب المعتدلين دون تغيير المسار
وفي مؤشر على محاولة إعادة ترتيب المشهد الداخلي الإيراني، أشار المسؤول السابق إلى تعيين علي لاريجاني في موقع متقدم ضمن هيكل الحكم، ما اعتبره محاولة لامتصاص الغضب الداخلي واستقطاب التيار المعتدل، دون التخلي عن نهج الحرس الثوري بالكامل.
فرصة للضغط الدبلوماسي؟
وفي تقييمه للمرحلة الراهنة، اعتبر سيترينوفيتش أن الوقت مناسب للضغط على إيران من أجل تحقيق تنازلات في الملف النووي، وربما التوصل إلى اتفاق غير معلن حول عدم الاعتداء المتبادل، لكنه في الوقت نفسه أقر بصعوبة اتخاذ قرارات حاسمة في ظل تعقيدات المشهد الإيراني.
وأكد أن إبرام طهران اتفاقا ما قد يساهم في تخفيف حدة الاحتقان الداخلي، لكنه لم يستبعد احتمال عودة الحرب، مشددا على أن “بداية الحرب المقبلة ستكون عند النقطة التي انتهت عندها المواجهة السابقة، ولكن بشراسة أكبر.”
موقف طهران: لا حرب في الأفق… ولكن الحذر واجب
من جانبه، نفى عباس عراقجي، وزير خارجية الإيراني، وجود مؤشرات على حرب وشيكة، قائلا:”لا أعتقد، من واقع خبرتي الممتدة لأكثر من 40 عاما في العلاقات الدولية، أن هناك حربا على الأبواب.”
لكن عراقجي حذر من الإفراط في الاطمئنان، داعيا القوات المسلحة والحكومة إلى عدم التساهل أو الاعتماد فقط على التصريحات، مشيرا إلى ضرورة الاستعداد الكامل لأي سيناريو محتمل.
خلاصة: حرب مؤجلة أم مواجهة حتمية؟
في ظل التصعيد الكلامي، والانهيارات البنيوية داخل إيران، وقلق إسرائيل من إعادة تشكل “محور المقاومة”، يبدو أن المنطقة تقف أمام مفترق طرق خطير. فإما أن تتجه الأمور إلى صفقة دبلوماسية “رمادية” تؤجل المواجهة، أو أن تجد المنطقة نفسها قريبا أمام جولة جديدة من الصراع، أكثر ضراوة وأقل قابلية للضبط.










