في كشف مثير للجدل، أقر سيباستيان غوركا، المدير الأول لمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي الأمريكي، بوجود علاقة تعاونية بين واشنطن وحركة طالبان الأفغانية، واصفاً الحركة الأفغانية بأنها “شريك متعاون ومعتدل” في مكافحة الإرهاب، وهو يكشف النقاب عن تحول جوهري في السياسة الأمريكية تجاه الحركة التي حاربتها لعقدين من الزمن.
الشخصية المحورية: سيباستيان غوركا
سيباستيان غوركا (54 عاماً) يشغل منصب نائب مساعد الرئيس وكبير مديري مكافحة الإرهاب في الإدارة الأمريكية الحالية.
وُلد في لندن لأبوين مجريين، وقد خدم سابقاً كمستشار للرئيس في إدارة ترامب الأولى لمدة 210 أيام قبل تقديم استقالته عام 2017.
السجل الأكاديمي والمهني
يحمل غوركا أكثر من 30 عاماً من الخبرة في مجال الأمن القومي، وهو مؤلف لعدة كتب متخصصة في مكافحة الإرهاب، منها “هزيمة الجهاد” (Defeating Jihad)، و”لماذا نحارب” (Why We Fight).
الجدل المحيط بالشخصية
يثير غوركا جدلاً واسعاً بسبب آرائه المثيرة للجدل ضد المسلمين والعرب، حيث وُصف من قبل منتقديه بأنه “يميني متطرف” و“عنصري”. هذه الخلفية تجعل تصريحاته حول التعاون مع طالبان أكثر إثارة للاهتمام والتساؤل.
التصريحات المفاجئة حول طالبان
في تطور جذري ومثير للدهشة، أكد غوركا أن حركة طالبان أصبحت شريكاً متعاوناً للولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب، وذلك رغم الاختلافات الجوهرية والعميقة في المصالح والأيديولوجيات بين الطرفين.
هذا الموقف يمثل تحولاً استراتيجياً كبيراً في السياسة الأمريكية تجاه الحركة التي كانت تُصنف كعدو لدود لسنوات طويلة.
تصنيف طالبان كتيار “معتدل”
في أكثر التصريحات إثارة للجدل، وصف غوركا طالبان بأنها “معتدلة” مقارنة بالجماعات الإسلامية الأخرى.
هذا التقييم يعتبر مثيراً للجدل بشكل استثنائي نظراً لتاريخ الحركة الحافل بالممارسات المتشددة، وخاصة السياسات الحالية المقيدة لحقوق النساء والأقليات في أفغانستان.
الدوافع الاستراتيجية وراء التعاون
مواجهة التهديدات المشتركة
أوضح المسؤول الأمريكي أن التعاون مع طالبان يستند إلى عدة عوامل استراتيجية:
تهديد تنظيم داعش-خراسان
التهديد الأبرز والأكثر خطورة الذي يواجه كلاً من واشنطن وطالبان هو تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان (ISIS-K):
تفجير مطار كابل: في أغسطس 2021، نفذ التنظيم هجوماً انتحارياً راح ضحيته أكثر من 170 شخصاً، بينهم 13 جندياً أمريكياً
استهداف الأقليات الدينية: التنظيم يستهدف المساجد الشيعية والمجتمعات الأقلية بتفجيرات مدمرة في قندهار وقندوز
زعزعة الاستقرار: محاولات مستمرة لتقويض سلطة طالبان وإثارة الفتنة الطائفية
الجماعات الإسلامية المعارضة
تواجه طالبان تحديات من فصائل متطرفة أخرى ترفض سلطتها وتسعى لزعزعة حكمها، مما يخلق مصلحة مشتركة مع الولايات المتحدة في قمع هذه الجماعات.
ضمان الاستقرار الأمني
واشنطن تحتاج إلى شريك محلي موثوق يضمن عدم عودة أفغانستان لتصبح ملاذاً آمناً للإرهاب الدولي، وهو ما تعتبره طالبان حالياً الخيار الأكثر عملية رغم التحفظات.
مرحلة المفاوضات والتفاهم (2017-2021)
الأمريكي دونالد ترامب في ولايته الأولى كسر جميع الأعراف الدبلوماسية التقليدية وبدأ مفاوضات مباشرة مع قيادة طالبان.
اتفاق الدوحة التاريخي: في فبراير 2020، تم توقيع اتفاق تاريخي لانسحاب القوات الأمريكية مقابل تعهدات أمنية من طالبان.
وفي أغسطس 2021 شهد انسحاباً أمريكياً فوضوياً تلاه انهيار سريع للحكومة الأفغانية المدعومة أمريكياً، وعودة طالبان للسلطة بالكامل.
التعاون العملي والاستخباراتي الحالي
تشن حركة طالبان حملات عسكرية منتظمة ضد مواقع وخلايا تنظيم الدولة الإسلامية في شرق أفغانستان المعروف باسم داعش خراسان، خاصة في ولايتي ننغرهار وكونار.
ويتم تبادل معلومات استخباراتية محدود ولكن فعال بين الجانبين حول تحركات وخطط التنظيم الإرهابي.
وكلا الطرفين يسعيان إلى تحقيق هدف واحد منع عودة أفغانستان لتكون ملاذاً آمناً للإرهاب الدولي، وإن كان لأسباب مختلفة:
كما تريد ترسيخ شرعية حكمها وإزالة التحديات الأمنية الداخلية، فيما تهدف الولايات المتحدة الحفاظ على مصالحها.
المعارضة الداخلية الأمريكية
ولكن هناك أعضاء من الكونغرس الأمريكي يعارضون بشدة أي تعاون مع حركة كانت تُصنف كـ”إرهابية”.
كما ترفض منظمات حقوق الإنسان الأمريكية والدولية شرعنة نظام طالبان الذي يمارس القمع المنهجي.
أيضا عبرت الدول الأوروبية والحلفاء التقليديون عن قلق عميق من تطبيع العلاقات مع طالبان.










