كشفت وكالة أكسيوس الأمريكية، نقلاً عن مصدرين مطلعين، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يريد عقد اجتماع ثلاثي بحلول 22 أغسطس على أبعد تقدير، يضم الولايات المتحدة وأوكرانيا وروسيا. جاء هذا الإعلان عقب الاتصالات الهاتفية التي أجراها ترامب مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وزعماء أوروبيين آخرين، في أعقاب قمة ألاسكا التاريخية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ترامب يضع مهلة نهائية لعقد اجتماع ثلاثي
وفقاً لتقرير وكالة أكسيوس، فإن ترامب أبلغ زعماء الاتحاد الأوروبي وكييف أنه يرغب بعقد اجتماع ثلاثي بمشاركة روسيا وأوكرانيا في وقت مبكر يوم 22 أغسطس، أي في غضون خمسة أيام فقط من تاريخ اليوم. ونقل الموقع عن مصادر مطلعة على محتوى المكالمة التي أجراها الرئيس: “أبلغ ترامب القادة الأوروبيين خلال المكالمة الهاتفية التي أعقبت قمة ألاسكا عن نيته تنظيم لقاء ثلاثي مع بوتين وزيلينسكي يوم الجمعة المقبل 22 أغسطس”.
هذا التوقيت المتسارع يعكس رغبة ترامب في الاستفادة من الزخم المتولد عن قمة ألاسكا ومن الأجواء الإيجابية التي وصفها كل من الرئيسين الأمريكي والروسي بأنها “بناءة” و”مثمرة”، رغم عدم التوصل إلى اتفاق فوري لوقف إطلاق النار.
تفاصيل إعلان أكسيوس عن الموعد النهائي
كشفت المصادر المطلعة أن ترامب عبر في اتصالاته مع القادة الأوروبيين عن اقتناعه بأن “صفقة سلام سريعة أفضل من وقف إطلاق النار” التقليدي. وأوضح مراسل أكسيوس أن المكالمة بين الرئيس الأمريكي والرئيس الأوكراني وزعماء حلف شمال الأطلسي “كانت صعبة”، حيث تحدث ترامب لأكثر من ساعة ونصف مع زيلينسكي والقادة الأوروبيين لإطلاعهم على تفاصيل لقائه مع بوتين.
وبحسب التقرير، فقد تحدث ترامب مع زيلينسكي أولاً، ثم انضم إليهما وزير الخارجية ماركو روبيو والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، إضافة إلى قادة بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وفنلندا وبولندا وأمين عام الناتو ورئيسة المفوضية الأوروبية.
ردود الفعل والتطورات عقب قمة ألاسكا
من جانبه، أعلن الرئيس الأوكراني زيلينسكي موافقته على المبدأ، حيث كتب على منصة إكس: “أوكرانيا تؤكد استعدادها للعمل بأقصى جهد ممكن لتحقيق السلام. ندعم اقتراح الرئيس ترامب بعقد اجتماع ثلاثي بين أوكرانيا والولايات المتحدة وروسيا. تؤكد أوكرانيا أن القضايا الرئيسية يمكن مناقشتها على مستوى القادة، وأن القمة الثلاثية مناسبة لذلك”.
في المقابل، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد قمة ألاسكا، عن اجتماع قريب لممثلي “تحالف الراغبين” لدعم أوكرانيا، والذي من المقرر أن يعقد يوم الأحد 17 أغسطس لمناقشة التطورات الجديدة.
موقف بوتين من الاجتماع الثلاثي المقترح
لكن التقارير تشير إلى أن بوتين لم يقدم حتى الآن أي التزامات في هذا الصدد، وفقاً لما ذكرته وكالة أكسيوس. بل إن مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف أعلن أن إمكانية عقد اجتماع ثلاثي بين بوتين وترامب وزيلينسكي “لم تُطرح رسميًا”، ولم يُحدد موعد جديد للقمة المقبلة.
وأكد الكرملين أن بوتين وترامب لم يناقشا أي اجتماع ثلاثي مع زيلينسكي في أنكوريج، ولم يعلّق على المسألة. كما أشارت مصادر في فريق الكرملين إلى أن “موضوع القمة الثلاثية لم يطرح خلال المفاوضات”، وهي إشارة لافتة تعكس تحفظ موسكو من الفكرة.
تحديات وعقبات المهلة الزمنية القصيرة
تواجه خطة ترامب لعقد اجتماع ثلاثي بحلول 22 أغسطس عدة تحديات جوهرية. أولاً، موقف بوتين المتحفظ من فكرة اللقاء مع زيلينسكي، حيث وصفه بـ”غير الشرعي” على رأس “دولة مصطنعة” في مناسبات سابقة.
ثانياً، الخلافات الجوهرية حول شروط السلام، حيث عرض بوتين على ترامب تجميد القتال في خيرسون وزابوريجيا مقابل انسحاب أوكرانيا من إقليم دونيتسك، وهو الشرط الذي رفضته كييف فوراً. وبحسب صحيفة “فاينانشال تايمز”، فقد أبلغ بوتين ترامب استعداده لتجميد خطوط القتال في منطقتي جنوبي أوكرانيا إذا ما استجابت كييف لمطلبه الأساسي.
موقف زيلينسكي والضمانات الأمنية المطلوبة
من جهته، استبعد زيلينسكي تقديم أي تنازلات إقليمية لموسكو، مؤكداً سعيه للحصول على ضمانات أمنية مدعومة من الولايات المتحدة. وشدد على أن “جميع القضايا المتعلقة بأوكرانيا يجب أن تُناقش مع أوكرانيا”.
كما أكد زيلينسكي ضرورة إنهاء الحرب عبر “سلام حقيقي ودائم” يتضمن وقفاً شاملاً لإطلاق النار في البر والبحر والجو، مع ضمان أمن طويل الأمد لأوكرانيا بدعم من الولايات المتحدة وأوروبا.
التطورات اللوجستية والاستعدادات
رغم المهلة الزمنية القصيرة، فإن ترامب دعا القادة الأوروبيين أيضاً إلى المشاركة في لقاء منفصل سيعقده مع زيلينسكي في البيت الأبيض يوم 18 أغسطس، لبحث خطة لتسوية الأزمة الأوكرانية. هذا الاجتماع قد يمهد الطريق للقاء الثلاثي المقترح أو قد يكشف عن الصعوبات الكامنة في تحقيقه.
وأشارت صحيفة “نيويورك تايمز” إلى أن ترامب أبلغ القادة الأوروبيين بإمكانية الوصول لـاتفاق سلام سريع إذا وافق زيلينسكي على التنازل عن بقية منطقة دونباس لروسيا، وهو ما يضع ضغطاً إضافياً على الرئيس الأوكراني.
التداعيات المحتملة لمهلة 22 أغسطس
إن عدم تحقق الاجتماع الثلاثي في الموعد المحدد قد يؤدي إلى تصعيد الأزمة الدبلوماسية وعودة الحديث عن فرض عقوبات جديدة على روسيا. فقد هدد ترامب سابقاً بـ”عواقب وخيمة” إذا لم تتوقف الهجمات الروسية على أوكرانيا.
من جهة أخرى، قد يدفع الضغط الزمني جميع الأطراف إلى اتخاذ قرارات سريعة قد تؤثر على مستقبل العلاقات الدولية في المنطقة. وبحسب مراقبين، فإن موسكو قد تستغل هذا الضغط الزمني لانتزاز المزيد من التنازلات من الجانب الأوكراني.









