فرضت قوات الدعم السريع حظرا مفاجئا على استخدام أجهزة الإنترنت الفضائي “ستارلينك” في الأسواق والأحياء السكنية بمدينة زالنجي، عاصمة ولاية وسط دارفور غربي السودان، مما أدى إلى انقطاع شبه كامل في وسائل الاتصال والإنترنت عن المدينة التي تضم قرابة 50 ألف نسمة.
تفاصيل الحظر وتوقيته
بدأ تنفيذ الحظر منذ يوم السبت الماضي 17 أغسطس 2025، حيث جابت قوات من الدعم السريع الأسواق الكبرى والفرعية في المدينة وحذرت أصحاب شبكات الواي فاي من تشغيلها بدعوى “أسباب أمنية”، دون تقديم تفسير واضح أو مبررات محددة للقرار.
وشمل الحظر سوق زالنجي الكبير والأسواق الفرعية، ومحلات توفير خدمة الإنترنت التجارية، ومراكز الواي فاي في الأحياء السكنية، ونقاط البيع التي تعتمد على الإنترنت الفضائي.
ورغم الحظر الواسع، أشارت مصادر محلية إلى أن بعض السكان يواصلون استخدام الأجهزة داخل منازلهم بشكل محدود، خاصة في عمليات التحويلات البنكية عبر تطبيقات مثل “بنكك”، والتي تعتبر شريان الحياة الاقتصادية للعديد من الأسر.
التأثير الإنساني والاقتصادي للحظر
اضطر العديد من سكان زالنجي للسفر إلى مخيمات النازحين أو البلدات المجاورة للتواصل مع أقاربهم، مما يضع عبئا إضافيا على السكان الذين يعيشون أوضاعا اقتصادية صعبة بالفعل.
كما توقفت التحويلات المالية التي يعتمد عليها آلاف الأسر للحصول على الأموال من أقاربهم في الخارج، مما فاقم من الأزمة الاقتصادية في المنطقة.
وأصبحت المدينة معزولة إعلاميا عن العالم الخارجي، مما يصعب تدفق المعلومات حول الأوضاع الإنسانية والأمنية في المنطقة.
سياق انهيار البنية التحتية للاتصالات
عان السودان من انهيار شبه كامل في البنية التحتية للاتصالات منذ بداية النزاع المسلح في أبريل 2023، حيث أمرت قوات الدعم السريع شركتي سوداني وإم تي إن بوقف خدماتهما لـ36 مليون مستخدم في فبراير 2024.
وأصبحت خدمة ستارلينك شريان الحياة الوحيد للاتصالات في العديد من المناطق السودانية، خاصة في دارفور وأجزاء من كردفان،
ويعتمد سكان درافور على ستارلينك في اجراء التحويلات البنكية عبر التطبيقات الإلكترونية، والتواصل العائلي مع الأقاربن وتنسيق المساعدات الإنسانية من قبل المنظمات، والحصول على المعلومات والأخبار.
سيطرة الدعم السريع على وسط دارفور
تسيطر قوات الدعم السريع على ولاية وسط دارفور منذ نوفمبر 2023، بعد معارك ضارية مع الفرقة 21 مشاة التابعة للجيش السوداني، التي انسحبت لاحقا من مدينة زالنجي.
وتتمتع زالنجي بموقع استراتيجي مهم، حيث تتوسط ولايات إقليم دارفور الخمس، وتحاذي تشاد من جهة الغرب، وتحاذي جمهورية أفريقيا الوسطى جنوبا
كما تعتبر زالنجي حلقة وصل مهمة لإيصال المعونات الإنسانية، وتضم مراكز تجمعات النازحين من الحرب.
توسع حظرستارلينك
هذا الحظر ليس الأول من نوعه، فقد فرضت قوات الدعم السريع قيودا مماثلة في مناطق أخرى شنقل طوباي – شمال دارفور
وفي أكتوبر 2024، منعت قوات الدعم السريع عمل جميع مراكز “ستارلينك” في بلدة شنقل طوباي بشمال دارفور، مما اضطر السكان للسفر إلى البلدات المجاورة للتواصل مع ذويهم.
كما تم حظر استخدام أجهزة الإنترنت الفضائي في مدينة الفاشر أيضا، مما زاد من عزلة السكان عن العالم الخارجي.
يأتي هذا الحظر في ظل حالة من الهدوء الحذر تعيشها مدينة زالنجي عقب انفجار قنبلة قرنيت داخل المستشفى التعليمي مساء الأحد، والذي أسفر عن مقتل شخصين وإصابة آخرين، مما عمق المخاوف الأمنية في المنطقة.
ويعتبر المراقبون أن هذا القرار يزيد من عزلة السكان ويضاعف معاناتهم الإنسانية، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تشهدها المنطقة.
مطالبات بإعادة النظر في القرار
وناشد سكان محليون قوات الدعم السريع إعادة النظر في قرار الحظر، مطالبين بـإعادة تشغيل محلات الواي فاي ولو لساعة واحدة يوميا “لقضاء الاحتياجات والتواصل مع الأقارب”.
ويؤثر الحظر أيضا على عمل المنظمات الإنسانية التي تعتمد على الإنترنت الفضائي لتنسيق أعمالها وتقديم المساعدات للمتضررين.
يأتي هذا الحظر ضمن استراتيجية أوسع للسيطرة على تدفق المعلومات في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حيث تسعى لمنع تسرب معلومات حول أوضاعها أو أنشطتها العسكرية.










