كشفت صحيفة إسرائيل هيوم العبرية عن أن الولايات المتحدة طرحت مسودة جديدة للتوصل لحل دائم في غزة يطبق على مراحل، تستند إلى مقترح المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف وتنتهي بـوقف دائم لإطلاق النار مع فرض حكم دولي لقطاع غزة.
جاء ذلك بالتزامن مع إعلان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عن بدء توزيع خيام ومعدات إيواء اعتباراً من الأحد، تمهيداً لنقل السكان من مناطق القتال إلى مناطق آمنة جنوب القطاع قبل هجوم جديد على مدينة غزة.
المسودة الأمريكية الجديدة: حل دائم على مراحل
وفقاً لصحيفة إسرائيل هيوم، فإن المسودة الأمريكية الجديدة تبدأ باقتراح المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف وتنتهي بوقف دائم لإطلاق النار، مع تطبيق حل دائم في غزة على مراحل متدرجة. وأشارت الصحيفة إلى أن المسودة تتضمن فرض حكم دولي لقطاع غزة خلال فترة تنفيذ الاقتراح، إلى جانب إعادة بناء قطاع غزة كجزء من الترتيبات الشاملة.
تأتي هذه المسودة في إطار ما وصفه الخبراء بـ”التحول النوعي في المسار الإسرائيلي-الأمريكي” نحو فرض ترتيبات أحادية الجانب، حيث أعلن المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف في 2 أغسطس 2025 عن العمل مع إسرائيل على “صفقة شاملة” لوقف إطلاق النار في غزة، تشمل إطلاق سراح جميع المحتجزين، ونزع السلاح الكامل لحركة حماس، وإعادة الإعمار، مع فرض سيطرة دولية على القطاع بقيادة الولايات المتحدة.
يتضمن المقترح الأمريكي وقفاً مؤقتاً للعمليات القتالية لمدة 60 يوماً، وإطلاق سراح أسرى من الجانبين، تمهيداً للوصول إلى اتفاق دائم. وينص على إطلاق سراح 10 أسرى إسرائيليين أحياء وتسليم جثامين 18 آخرين، مقابل إفراج إسرائيل عن 125 أسيراً فلسطينياً محكوماً بالمؤبد و1111 معتقلاً من غزة.
موقف نتنياهو الثابت من شروط إنهاء الحرب
رداً على تقارير المسودة الأمريكية الجديدة، أعلن ديوان نتنياهو أن إسرائيل “ستقبل اتفاقاً شرط إطلاق سراح جميع الرهائن دفعة واحدة وتوافقه مع شروط إسرائيل لإنهاء الحرب”. وأضاف: “شرط إنهاء الحرب نزع سلاح حماس وسيطرتنا الأمنية على القطاع وتشكيل حكم غير تابع لحماس والسلطة”.
وأكد مكتب نتنياهو أن مجلس الوزراء الأمني أقرّ “5 مبادئ لإنهاء الحرب هي: نزع سلاح حماس، وإعادة جميع الأسرى – أحياء وأمواتاً، ونزع سلاح قطاع غزة، والسيطرة الأمنية الإسرائيلية على القطاع، وإقامة إدارة مدنية بديلة لا تتبع لحماس ولا للسلطة الفلسطينية”.
وفي مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز” الأمريكية، أكد نتنياهو عزم بلاده السيطرة على القطاع دون “حكمه”، قائلاً: “لا نريد الاحتفاظ بغزة. نريد إقامة منطقة أمنية، لكننا لا نريد حكمها”. وأوضح أن الهدف هو “تسليم السلطة لقوات عربية غير مسلحة” تستطيع إدارة غزة بكفاءة دون تهديد إسرائيل.
استعدادات عملية لنقل السكان إلى الجنوب
في تطور عملي مهم، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي يوم السبت أن الجيش سيزود سكان قطاع غزة بـخيام ومعدات إيواء ابتداء من الأحد، استعداداً لنقل السكان من مناطق القتال إلى مناطق آمنة جنوب القطاع.
