شهدت مدينة كالي في كولومبيا مساء الخميس 21 أغسطس 2025 هجوماً إرهابياً مروعاً، حين استهدفت سيارة مفخخة مدرسة الطيران العسكري ماركو فيديل سواريز في شارع مزدحم. أسفر التفجير عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة 36 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، وفقاً للتقارير الأولية للسلطات المحلية.
وصف شهود العيان الانفجار بأنه “صوت رعد مدوٍ” هز المنطقة بأكملها، مما تسبب في إلحاق أضرار بالغة بالمباني المجاورة وإجبار السلطات على إخلاء عدة مبانٍ ومدرسة قريبة. وأشار شاهد عيان يبلغ من العمر 65 عاماً إلى وجود “الكثير من المصابين” وأن “العديد من المنازل تضررت أمام القاعدة”.
الاستجابة الرسمية والإجراءات الأمنية
أعلن أليخاندرو إيدر، رئيس بلدية كالي، حالة التأهب القصوى وحظر دخول الشاحنات الكبيرة إلى المدينة خوفاً من وقوع تفجيرات أخرى. كما وضع مكافأة قدرها 10,000 دولار أمريكي مقابل معلومات تؤدي إلى معرفة هوية المنفذين.
وصفت ديليان فرانسيسكا تورو، حاكمة الإقليم، الحادث بأنه “هجوم إرهابي” واضح، مؤكدة أن “الإرهاب لن يهزمنا”. وعبرت عن تضامن المجتمع المحلي في مواجهة هذا العمل الإرهابي الجبان.
سارعت فرق الطوارئ من أقسام الصحة والأمن ومعالجة المخاطر في المدينة لتقديم العناية الطبية للجرحى والمصابين. وتم نقل المصابين إلى المستشفيات المحلية لتلقي العلاج اللازم.
السياق الأمني والتهديدات المتنامية
يأتي هذا الهجوم في سياق تصاعد خطير للعنف في كولومبيا قبيل الانتخابات الرئاسية المقررة لعام 2026. ففي يونيو الماضي، أعلنت جماعة القيادة المركزية العامة (EMC) المتمردة مسؤوليتها عن موجة من الهجمات بالقنابل والأسلحة النارية في مدينة كالي ومحيطها، والتي أسفرت عن مقتل سبعة أشخاص.
تُعد جماعة القيادة المركزية العامة من الفصائل المنشقة التي رفضت اتفاق السلام المبرم عام 2016 بين الحكومة الكولومبية وحركة القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك). وقد صعّدت هذه الجماعة عملياتها مع اقتراب الانتخابات المقررة عام 2026، مما يثير مخاوف جدية حول أمن العملية الانتخابية.
العنف السياسي والتحديات الانتخابية
تواجه كولومبيا أزمة أمنية معقدة تتزايد حدتها مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية. ففي يونيو 2025، تعرض المرشح الرئاسي المحافظ ميغيل أوريبي لمحاولة اغتيال في بوغوتا على يد مراهق يبلغ من العمر 15 عاماً، مما أعاد إلى الأذهان أحلك فصول العنف السياسي في تاريخ كولومبيا.
وقد شهدت الانتخابات المحلية لعام 2023 أعنف مستوى منذ عام 2019، حيث سُجلت 140 جريمة قتل و87 هجوماً، بزيادة قدرها 16.4% مقارنة بانتخابات 2019. وتشكل محافظات كاوكا وأنتيوكيا وفالي ديل كاوكا ونورتي دي سانتاندير المراكز الرئيسية للعنف ضد القادة السياسيين.
التداعيات الاقتصادية والاجتماعية
على الرغم من أن كولومبيا شهدت عقداً أو أكثر من الهدوء النسبي، إلا أن المجموعات المسلحة من حرس الانتحاد وشبه العسكرية وعصابات المخدرات ما زالت تسيطر على مساحات واسعة من البلاد. وقد شهدت البلاد زيادة حادة في العنف قبيل الانتخابات الرئاسية لعام 2026.
في هجوم منفصل وقع في اليوم نفسه، قُتل ثمانية أشخاص في اشتباكات بين المتمردين والشرطة في شمال غرب البلاد، حيث كان ضباط الشرطة يقومون بعمليات استئصال محاصيل الكوكا بالقرب من إحدى المدن.
مدرسة الطيران العسكري ماركو فيديل سواريز
تُعتبر مدرسة الطيران العسكري ماركو فيديل سواريز أحد أهم المؤسسات التعليمية العسكرية في كولومبيا. تأسست المدرسة عام 1919 وتقع في مدينة كالي، وهي تابعة للقوة الجوية الكولومبية. المدرسة سُميت تيمناً بماركو فيديل سواريز، الرئيس السابق لكولومبيا.
تتولى المدرسة تدريب الطيارين العسكريين وتوفير التعليم الطيراني المتقدم للقوات المسلحة الكولومبية. وتعتبر جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية الدفاع الوطني لمكافحة الإرهاب وتجارة المخدرات في البلاد.
الجهود الحكومية لمواجهة العنف
أنهت الحكومة الكولومبية في يوليو 2024 وقف إطلاق النار مع فصيل “القيادة المركزية العامة” بسبب “عدم التزام الفصيل المسلح بسياسة السلام الشامل”. وأصدر قائد القوات المسلحة الجنرال فرانسيسكو كوبيدس أوامر لاستئناف العمليات الهجومية ضد هذه الشبكة في جميع أنحاء البلاد.
وقد تصاعد عدد عمليات الاختطاف بنسبة 50% تقريباً في العام الماضي، كما زاد عدد حواجز الطرق غير القانونية والمعارك بالأسلحة النارية بشكل ملحوظ. وانتشر مقاتلو القوات المسلحة الثورية الكولومبية من 157 بلدية قبل عام إلى 209 من بلديات البلاد البالغ عددها 1100










