بعد قمة ترامب بوتين في ألاسكا، فتح اقتراح المستشار الألماني فريدريش ميرتس بعقد قمة تجمع رؤساء الولايات المتحدة وأوكرانيا وروسيا في أوروبا الباب أمام تساؤلات حول موقع القارة العجوز في مسار التسوية السياسية للحرب الأوكرانية، خصوصًا في ظل ما يُنظر إليه على أنه تحركات أمريكية روسية متسارعة لرسم ملامح الحل.
ميرتس قال في مقابلة مع وسائل إعلام ألمانية إن القمة لم يُحدد موعدها أو مكانها بعد، لكنه اقترح أن تُعقد في أوروبا، وربما في “مكان دائم للمحادثات”.
ويعكس هذا الطرح رغبة برلين – ومن ورائها عواصم أوروبية أخرى – في أن تبقى طرفًا فاعلًا في أي عملية سياسية لا تُختزل بين واشنطن وموسكو وحدهما.
بين مذكرة اعتقال بوتن وضغوط واشنطن
يأتي هذا المقترح في وقت حساس، إذ ما زالت مذكرة المحكمة الجنائية الدولية الصادرة بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قائمة، ما يجعل أي لقاء دولي يشمل بوتن محفوفًا بالتعقيدات القانونية والسياسية. فبموجب المذكرة، يمكن أن يتعرض للاعتقال إذا دخل أراضي الدول الموقعة على نظام روما الأساسي.
في المقابل، كثف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من تحركاته الدبلوماسية، فبعد اجتماعه مع بوتن في ألاسكا، دعا نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى واشنطن الاثنين لمناقشة “خطة لإنهاء الحرب”، تشمل – وفقًا لتسريبات – التنازل عن أجزاء من الأراضي الأوكرانية غير المحتلة لصالح روسيا مقابل وقف إطلاق النار.
رفض أوكراني وتوجس أوروبي
رد كييف وحلفائها الأوروبيين كان حاسمًا: لا تنازل عن الأراضي. فهذه المناطق، بحسب القادة الأوروبيين، ذات أهمية استراتيجية وتحتوي على موارد معدنية غنية، وأي تسوية تنتقص من وحدة الأراضي الأوكرانية ستكون سابقة خطيرة وخرقًا للدستور الأوكراني.
كما أن اقتراح بوتين بوقف إطلاق النار مقابل الاحتفاظ بمكاسب ميدانية أثار تشكيكًا واسعًا، إذ يذكّر الأوروبيين بتجارب سابقة تراجع فيها الكرملين عن التزاماته المكتوبة.
أوروبا بين الوساطة والخوف من التهميش
طرح ميرتس يعكس إدراكًا متزايدًا في أوروبا بأن أي تسوية تُفرض من الخارج – سواء عبر تفاهم أمريكي روسي أو صفقة ثنائية بين ترامب وبوتين – قد تهمش الدور الأوروبي وتضر بمصالح القارة الأمنية والاقتصادية. لذلك، فإن القمة المقترحة في أوروبا قد تكون محاولة لتثبيت “مقعد أوروبي” على طاولة التفاوض.
غير أن نجاح المبادرة مرهون بعوامل عدة، أبرزها استعداد واشنطن وموسكو لإشراك الأوروبيين في العمق، وقبول كييف بأي إطار تفاوضي لا يُنظر إليه كتنازل عن سيادتها.










