تواصلت المعارك العنيفة في إقليم كردفان، غرب السودان، بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، وسط مؤشرات على تصعيد كبير قد يفتح جبهة جديدة في الحرب المستمرة منذ أكثر من عام. وشهدت مدينة الأبيض، كبرى مدن الإقليم، استنفارا أمنيا واسعا، مع تعزيز القوات المسلحة لمواقعها الدفاعية، تحسبا لهجوم محتمل.
مخاوف من تطويق المدينة
وأكدت مصادر محلية وإعلامية من الأبيض أن قوات الدعم السريع أحرزت تقدما ميدانيا في بلدات تقع على بعد نحو 40 كيلومترا من المدينة، ما أثار مخاوف من خطة تهدف إلى تطويق الأبيض من جهتي الشمال والغرب، وعزلها جغرافيا عن خطوط الإمداد والدعم.
وتهدف هذه الخطوة إلى وضع الجيش السوداني أمام خيارين صعبين: إما المواجهة المباشرة في الميدان أو الانسحاب إلى مناطق أخرى أكثر انكشافا، مما قد يؤدي إلى فقدان المدينة.
معارك عنيفة في غرب الأبيض
ودخلت المعارك في غرب الأبيض يومها الثالث على التوالي، وسط تقارير عن سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى من الجانبين. ووصفت هذه المواجهات بأنها من أعنف الاشتباكات منذ اندلاع النزاع، وذلك بناء على شهادات السكان المحليين ومقاطع مصورة انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي.
القوة المشتركة تتحدث عن “تقدم ميداني”
ورغم غياب البيانات الرسمية من قيادة الجيش، أعلنت القوة المشتركة الداعمة له، والتي تضم عناصر من الحركات المسلحة، أنها تمكنت من صد هجمات الدعم السريع، وتحقيق تقدم ميداني مهم. وأفادت في بيان أنها دمرت أكثر من 130 مركبة قتالية، وأسر عدد من الجنود، فضلا عن “تحييد عدد كبير من المقاتلين”.
وشهدت بلدة أبوقعود، على بعد 54 كيلومترا من الأبيض، واحدة من أعنف المواجهات، حيث شنت القوة المشتركة هجوما مضادا بعد ساعات من سيطرة قوات الدعم السريع عليها. وكان الهجوم قد أعقب كمينا نفذته قوات الدعم السريع ضد عناصر من كتائب البراء بن مالك وقوات درع السودان، وهما فصيلان مسلحان يقاتلان إلى جانب الجيش.
الدعم السريع: “ثاني انتصار كبير”
في المقابل، أعلنت قوات الدعم السريع عبر تلغرام أنها حققت “انتصارا كبيرا” في محيط أبوقعود، وألحقت “خسائر فادحة بالقوات المسلحة”، بما في ذلك **مئات القتلى، والاستيلاء على مركبات قتالية وأسلحة وذخائر”.
خسائر بشرية وتسجيلات مصورة
انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو توثق المواجهات، تظهر جثثا في محيط المعارك، لا سيما قرب أبوقعود، مما يعكس ضخامة الخسائر البشرية في صفوف الطرفين، ويشير إلى أن إقليم كردفان بات الآن نقطة اشتعال جديدة ومفتوحة في الحرب.
السياق السياسي والعسكري
ويأتي هذا التصعيد في وقت تسعى فيه الأطراف الإقليمية والدولية إلى وقف فوري لإطلاق النار، والضغط على الطرفين للعودة إلى طاولة المفاوضات. لكن التطورات الميدانية، خاصة في كردفان، تظهر أن ميزان القوى لا يزال بعيدا عن الحسم، وأن قوات الدعم السريع تسعى لتأمين الطرق الحيوية التي تربط الأبيض بأم درمان، ما يضيف بعدا استراتيجيا جديدا للنزاع.










