تشهد العملة السودانية انهياراً مدمراً مقابل الدولار الأمريكي، حيث وصل سعر الدولار الواحد إلى أكثر من 3,200 جنيه سوداني في السوق الموازية اعتباراً من أغسطس 2025، بينما يتراوح السعر في البنوك الرسمية بين 2,140 إلى 2,400 جنيه حسب البنوك المختلفة.
هذا التدهور يمثل انهياراً كارثياً مقارنة بالوضع قبل اندلاع الحرب في أبريل 2023، عندما كان الدولار يساوي حوالي 560-600 جنيه سوداني. وهذا يعني أن العملة السودانية فقدت أكثر من 470% من قيمتها خلال أقل من عامين ونصف.
الأسباب الجذرية للانهيار
يعزو الخبراء الاقتصاديون هذا التدهور الحاد إلى عدة عوامل رئيسية:
أولاً: تأثير الحرب المدمرة
تشهد السودان صراعاً مسلحاً مستمراً منذ 15 أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مما أدى إلى:
توقف القطاعات الإنتاجية والزراعية والصناعية
نزوح أكثر من 15 مليون شخص
تدمير البنية التحتية الأساسية
توقف الصادرات وانخفاض موارد النقد الأجنبي
ثانياً: السياسات النقدية الخاطئة
اضطر البنك المركزي السوداني إلى طباعة النقود دون غطاء من النقد الأجنبي لتمويل النفقات الحكومية والعسكرية، مما فاقم معدلات التضخم وأضعف العملة.
ثالثاً: المضاربة في أسواق العملة
حذر المحللون من وجود “حرب اقتصادية” تقف وراء انفلات أسعار الصرف، حيث يستغل المضاربون الأوضاع لتحقيق أرباح ضخمة على حساب المواطنين.
الفجوة بين السوق الرسمية والموازية
تشهد أسواق الصرف في السودان فجوة كبيرة بين السعر الرسمي والسوق الموازية:
السعر الرسمي للبنك المركزي: 445 جنيه للدولار
أسعار البنوك التجارية: 2,140-2,400 جنيه للدولار
السوق الموازية (السوداء): 3,200+ جنيه للدولار
هذه الفجوة الشاسعة تعكس فقدان الثقة في النظام المصرفي الرسمي وتوجه المواطنين والتجار إلى السوق الموازية لتلبية احتياجاتهم من العملة الأجنبية.
التأثير على المواطنين والاقتصاد
أدى انهيار الجنيه إلى تداعيات كارثية:
ارتفاع جنوني في الأسعار
شهدت أسعار السلع الأساسية ارتفاعات جنونية، حيث فقد أكثر من 60% من السودانيين مصادر دخلهم بسبب الحرب، بينما ارتفعت تكلفة المعيشة بمعدلات خيالية.
تهديد الأمن الغذائي
قدر الخبراء أن السودان يفقد سنوياً 5 مليارات دولار بسبب الفساد والتهرب الضريبي، مما يفاقم من أزمة توفير الغذاء للمواطنين.
خسائر اقتصادية ضخمة
بلغت قيمة خسائر الاقتصاد السوداني 600 مليار دولار منذ اندلاع الحرب، بينما قدرت خسائر الأصول المدمرة بحوالي 800 مليار دولار.
المحاولات الحكومية لمواجهة الأزمة
في محاولة لمعالجة الأزمة، أعلن البنك المركزي السوداني عن عدة إجراءات:
إصدار عملة جديدة
في نوفمبر 2024، أعلن البنك المركزي عن طرح أوراق نقدية جديدة من فئتي الألف والخمسمائة جنيه بهدف “حماية العملة الوطنية وضبط الانفلات في أسعار الصرف في السوق الموازي”.










