السودان دخل مرحلة جديدة… ثلاث ساعات على ضفاف بحيرة زيورخ (11 أغسطس) كانت كافية لتفتح قناة مباشرة مع واشنطن..وتعيد ترتيب أوراق الإقليم… اللقاء الذي جمع الفريق أول ركن البرهان بمسعد بولس كبير مستشاري الرئيس الأمريكي..لم يكن مجرد دردشة: بل كان محطة أعادت تعريف ميزان القوة والشرعية…منذ تلك اللحظة تحول خطاب أبوظبي من الإنكار إلى الهياج الإعلامي: شيطنة الجيش، اتهامات بالإر-هاب والمخدرات..تدوير سرديات مصنعة في غرف الذكاء الاصطناعي
1) ما الذي تغير بعد زيورخ؟
• اعتراف عملي بمركزية الجيش: لقاء رسمي على هذا المستوى يكرس أن القرار على الأرض بيد القوات المسلحة، وأن أي صيغة لوقف النار أو المساعدات ستمر عبر الدولة الشرعية
• رسالة واضحة حول المليشيا: موقف بورتسودان الحاسم – تفكيك الدعم السريع..تسريح عناصره..ومحاكمة قادته – أصبح حاضرا على الطاولة الدولية
• خط اختبار أمريكي: واشنطن لا “تمنح” بعد…لكنها فتحت قناة مباشرة مع البرهان وتتعامل مع الملف باعتباره مسألة أمن إقليمي..لا مجرد وساطة علاقات عامة
• إشارات حساسة: بحسب المصادر..طرحت واشنطن فكرة “عملية سياسية مدنية فقط” مع استبعاد القوى المتحاربة..وهو ما يعني أن مستقبل الدعم السريع والحركات المسلحة بات مطروحا في مسار سري منفصل
2) لماذا تصعد الإمارات دعايتها الآن؟
• فشل مشروع الوكيل: بعد عامين من التمويل والتسليح وتهريب المرتزقة، لم تخلق سلطة بديلة ولم تنتزع الموانئ
• صدام السرديات: مع اقتراب مسار تصنيف المليشيا وازدياد الضغط على داعميها..تحاول أبوظبي قلب المعادلة: من “ممول حرب” إلى “حام مزعوم من الإرهاب والمخدرات”
• هجوم استباقي: استهداف الجيش بثلاث تهم جاهزة (إرهاب/مخدرات/مرتزقة) لتبرير تدخلات أوسع أو حرف الأنظار عن جرائم وكلائها
3) قرار داخلي يربك الخصوم
إخضاع كل القوات المساندة لقانون القوات المسلحة وإمرة قيادتها أعاد إنتاج وحدة السلاح والقرار..وأغلق ثغرات طالما استثمرت لتصوير المشهد كـ“ميليشيات متناحرة”..هذه الخطوة عززت صورة الجيش كجيش دولة..لا كجزء من “دولة المليشيا”
4) قراءة في هجوم الدويلة
• قلب الأدوار: الممول الخارجي الذي استجلب المرتزقة وحول المدن لساحات قتل وابادة..يلبس عباءة القاضي ويتهم الضحية بجرائمه
• تصنيع أدلة رقمية: مقاطع “معالجة-ممنتجة” وخطاب مكرر عن “ناركو-سودان” و“الإسلاميين”لاستهداف جمهور خارجي غير مطلع
• إرهاق معنوي: إغراق الفضاء بأرقام ومبالغات لإنتاج قناعة زائفة: “الجميع سيئون إذن لا دولة تستعاد”
5) إستراتيجية مضادة بثلاثة محاور
دبلوماسية ذكية: تثبيت سردية الدولة..تقديم ملف موثق كامل وشامل (رحلات جوية..أسلحة..مرتزقة..جرائم)
وتوسيع التحالفات حول البحر الأحمر ومكافحة التهريب
إعلام حاسم: غرف توثيق 24/7 تحويل الأدلة إلى حجج قابلة للاقتباس..وكشف أكذوبة “الإرهاب والمخدرات” ببيانات عملياتية موثقة
داخل صلب: استكمال توحيد القيادة..إصلاح مؤسسي يعزز الشرعية..وحماية ظهر الجبهة الداخلية بخدمات وممرات إنسانية تفضح حصار المليشيا
6) رسائل موجهة…
• إلى واشنطن: السلام المستدام يمر عبر الدولة لا عبر وكلاء السلاح…شركاؤك الحقيقيون هم من يوقفون التهريب..لا من يعيشون عليه
• إلى العواصم الإقليمية: البحر الأحمر لا يؤمن بالمرتزقة… من يسعى للموانئ بالحرب سيخسر التجارة عبر السنين
• إلى غرف الدعاية: الوقائع جاهزة..وعند أول عرض عام محكم ستسقط روايتكم بالأدلة
• إلى السودانيين: المعركة اليوم معركة رواية وشرعية بقدر ما هي معركة ميدان…من يملك الصورة الموثقة يملك ضمير العالم
الخلاصة:
اجتماع زيورخ لم يكن صفقة..بل نقطة انعطاف…أعاد تعريف من يملك مفاتيح الحل..وأظهر هشاشة مشروع “الدولة المليشيا”…اندفاع أبوظبي إلى التشويه ليس علامة قوة؛ بل علامة ذعر وانهزام…الطريق واضح: دولة موحدة..مليشيا مفككة..سردية موثقة…السودان الذي صمد في الميدان اكثر من عامين وانتصر..قادر أيضا على حسم حرب الرواية بإذن الله










