أصدر القضاء اللبناني، اليوم الثلاثاء، أمرا بـ إخلاء سبيل حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، بعد دفع كفالة مالية قدرها 20 مليون دولار، في خطوة طال انتظارها بعد أكثر من عام من توقيفه.
ويأتي هذا القرار في وقت حساس يشهد فيه لبنان أزمة مالية ونقدية حادة، حيث يعتبر سلامة أحد الأسماء البارزة المرتبطة بتفاقم الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
خلفية القضية
رياض سلامة، الذي شغل منصب حاكم مصرف لبنان لمدة 30 عاما (1993 – 2023)، يواجه سلسلة من الدعاوى القضائية المحلية والدولية.
وتشمل التهم الموجهة إليه اختلاس الأموال العامة، تبييض الأموال، والإثراء غير المشروع، حيث قوبلت هذه القضايا بجدل واسع في الأوساط اللبنانية والدولية.
وقد تم توقيف سلامة في أيلول 2024 بعد مثوله أمام النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، وسط جدل قانوني حول مدى قانونية استمرار توقيفه.
وبحسب المادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، يحدد أقصى مدة للتوقيف في قضايا الجنايات بستة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة، مما يعني أن استمرار توقيفه لأكثر من عام كان محل تساؤل.
التهم الموجهة والتداعيات الاقتصادية
تعد القضايا القانونية التي تواجه سلامة جزءا من الانعكاسات الواسعة للأزمة المالية والنقدية التي يعاني منها لبنان منذ عام 2019.
ويتهم الحاكم السابق لمصرف لبنان بالإشراف على سياسات مصرفية ومالية اعتبرت مسؤولة عن التدهور الكبير في قيمة الليرة اللبنانية ونمو الدين العام، بالإضافة إلى الفساد المستشري في النظام المالي اللبناني.
كما تلاحق سلامة دعاوى دولية تتعلق بعمليات غسل الأموال في العديد من الدول الأوروبية، حيث كانت لديه علاقات وثيقة مع مؤسسات مالية دولية ومصارف أوروبية، ما جعل القضايا المتعلقة به تأخذ بعدا دوليا.
إخلاء السبيل وتأثيره على لبنان
قرار إخلاء سبيل رياض سلامة بكفالة مالية كبيرة يأتي في وقت حساس سياسيا واقتصاديا، حيث تسود في لبنان حالة من التوتر السياسي والاقتصادي.
ويعتبر القرار محل جدل واسع بين اللبنانيين الذين يعتبرون أن سلامة كان جزءا من النخبة الحاكمة التي أسهمت في الأزمات التي يعاني منها المواطن اللبناني اليوم.
من جانب آخر، رأى البعض في قرار إخلاء السبيل انتصارا للعدالة في انتظار المحاكمات النهائية، معتبرين أن سلامة لا يزال بريئا حتى تثبت إدانته.
في المقابل، يعبر آخرون عن استيائهم من القضاء اللبناني، معتبرين أن القانون اللبناني يظل في بعض الأحيان عرضة للتأثيرات السياسية، خاصة في قضايا حساسة مثل قضية سلامة.
محاكمات مستمرة وتحديات قانونية
يتوقع أن تستمر المحاكمات المتعلقة بسلامة في الفترة القادمة، حيث يتطلع اللبنانيون إلى معرفة إذا كان سيحاكم بتهم فساد كبرى تسببت في تدهور الاقتصاد اللبناني، أم سيعتقل مجددا إذا ما تم التوصل إلى أدلة إضافية.
وبالرغم من إخلاء سبيله بكفالة مالية، لا يزال رياض سلامة يواجه مستقبلا قضائيا مجهولا في لبنان، في حين يترقب المواطنون نتائج هذه المحاكمات التي قد تحدد مسار العدالة في البلاد.