وأوضح أدرعي أن “التحضيرات تجري لنقل السكان المدنيين من مناطق القتال إلى جنوب قطاع غزة حفاظاً على أمنهم”، مشيراً إلى أن المعدات ستُنقل عن طريق معبر كرم أبو سالم “بواسطة الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية بعد خضوعها لتفتيش دقيق من قبل أفراد سلطة المعابر البرية التابعة لوزارة الدفاع”.
يأتي هذا الإعلان بعد أيام من إعلان إسرائيل عزمها شن هجوم جديد للسيطرة على مدينة غزة، أكبر مركز حضري بالقطاع الفلسطيني، مما أثار قلقاً دولياً حيال مصير القطاع المدمر الذي يقطنه نحو 2.2 مليون نسمة.
خطة السيطرة على مدينة غزة وتداعياتها
أقر المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي في 8 أغسطس خطة نتنياهو للسيطرة على مدينة غزة، التي تقضي بإخلاء المدينة من سكانها البالغ عددهم نحو مليون نسمة ودفعهم نحو الجنوب، ثم فرض السيطرة على المدينة. وتشمل الخطة لاحقاً السيطرة على مخيمات اللاجئين في الوسط، لتشمل العمليات العسكرية مناطق يُرجح تواجد المحتجزين الإسرائيليين فيها.
وكشفت التقارير أن الخطة تبدأ باحتلال مدينة غزة عبر تهجير الفلسطينيين البالغ عددهم نحو مليون نسمة إلى الجنوب، ثم تطويق المدينة وتنفيذ عمليات توغل في التجمعات السكانية والبنية التحتية للمقاومة. وأفادت وسائل إعلام عبرية أن جيش الاحتلال تلقى أوامر بالاستعداد لاجتياح ما تبقى من مدينة غزة.
وقال نتنياهو إنه “لا يوجد خيار أمام إسرائيل سوى إكمال المهمة وهزيمة حركة حماس” بعد أن رفضت الحركة إلقاء سلاحها، بينما أكدت حماس أنها “لن تلقي سلاحها إلا في حالة إقامة دولة فلسطينية مستقلة”.
الواقع الميداني والسيطرة الحالية
تسيطر إسرائيل بالفعل على حوالي 75 بالمئة من قطاع غزة، وتقوم بتنفيذ عمليات من مواقع ثابتة على الحدود، وتقصف الأهداف حسب الحاجة. وكثف الجيش الإسرائيلي خلال الأسبوع المنصرم عمليات دك وقصف مدينة غزة، تزامناً مع موافقة رئيس الأركان إيال زامير على “الفكرة المركزية” لخطة الهجوم على القطاع.
وأعلن السكان في حيي الزيتون والشجاعية عن وقوع قصف إسرائيلي مكثف من الطائرات والدبابات، مما أدى إلى تدمير كثير من المنازل. وقال الجيش الإسرائيلي يوم الجمعة إنه بدأ عملية جديدة في حي الزيتون لتحديد مواقع المتفجرات وتدمير الأنفاق وقتل المسلحين في المنطقة.
ردود الفعل الدولية والإقليمية
أثارت خطط إسرائيل للسيطرة على مدينة غزة ردود فعل دولية واسعة. وعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة بشأن غزة بعد إعلان خطة إسرائيل لتوسعة العملية العسكرية والاحتلال الكامل للقطاع، بناء على طلب من فلسطين وتأييد جميع الدول المعنية باستثناء الولايات المتحدة.
وأصدرت الدول العربية بياناً مشتركاً جدد “الرفض الكامل والمطلق لتهجير الشعب الفلسطيني بأي شكل من الأشكال وتحت أي ذريعة من الذرائع”، ومطالبة المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لوقف العدوان والانسحاب الكامل من قطاع غزة.
وحملت الدول العربية “إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، كامل المسؤولية عن تبعات جرائمها في قطاع غزة، من انهيار المنظومة الصحية والإغاثية”، مؤكدة أن “قطاع غزة جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة”.










