أعلنت وزارة الخارجية السودانية يوم الخميس 21 أغسطس 2025 رفضها القاطع للمعلومات “غير الدقيقة” التي أوردتها مجموعة “متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام في السودان” ألبس (ALPS)، مؤكدة عدم قبول الحكومة لأي إملاءات تنتهك السيادة السودانية على الأراضي الوطنية.
جاء هذا الموقف الحازم رداً على البيان الذي أصدرته مجموعة ألبس في 19 أغسطس 2025، والذي عبرت فيه عن “اشمئزازها من التدهور المستمر للوضع الإنساني في السودان”. واتهمت المجموعة الأطراف المتحاربة بوضع عراقيل بيروقراطية أمام وصول المساعدات الإنسانية.
تشكيل مجموعة أَلْبْس والأهداف المعلنة
تأسست مجموعة أَلْبْس في أغسطس 2024 كائتلاف دولي يضم الولايات المتحدة وسويسرا والمملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة.
وقد تم إطلاق هذه المجموعة رسمياً خلال محادثات جنيف في أغسطس 2024 تحت شعار “المتحالفون لتقدم إنقاذ الأرواح والسلام في السودان”.
تهدف المجموعة المعلنة إلى تخفيف معاناة الشعب السوداني وتحقيق وقف دائم للأعمال العدائية من خلال تأمين الوصول الإنساني وحماية المدنيين. وقد نجحت في تأمين التزامات من الأطراف المتحاربة لفتح ممرات إنسانية عبر معبر أدري الحدودي مع تشاد وطريق دبة من بورتسودان.
الانتقادات السودانية لمجموعة أَلْبْس
تتهم الحكومة السودانية مجموعة أَلْبْس بعدم الحياد والانحياز ضد المؤسسات الشرعية. ففي بيان سابق، وصفت وزارة الخارجية السودانية المجموعة بأنها “نصبت نفسها بنفسها” وأن “راعيها الإقليمي” – في إشارة للإمارات – أصبح عضواً فيها، مما يضمن “الإفلات من العقاب” لقوات الدعم السريع.
كما انتقدت الخارجية السودانية مساواة بعض الدول الغربية بين المؤسسات الوطنية وما وصفته بـ”هيئة وهمية” أنشأتها قوات الدعم السريع لتغطية جرائمها. وأشارت إلى أن أكثر من 90% من طلبات التأشيرة للعاملين الإنسانيين تتم الموافقة عليها بسهولة، نافية وجود تأخير متعمد في إصدار التصاريح.
الوضع الإنساني المتفاقم في السودان
تشهد السودان أسوأ أزمة إنسانية في العالم منذ اندلاع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023.
وفقاً للأمم المتحدة، يواجه أكثر من 25 مليون شخص مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي، فيما تم إعلان حالة المجاعة رسمياً في مخيم زمزم للنازحين قرب الفاشر.
وقد أدى النزاع إلى نزوح أكثر من 14 مليون شخص، منهم 2.2 مليون لجأوا إلى البلدان المجاورة، مما يجعلها أكبر أزمة نزوح في العالم. كما تشير تقديرات جامعات أمريكية إلى أن عدد القتلى قد يصل إلى 130,000 شخص، بينما تقدر الأمم المتحدة العدد بحوالي 20,000.
التحديات في إيصال المساعدات الإنسانية
تواجه المنظمات الإنسانية عراقيل كبيرة في إيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة، خاصة مدينة الفاشر التي تخضع لحصار قوات الدعم السريع منذ أكثر من عام.
وقد تلقى برنامج الأغذية العالمي تصاريح من مفوضية العون الإنساني في بورتسودان لإرسال قافلة مساعدات إلى الفاشر، لكن قوات الدعم السريع لم تؤكد بعد دعمها لوقفة في القتال للسماح بمرور البضائع الإنسانية.
وقد دعت مجموعة أَلْبْس الأطراف المتحاربة إلى رفع جميع العوائق البيروقراطية التي تعرقل الأنشطة الإنسانية، والالتزام بإبقاء طرق الإمداد الرئيسية مفتوحة للقوافل الإنسانية والموظفين.
كما طالبت بضمان المرور الآمن للمدنيين للوصول إلى المساعدات والخدمات، واستعادة الاتصالات في جميع مناطق السودان.
الجهود الدولية لحل الأزمة السودانية
تتنوع الجهود الدولية للوساطة في الأزمة السودانية بين مبادرات ثنائية ومتعددة الأطراف، مما أدى إلى تشتت الجهود وعدم التنسيق.
فبالإضافة إلى مجموعة أَلْبْس، تشارك منظمات أخرى مثل الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) والأمم المتحدة في جهود الوساطة.
وقد أدى هذا التعدد في المبادرات إلى تنافس بدلاً من التكامل، حيث تعمل كل مجموعة بتعريف مختلف لطبيعة المشكلة في السودان وتفشل في التنسيق مع الأخريات لتشكيل عملية متماسكة أو متكاملة.
كما تفتقر هذه المبادرات الثنائية إلى الشمولية الضرورية لتحقيق سلام مستدام.
موقف مجلس الأمن الدولي
رفض مجلس الأمن الدولي في 13 أغسطس 2025 إعلان قوات الدعم السريع تأسيس سلطة حاكمة موازية في المناطق التي تسيطر عليها، محذراً من أن هذه الخطوة تهدد الوحدة الإقليمية للسودان.
وأكد المجلس التزامه “الثابت” بسيادة السودان واستقلاله ووحدته، مشدداً على أن أي خطوات أحادية تقوض هذه المبادئ تهدد ليس فقط مستقبل السودان بل أيضاً السلام والاستقرار في المنطقة الأوسع.
كما استذكر المجلس القرار 2736 (2024) الذي يطالب قوات الدعم السريع برفع الحصار عن الفاشر والوقف الفوري للقتال وتخفيف التصعيد في المدينة وحولها.
التعقيدات السياسية والدبلوماسية
تواجه الحكومة السودانية تحدياً دبلوماسياً معقداً في التعامل مع المجتمع الدولي، حيث ترفض التعامل مع تحالف “صمود” المدني بقيادة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، واصفة إياه بأنه “ذراع سياسي لدولة الإمارات في أفريقيا”.
وقد أعلنت الخارجية السودانية أنها ستقيم العلاقات الخارجية مع الدول “على ضوء دعمها للشرعية الوطنية”.
كما رفضت الحكومة السودانية قرار مجلس حقوق الإنسان بتمديد مهمة بعثة تقصي الحقائق المستقلة في السودان، واصفة القرار بأنه “جانبه الصواب في توصيفه لما يجري في السودان”.
وأكدت أن نتيجة التصويت على القرار عكست “الانقسام الحاد” داخل مجلس حقوق الإنسان.










