أقرّ مجلس النواب الليبي، في جلسته المنعقدة اليوم الإثنين، بالأغلبية المطلقة تعيين الفريق عبدالرزاق الناظوري، رئيس أركان القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية سابقًا، في منصب مستشار الأمن القومي. جاء ذلك في إطار حزمة قرارات عسكرية واسعة شملت إقرار تعيين صدام خليفة حفتر نائبًا للقائد العام للقوات المسلحة، وتولي الفريق خالد خليفة حفتر منصب رئيس الأركان العامة للجيش الليبي، في خطوة تهدف لإعادة هيكلة قيادة المؤسسة العسكرية في شرق ليبيا.
خلفية الناظوري وسيرته العسكرية
يُعتبر الفريق عبدالرزاق الناظوري من أبرز القادة العسكريين في الجيش الليبي، وهو من مواليد مدينة المرج التي تقع شرق طرابلس بمسافة 110 كيلومتر. شارك في محاولة إسقاط نظام الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي في عام 1993، وعلى إثرها سُجن لمدة 13 عامًا، ليخرج ويلتحق بالثورة الليبية عام 2011.
تولّى الناظوري رئاسة أركان القوات المسلحة الليبية منذ 24 أغسطس 2014 بتعيين من مجلس النواب الليبي، وهو والد لشهيدين استشهدا في معارك التحرير—أحدهما في “جمعة الكرامة” في 16 مايو 2014، والثاني في حادث سقوط طائرة أثناء نقله للعلاج من إصابته في معارك بنغازي.
كان الناظوري أحد مؤسسي قوات “عملية الكرامة” التي باتت تُعرف بـ”الجيش الوطني الليبي”، حيث احتضنها في كتيبته بالمرج، وأصبح الرجل الثاني في الجيش الليبي تحت قيادة المشير خليفة حفتر. كما أصدر رئيس مجلس النواب عقيلة صالح قرارًا في 19 يونيو 2016 بتعيين الناظوري حاكمًا عسكريًا للمنطقة الممتدة من مدينة درنة شرقًا وحتى بن جواد غربًا.
دلالات التعيين الجديد والتطورات السياسية
يأتي تعيين الناظوري مستشارًا للأمن القومي في سياق إعادة ترتيب شاملة للمناصب العسكرية والسياسية في شرق ليبيا، حيث يُمنح موقعًا جديدًا في هرم المؤسسات الأمنية والسياسية، مما يعكس توجهًا لإعادة هيكلة بعض المناصب السيادية ذات الطابع الأمني.
وبحسب المصادر البرلمانية، فإن التصويت جرى بالأغلبية المطلقة، مما يعكس تأييدًا واسعًا لهذا التعيين من قبل أعضاء المجلس، وسط توقعات بمزيد من التعيينات والترقيات في الأيام المقبلة كجزء من رؤية 2030 التي أعلنها المشير خليفة حفتر لتطوير القوات المسلحة الليبية.
الانتقادات والجدل حول الشرعية
في المقابل، أثارت هذه التعيينات جدلاً واسعًا حول الشرعية القانونية، حيث أكد النائب بالمجلس الرئاسي عبدالله اللافي أن استحداث أي مناصب جديدة داخل الجيش الليبي يُعد “اختصاصًا أصيلًا للسلطة التشريعية”، مشددًا على أن التعيينات في قمة هرم القيادة العسكرية يجب أن تصدر بقرار من القائد الأعلى للجيش المتمثل في المجلس الرئاسي مجتمعًا.
ودعا اللافي زملاءه في المجلس الرئاسي إلى عقد اجتماع عاجل لمناقشة هذه التطورات، بما يضمن احترام القوانين والتشريعات النافذة، محذرًا من أن الانقسام القائم داخل المؤسسة العسكرية يفرض التعامل بمسؤولية وجدية ضمن المسار العسكري والأمني المتفق عليه.
مستقبل المؤسسة العسكرية الليبية
تشير هذه التطورات إلى استمرار الانقسام السياسي والعسكري في ليبيا، حيث تواصل حكومتان ومؤسستان عسكريتان منفصلتان السيطرة على أجزاء مختلفة من البلاد. فيما تعكس التعيينات الجديدة محاولة من جانب قيادة شرق ليبيا لتعزيز سيطرتها وإعادة هيكلة مؤسساتها العسكرية والأمنية استعدادًا للمراحل المقبلة.










