فتح الدكتور سعد بن طفلة العجمي، وزير الإعلام الأسبق في دولة الكويت، ملف استضافة العراق للمعارضة البحرينية، واصفا هذا الأمر بأنه “خرق للقوانين والأعراف” وتدخل في الشؤون الداخلية لدولة شقيقة.
جاء ذلك في تغريدة نشرها العجمي على منصة “إكس” (تويتر سابقا)، حيث قال: “من غير المقبول ويعتبر خرقا للقوانين والأعراف وعلاقات الجيرة والأخوة وتدخلا في الشؤون الداخلية لدولة شقيقة أن يستضيف العراق علنا ‘معارضة’ بحرينية تسعى لإسقاط النظام في البحرين وتحويله لتابع لولاية الفقيه في طهران”.
وأضاف العجمي أن على مجلس التعاون الخليجي أن “يصدر بيانا يدين هذه الاستضافة غير الحاتمية، ويقف إلى جانب البحرين في مواجهة ما وصفها بـ”مرتزقة تصرف عليهم إيران بأموال الشعب العراقي”.
خلفية استضافة المعارضة البحرينية في العراق
تحول العراق خلال العقد الماضي إلى مركز لمجموعة من جماعات المعارضة الخليجية العربية، خاصة البحرينية، حيث لجأ عشرات من شخصيات المعارضة البحرينية إلى العراق بعد أحداث 2011. وبعد الحملة الأمنية على انتفاضة 2011 في البحرين ذات الأغلبية الشيعية، استقبل العراق مجموة من المنفيين البحرينيين، ومنح بعضهم اللجوء السياسي.
كما تشير تقارير إلى أن المنامة ألغت جنسية نحو ألف معارض، من بينهم 304 في عام 2018 وحد، وقد وجد كثير من هذه الشخصيات طريقه إلى العراق.
وفي بيان صدر عام 2018، أعلن ائتلاف شباب 14 فبرايرالمعارض البحريني عن إنشاء “مجلس سياسي” في بغداد.
ويواصل ائتلاف المعارضة الحفاظ على حضور بارز وواضح في العراق، ويستضيف بشكل متكرر فعاليات في العاصمة وكذلك النجف.
والمجموعة ليست سوى جزء واحد من منظومة أوسع من الناشطين البحرينيين والمعارضين البارزين الذين رحبت بهم بغداد.
كما ان المطلوب البحريني بجرائم الإرهاب، ميثم الجمري، افتتح مقرا له في مدينة النجف، وهو عبارة عن منزل من طابقين، يقيم به ويستقبل أيضا من يأتيه فيه.
وينشط الجمري وآخرون من الجنسية البحرينية، داخل العراق منذ 12 عاما، أبرزهم محمد التوبلاني، وفاضل الجمري، وياسين علي، وعقيل القصاب، ويقدر عددهم أكثر من 30 شخصا جميعهم مدانون بجرائم الإرهاب والتخابر مع إيران، ويديرون أنشطة إعلامية معادية للسلطات البحرينية أبرزها منصات على تطبيق “تلغرام” ذات محتوى طائفي تحريضي
وفي المقابل، أصبحت السلطات البحرينية أكثر صرامة في تأكيدها على أن المجتمع المعارض المتنامي في العراق يشكل تهديدا خطيرا لأمنها، وخاصة من الأطراف التي تزعم المنامة أنها منخرطة في نشاط مسلح.
التمويل الإيراني والعراقي
تشير التقارير إلى أن العديد من هذه الجماعات الخليجية يتم تمويلها من قبل لاعبين سياسيين عراقيين مؤثرين متحالفين مع إيران، فضلا عن التمويل المباشر من طهران.
وقد ازداد هذا النشاط منذ تولي رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي لمنصبه، حيث كان “يرسل مبعوثين للتنسيق مع قوى المعارضة السعودية في لندن وباريس”.
وزعم أحد المصادر المقربة من رئاسة الوزراء العراقية الذي فضل عدم الكشف عن هويته أن دعم بغداد لمثل هذه الجماعات يستلزم أيضا تمويل أنشطتها وتوفير رواتب شهرية للأعضاء.
-أضاف المصدر أن هؤلاء المعارضين يحصلون على ترتيبات أمنية وغطاء سياسي من الجماعات المسلحة العراقية القريبة من إيران.
مجلس سياسي في بغداد
في العام 2018، أعلن “ائتلاف شباب 14 فبراير” المعارض في البحرين، عن تأسيس “مجلس سياسي” في بغداد. وقد نظمت هذه الجماعات مؤتمرات ومعارض في محافظة كربلاء بموافقة السلطات المحلية وحماية الشرطة العراقية، مع مشاركة شخصيات عراقية دينية وسياسية مختلفة.
التحديات الدبلوماسية
تعارض مع رؤية السوداني
تتعارض استضافة المعارضة الخليجية مع رؤية رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الذي سعى منذ توليه السلطة في 2022 إلى “تحويل العراق من أرض للصراعات بالوكالة إلى موقع للنمو الاقتصادي والاستثمار”. هذا الوضع أثار شكوكا حول دوافع الحكومة العراقية الحالية في السماح لمثل هذه الجماعات بالنشاط على الأراضي العراقية.
حوادث تسليم المعارضين
في أحدث التطورات، سلمت السلطات العراقية معارضا بحرينيا محكوما بالسجن المؤبد إلى السلطات الكويتية في أغسطس 2025، وهو هاشم شرف (36 عاما) المحكوم عليه بثلاث تهم تتعلق بمشاركته في احتجاجات 2011. هذا الإجراء وضع الحكومة العراقية في موقف محرج أمام المرجعيات الدينية والفصائل الشيعية المؤيدة للمعارضة البحرينية.
السياق السياسي الإقليمي
العلاقات العراقية الخليجية
تشهد العلاقات العراقية الخليجية توترا مستمرا منذ الغزو الأمريكي عام 2003، حيث أدى اجتثاث نظام البعث إلى بروز “الهلال الشيعي” الذي يربط طهران ببغداد ودمشق. وقد فشلت عواصم دول مجلس التعاون “في صياغة سياسة متينة وطويلة الأمد تجاه العراق”.
محاولات التقارب الحالية
رغم التوترات، هناك محاولات للتقارب، حيث طرح العراق وإيران في أغسطس 2025 فكرة عقد اجتماع مشترك مع دول مجلس التعاون الخليجي بصيغة (6+2) على هامش اجتماعات الأمم المتحدة. كما أشاد المجلس الأعلى لمجلس التعاون بالشراكة الإيجابية مع العراق وأكد على المضي في مشاريع الربط الكهربائي.
التوترات في البحرين
تشهد البحرين توترات طائفية مستمرة بين الأغلبية الشيعية والنظام السني الحاكم، خاصة بعد أحداث 2011. وتتهم البحرين إيران بالتدخل في شؤونها من خلال دعم المعارضة سياسيا وعسكريا وماليا، حيث تستخدم طهران “العامل الأيديولوجي والديني للسيطرة على المنامة”.
ويطالب الشارع البحريني بـ”اجتثاث ولاية الفقيه من مملكة البحرين”، على غرار ما حدث مع تنظيم القاعدة وحزب البعث العراقي. ويعتبر هذا المطلب ضروريا لـ”أمن البحرين واستقرارها” في مواجهة ما يوصف بـ”الإرهاب والتفجيرات الدموية”.










