شدد الشيخ حكمت الهجري، الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز في السويداء، على ضرورة إقامة إقليم منفصل لحماية أبناء الطائفة الدرزية، مناشداً “كل شرفاء العالم، من الدول والشعوب الحرة، أن يقفوا إلى جانبنا للإعلان عن إقليم منفصل يحمي أبناءنا إلى أبد الآبدين”.
وأوضح الهجري في تصريحات أدلى بها أمس الأحد 24 أغسطس 2025، خلال استقباله للقائد الجديد لـ“حركة رجال الكرامة” مزيد خداج، أن “المشروع بدأ بعنوان جديد، بعد المحنة الوجودية الأخيرة التي كان القصد منها إبادة الطائفة الدرزية”.
تبرير الموقف والتأكيد على الدفاع المشروع
أكد الهجري أن الدروز “دائماً دعاة سلام ولسنا دعاة شر، ونؤكد أننا ندافع عن أنفسنا ولا نعتدي على أحد. لكن ما تعرضنا له مؤخراً من هجمة بربرية، يكشف حجم الوحشية التي نعيش في ظلها”.
وجاءت تصريحات الهجري في سياق الأحداث الدموية التي شهدتها السويداء في يوليو 2025، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 800 شخص وإصابة 900 آخرين وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، مما أدى لنزوح 176 ألف شخص.
تشكيل “الحرس الوطني” واللجنة القانونية العليا
تأسيس هيكل مؤسسي موازٍ
بارك الهجري تشكيل “الحرس الوطني” في السويداء، قائلاً: “نبارك لأنفسنا إيجاد هذا الترتيب الذي يوازي مؤسسات الدول، وفي مقدمتها الجيش المتمثل بـ(الحرس الوطني)، إلى جانب اللجنة القانونية العليا”.
ووصف الهجري الحرس الوطني بأنه “الذراع العسكري الدرزي الذي سيحافظ على الأرض والعِرض بشكل منظم من خلال مختصين وضباط”. وأضاف أن هذا التشكيل “مدعوم من قبل دول معنية بأمر المنطقة”.
إعلان الولاء المطلق للهجري
أعلنت 30 فصيلاً وقوة محلية انضمامها للحرس الوطني، مؤكدة “الالتزام المطلق بقرارات الرئاسة الروحية الممثلة بالشيخ حكمت الهجري، واعتباره الممثل الشرعي والمخوَّل عن أبناء الطائفة الدرزية في السويداء”.
الانقسامات الداخلية والمعارضة
رفض “حركة رجال الكرامة”
لم تنضم “حركة رجال الكرامة” – أكبر الفصائل في السويداء – للحرس الوطني، حيث أكدت مصادر في الحركة لقناة “العربية” عدم انضمامها لهذا التشكيل الجديد. كما لا يضم التشكيل “المجلس العسكري” بقيادة العقيد المنشق طارق الشوفي.
انتقادات من ليث البلعوس
اعتبر ليث البلعوس، القيادي الممثل لمضافة الكرامة في السويداء، أن “إعلان تشكيل ما يسمى الحرس الوطني تسمية مستنسخة من الحرس الثوري الإيراني”. وأضاف أن “الرسالة التي وصلت من هذا الظهور لم تكن رسالة حكمة أو مسؤولية بل رسالة تحمل في طياتها المزيد من الخراب والدمار”.
واتهم البلعوس الهجري بأنه “محاط بزمرة من قادة الفصائل، بينهم من عُرف سابقاً بالخطف والسرقة والنهب وابتزاز النساء”.
السياق التاريخي والأزمة الحالية
جذور الصراع والأحداث الأخيرة
اندلعت الاشتباكات في 13 يوليو 2025 بين الدروز والبدو في السويداء وقراها المحيطة. وبينما تم التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار في 15 يوليو، دعا الهجري للمقاومة المسلحة ضد الحكومة والمجموعات البدوية.
ووفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، ارتفعت حصيلة القتلى إلى 516 شخصاً بحلول 17 يوليو، مع تقارير عن مذابح ارتكبتها مجموعات درزية ضد القبائل البدوية المحلية.
الدور الإسرائيلي المتزايد
شنت إسرائيل غارات جوية ضد القوات الحكومية السورية والمقاتلين البدو بذريعة “الدفاع عن الدروز”. وفي ختام حديثه، جدد الهجري شكره للاحتلال الإسرائيلي على الدعم الذي يقدمه له، وذلك بحسب تسجيل مصور بثته شبكة “الراصد”.
كما حولت وزارة الخارجية الإسرائيلية 2 مليون شيكل كمساعدات إنسانية للدروز في سوريا.
التطورات السياسية والإدارية
تشكيل “اللجنة القانونية العليا”
أعلن الهجري الشهر الماضي تشكيل “اللجنة القانونية العليا” و“لجان للإدارة المحلية” في السويداء، والتي أوضح أنها ستتولى “مهمة القضايا السياسية والاقتصادية والضابطة العدلية وغيرها”.
المظاهرات المطالبة بالاستقلال
تشهد محافظة السويداء مظاهرات تُرفع فيها أعلام الاحتلال الإسرائيلي، تطالب بـ“الاستقلال” عن سوريا وفتح معبر نحو الأراضي المحتلة. وفي 16 أغسطس، خرجت مظاهرات في السويداء والبلدات المجاورة حيث طالب آلاف الأشخاص بحق تقرير المصير للأقلية الدرزية ودعوا لتدخل إسرائيل، ورفع العديد منهم الأعلام الإسرائيلية.
ردود الفعل الحكومية والاتهامات المتبادلة
اتهمت وزارة الخارجية السورية إسرائيل بـ“إذكاء التوترات الطائفية لتقويض الحكومة السورية الجديدة”. في المقابل، حذر وزير الصحة السوري من دخول السويداء، مشيراً إلى أن “جهات تابعة لحكمت الهجري حذرتنا من الدخول إلى السويداء”.
كما اتهم قائد الأمن الداخلي في السويداء الهجري بأنه “يستخدم سلطته الدينية لفرض وجهة نظره السياسية”.
يُذكر أن هذه التطورات تأتي في إطار تعقيدات ما بعد سقوط نظام الأسد، حيث تسعى مختلف الأطراف لملء الفراغ الأمني والسياسي الناتج عن انهيار مؤسسات الدولة في المحافظة










