أصدر رئيس مجلس السيادة السوداني والقائد العام للجيش، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، قرارات غير مسبوقة بإحالة وترقية عدد من كبار الضباط في الجيش السوداني، في خطوة وصفها مراقبون بأنها “إطاحة حاسمة برجل قطر في قيادة سلاح المدرعات”؛ اللواء دكتور ركن نصر الدين عبد الفتاح، الذي رقي لرتبة الفريق وأحيل للتقاعد.
تفاصيل قرارات البرهان العسكرية الأخيرة
تم تعيين الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين الحسن رئيسا لرئاسة هيئة الأركان، وشملت القرارات تعيين قيادات جديدة في الإمداد والتدريب والإدارة والاستخبارات العسكرية ومناصب أخرى حساسة ضمن هيكل الجيش السوداني.
تمت ترقية الفريق معتصم عباس التوم أحمد مفتشا عاما للقوات المسلحة.
أحيل الفريق الركن عباس حسن عباس الداروتي، والفريق الركن عبدالمحمود حماد حسين عجمي، والفريق طيار ركن الطاهر محمد العوض الأمين إلى التقاعد بعد ترقيتهم إلى رتبة فريق أول.
وشملت الإحالات إلى التقاعد اللواء نصر الدين عبد الفتاح، قائد سلاح المدرعات، الذي يعتبر على نطاق واسع شخصية مرتبطة بالنفوذ القطري والحركة الإسلامية السودانية، وقد رقي إلى رتبة فريق وأحيل إلى المعاش.
خلفية النفوذ القطري وتحركات الحركة الإسلامية السودانية
كشفت مصادر سودانية واسعة الاطلاع لـ المنشر الاخابري، عن خطط الحركة الإسلامية السودانية (جماعة الإخوان المسلمين) للانقلاب على البرهان وتقديم اللواء نصر الدين عبد الفتاح كبديل له.
وتمت هذه التحركات بتنسيق مباشر مع دولة قطر التي كثفت تدخلاتها داخل الجيش السوداني، ونشرت تقارير حول حصول عبد الفتاح على دعم مالي وسكن في قطر إضافة إلى دعوة أسرته للإقامة هناك بعد زيارات رسمية للدوحة.
خطط انقلاب الاخوان
تشير عدة تقارير وتحليلات إلى اللواء نصر الدين عبد الفتاح انتمى للحركة الإسلامية منذ رتبته كضابط نقيب، وبرز كقائد لمعهد المدرعات ثم سلاح المدرعات.
كما مولت قطر جزءا من رواتب الجيش السوداني وميليشيات إسلامية متحالفة معه على مدى عامين، وأبدت اهتماما بصفقات السلاح منها شراء طائرات بدون طيار للجيش السوداني.
وتستهدف الحركة الإسلامية تستهدف استبدال البرهان بضابط موثوق ومن داخل صفوفها العسكرية بمباركة ودعم قطري كبير.
وقال مصدر في مجلس شورى الحركة الإسلامية إن قطر تعتبر البرهان غير جدير بالثقة ونسقت مباشرة مع نصر الدين عبد الفتاح ليكون بديلا جاهزا له في حال اتخذت الحركة قرار الإطاحة به.”
في الوقت الذي تسعى فيه الحركة الإسلامية لتحسين وضعها في الجيش السوداني، يعكس حديث عبد الحي يوسف، أحد قادة الحركة البارزين في تركيا، رأي الحركة في البرهان، حيث اعتبره غير جدير بالثقة. وقد أثار حديثه موجة من الجدل داخل أوساط الحركة الإسلامية، التي اضطرت إلى إصدار بيان رسمي تنفي فيه أي ارتباط له بالحركة، وهو ما أثار سخرية في الأوساط السودانية.
الحديث الذي أدلى به عبد الحي يوسف في ندوة نظمها فصيل سوري من جماعة الإخوان في تركيا كشف عن انعدام الثقة بين الحركة الإسلامية والبرهان، وأدى إلى اتخاذ إجراءات عاجلة داخل الحركة للتخلص من البرهان في حال نجاح التحرك لإبعاده.
علاقة الأزمة بالحرب والانقسامات الداخلية
جاءت هذه الإطاحة وسط استمرار الحرب الضروس بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وتفاقم الصراع الداخلي بين أجنحة النظام والحركات المسلحة والتحالفات الإسلامية.
وتشير تقارير إلى أن الحركة الإسلامية تفضل انتظار حسم الحرب مع الدعم السريع قبل تحريك سيناريو الإطاحة وتولي قيادة الجيش بشكل مباشر، مع تفادي أي اضطراب أو انشقاق داخل المؤسسة العسكرية.
يرى محللون أن البرهان استبق المخططات بتحريك ملف الإحالات والترقيات، متخوفا من توسع النفوذ القطري وانقسام الولاءات في أوساط كبار الضباط. وتكمن خطورة الإحالة الفورية لنصر الدين عبد الفتاح في أنها تضعف خطط الحركة الإسلامية للانقلاب الفوري، وتعيد توزيع التوازن داخل رئاسة هيئة الأركان بعيدا عن العناصر المحسوبة على قطر وجماعة الإخوان المسلمين.
ردود الفعل الداخلية وتداعيات القرار
داخل الأجهزة الأمنية السودانية، أحدث القرار حالة من الجدل والانقسام، حيث اعتبر البعض أن الخطوة جاءت لتقليل النفوذ القطري و”تطهير” الجيش من عناصر إخوانية وطائفية تخترق النظام منذ سنوات، فيما اعتبر آخرون أن الحركة الإسلامية ستسعى حثيثا للرد على البرهان وتحريك سيناريو بديل بعد انتهاء الحرب الحالية. في المقابل، لم يصدر تعليق رسمي من الحكومة القطرية أو الحركة الإسلامية السودانية حول الإحالة.
مستقبل المشهد العسكري والسياسي السوداني
من المرجح بحسب المراقبين أن يؤدي هذا الإجراء إلى إعادة ترتيب العلاقة بين الجيش والكتل الإسلامية في السودان، وسط استمرار الحرب مع قوات الدعم السريع ومفاوضات سلام دولية مع الولايات المتحدة ودول إقليمية أخرى. أما الحركة الإسلامية السودانية، فإنها تستعد للمرحلة المقبلة وتتحرك بحذر انتظارا لتطورات الوضع الميداني والسياسي في السودان.










