تستعد القاهرة لتأسيس قاعدة عسكرية في الصومال، أعلنت مصادر صومالية موثوقة عن هبوط ثلاث مروحيات عسكرية مصرية في القاعدة العسكرية ببليد هاو بمنطقة جيدو جنوب الصومال على الحدود مع إثيوبيا في تطور غير مسبوق يؤكد تزايد نفوذ مصر العسكري في القرن الأفريقي.
وأوضحت المصادر ان هذه الزيارة العسكرية تمثل الخطوة الأولى نحو إقامة أول قاعدة عسكرية مصرية خارج الحدود الوطنية، في منطقة استراتيجية تقع على الحدود مع إثيوبيا.
تأتي هذه التطورات في إطار الاتفاق الدفاعي الذي وقعته مصر والصومال في أغسطس 2024، والذي ينص على نشر قوات مصرية كجزء من مهمة الاتحاد الأفريقي للدعم والاستقرار في الصومال (AUSSOM).
وتمثل هذه الخطوة نقطة تحول جذرية في السياسة العسكرية المصرية التي ظلت لعقود محدودة بالحدود الوطنية.
الانتشار العسكري المصري في جيدو
وصلت المروحيات العسكرية المصرية إلى قاعدة بليد هاو في منطقة جيدو، وهي منطقة حيوية استراتيجيا كونها نقطة التماس بين الصومال وإثيوبيا.
وحملت اثنتان من الطائرات ضباطا عسكريين مصريين كبارا قاموا فور وصولهم بتفتيش الموقع بالقرب من معسكر قوات العقيد إندو كوراي.
وتشير المصادر المطلعة إلى أن العمل يجري حاليا على إنشاء أكبر قاعدة عسكرية مصرية في المنطقة، حيث من المتوقع أن يبدأ البناء خلال الأيام القليلة المقبلة، هذه القاعدة ستكون محورية في تعزيز الدور الأمني المصري في القرن الأفريقي.
الأهمية الاستراتيجية لمنطقة جيدو
تتمتع منطقة جيدو بموقع جغرافي بالغ الأهمية، حيث تقع على الحدود المباشرة مع إثيوبيا وتشكل نقطة عبور مهمة في القرن الأفريقي.
هذا الموقع يجعلها منطقة مراقبة مثالية لحركة القوات والأنشطة العسكرية في المنطقة الحدودية.
العلاقات المصرية الإثيوبية المتوترة
تأتي الخطوة العسكرية المصرية في ظل التوترات المتصاعدة مع إثيوبيا حول سد النهضة الإثيوبي الكبير.
ويثير المسؤولون الإثيوبيون مخاوف كبيرة من أن القاعدة العسكرية المصرية قد تستخدم كمنطلق للضغط على سد النهضة الإثيوبي الذي تعارضه القاهرة بشدة.
وينظر المراقبون إلى هذا التحرك المصري كجزء من استراتيجية إقليمية أوسع لمواجهة النفوذ الإثيوبي في المنطقة، خاصة بعد توقيع إثيوبيا مذكرة التفاهم مع أرض الصومال في يناير 2024.
التحالف الجديد في القرن الأفريقي
وقعت مصر والصومال اتفاقية الدفاع في أغسطس 2024، التي تنص على نشر 10,000 جندي مصري في الصومال – نصفهم كجزء من مهمة الاتحاد الأفريقي والنصف الآخر في إطار اتفاق ثنائي.
هذا التحالف العسكري المضري الصومالي يعيد تشكيل خريطة التوازنات في القرن الأفريقي.
التحديات الأمنية
ويواجه الانتشار العسكري المصري في الصومال تحديات أمنية معقدة، حيث تنشط جماعة الشباب الإرهابية في المنطقة. مؤخرا، شنت الجماعة هجمات على قواعد عسكرية في منطقة جيدو، مما يطرح تساؤلات حول قدرة القوات المصرية على التعامل مع هذه التهديدات.
وتنضم مصر إلى مهمة الاتحاد الأفريقي للدعم والاستقرار في الصومال (AUSSOM) التي بدأت رسميا في يناير 2025، خلفا لبعثة ATMIS. هذا الانضمام يمنح مصر دورا محوريا في عمليات حفظ السلام بالمنطقة.
القدرات العسكرية المصرية في أفريقيا
تمتلك مصر بالفعل قواعد عسكرية في دول القرن الأفريقي مثل إريتريا وجيبوتي، وقد وقعت اتفاقات تعاون عسكري مع عدة دول أفريقية في السنوات الأخيرة. القاعدة الجديدة في الصومال تمثل توسعا في الشبكة العسكرية المصرية الأفريقية.
وستركز القاعدة العسكرية المصرية على تدريب القوات الصومالية وتعزيز قدراتها في مواجهة التهديدات الإرهابية. هذا يتماشى مع الاستراتيجية المصرية لبناء شراكات عسكرية طويلة المدى في أفريقيا.
الموقف الإثيوبي
وأعربت إثيوبيا عن قلق شديد من الانتشار العسكري المصري، حيث تخشى من استخدام هذه القواعد للضغط عليها بشأن سد النهضة.
رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد حذر من أن بلاده “لن تقف مكتوفة الأيدي” أمام التحركات التي تهدد أمنها القومي.
وتحظى الخطوة المصرية بدعم من إريتريا التي استضافت قمة ثلاثية ضمت مصر والصومال في أكتوبر 2024. هذا التحالف الثلاثي يشكل محورا جديدا في السياسة الإقليمية يستبعد إثيوبيا.
الاستثمار في البنية التحتية
إقامة القاعدة العسكرية المصرية ستتطلب استثمارات ضخمة في البنية التحتية، مما قد يساهم في تطوير المنطقة اقتصاديا. هذا يشمل تطوير المطارات والطرق ومرافق الاتصالات.
الوجود العسكري المصري قد يفتح آفاقا جديدة للتعاون التجاري بين البلدين، خاصة في مجالات الأمن والدفاع والتكنولوجيا العسكرية.










