هزت جريمة مروعة المجتمع الأردني مساء الثلاثاء 26 أغسطس 2025، عندما قُتل النائب الأردني السابق الدكتور موسى عمير حسن أبو سويلم (مواليد 1958) ونجله أيمن (مواليد 1988)، الموظف في مجلس النواب، إثر تعرضهما لإطلاق نار من قبل أحد أقاربهما في منطقة أبو نصير – حي أم زويتينة شمال العاصمة عمّان.
تفاصيل الجريمة: مسدس أسود وطلقات في الرأس
كشفت التحقيقات الأولية تفاصيل صادمة حول الجريمة التي وقعت بدم بارد ودون إنذار مسبق. استخدم الجاني، وهو من مواليد 1983، مسدساً أسود اللون وأطلق طلقات مباشرة أصابت كلاً من النائب السابق ونجله في منطقة الرأس، مما أدى إلى وفاتهما الفورية.
الضحايا:
الدكتور موسى عمير حسن أبو سويلم (67 عاماً) – نُقل إلى مستشفى الجامعة الأردنية وفارق الحياة
أيمن أبو سويلم (37 عاماً) – نُقل إلى مستشفى الرويال وتوفي متأثراً بجراحه
زوجة النائب السابق – أصيبت في منطقة الفك وحالتها متوسطة.
شاهد عيان يكشف اللحظات الأخيرة
في شهادة مؤثرة، كشف المحامي غالب أبو عرابي الكايد العدوان، الذي كان شاهد عيان على الحادثة، تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل الجريمة عبر صفحته على فيسبوك:
“كنا في زيارة لهما في سبيل الله تعالى، وكنا في مجلس علم شرعي في ديوانه العامر بذكر الله عز وجل، وعند خروجنا أصرّ علينا إلا أن يوصّلنا أنا وأبنائي وصديقنا شيخ المسجد إلى السيارة، هو وابنه الأستاذ أيمن وحفيده الصغير”
وأضاف: “وبعد العناق والوداع الحار بيننا، وبعد تحرك سيارتنا أمتار معدودة، سمعنا إطلاق نار من خلفنا، وإذا به رجل من أحد جيرانه وأقاربه. فقمنا بالاتصال بالإسعاف فوراً”.
بيان رسمي من الأمن العام
قال العقيد عامر السرطاوي، الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام، إن بلاغاً ورد مساء الثلاثاء بقيام أحد الأشخاص بإطلاق النار باتجاه رجل وزوجته وابنه أثناء وجودهم في منطقة أبو نصير، مما أدى إلى وفاة الأب والابن وإصابة الزوجة.
وأكد السرطاوي أنه جرى فور تلقي البلاغ تحديد هوية مطلق النار الذي تبيّن أنه من أقارب الضحايا (ابن شقيق النائب السابق)، حيث قام بتسليم نفسه وضُبط السلاح الناري المستخدم، فيما لا تزال التحقيقات جارية.
ونفى الناطق الإعلامي ما تم تداوله عن وفاة زوجة النائب السابق، مؤكداً أنها لا تزال تتلقى العلاج في المستشفى وحالتها الصحية متوسطة.
خلاف عائلي يتحول إلى مأساة
أكدت مصادر مطلعة أن الجريمة وقعت إثر شجار لحظي، حيث لا توجد خلافات مسبقة بين الجاني وهو ابن شقيق المغدور. ووفقاً للمعلومات، تطور الشجار بشكل مفاجئ، مما دفع الجاني إلى إخراج مسدسه وإطلاق النار على عائلة عمه.
وأشارت التقارير إلى أن الحادثة وقعت دون إنذار أو أي إشكال مسبق، مما يجعلها جريمة عائلية مفاجئة تحولت من خلاف بسيط إلى مأساة حقيقية أودت بحياة شخصين بريئين.
إجراءات أمنية مشددة وعطوة قبلية
طوّقت قوات الأمن العام منزل النائب الأسبق في منطقة أم زويتينة بالعاصمة عمّان، وسط تجمع كبير من أقاربه. وتم الاتفاق على عطوة أمنية لمدة ثلاثة أيام لضمان عدم تطور الأمور أو حدوث ردود أفعال انتقامية.
العطوة الأمنية هي تقليد قبلي أردني يهدف إلى منع الثأر والانتقام، وتُطبق في حالات القتل العائلية لإعطاء الوقت الكافي للتهدئة والوساطة بين الأطراف المتنازعة.
نعي رسمي وشعبي واسع
نعى رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي النائب الأسبق المرحوم موسى أبو سويلم، مترحماً عليه ومستذكراً مناقبه، حيث كان مثالاً للانتماء والوطنية وصاحب أداء نيابي تشريعي ورقابي رفيع خلال عمله في المجلس النيابي السابع عشر.
وتقدم الصفدي باسمه ونيابة عن أعضاء مجلس النواب بخالص التعازي والمواساة لأسرة الفقيد وأهله، داعياً الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته وغفرانه.
شخصية محبوبة في المجتمع الأردني
عُرف الدكتور موسى أبو سويلم بأخلاقه العالية ومحبة الناس له، وكان من الشخصيات البرلمانية المحترمة في الأردن. خلال فترة عضويته في المجلس النيابي السابع عشر، تميز بـأدائه التشريعي والرقابي الرفيع وانتمائه الوطني الصادق.
كما كان النائب السابق معروفاً بقربه من الناس ومشاركته في الأنشطة الاجتماعية والدينية، حيث كان يستقبل الزوار في ديوانه ويشارك في مجالس العلم الشرعي، كما شهد المحامي غالب أبو عرابي في شهادته.
ردود فعل شعبية واسعة
اهتز الشارع الأردني على وقع هذه الجريمة المروعة، وتحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى ساحة عزاء ورثاء، حيث عبّر الأردنيون عن حزنهم العميق وصدمتهم من الحادثة، مستذكرين مواقف النائب الراحل الإنسانية وأثره الطيب في مجتمعه.
وانتشرت على نطاق واسع عبارات التعزية والترحم، مع التأكيد على أن الفقيد وابنه “نحسبهما من الشهداء” لأنهما قُتلا ظلماً وغدراً، وكانا في مجلس علم شرعي وقت الجريمة.
أسئلة حول العنف العائلي
تطرح هذه الجريمة المروعة تساؤلات جدية حول العنف العائلي في المجتمع الأردني، وضرورة التعامل مع الخلافات الأسرية بطرق حضارية وقانونية بعيداً عن استخدام العنف والأسلحة.
كما تسلط الضوء على أهمية برامج التوعية المجتمعية لمنع تحول الخلافات البسيطة إلى جرائم قتل، والحاجة إلى تشديد الرقابة على حمل الأسلحة الشخصية وتنظيم حيازتها.
التحقيقات والإجراءات القضائية
تواصل الأجهزة الأمنية التحقيق في الحادثة للكشف عن ملابساتها وتقديم الجاني للعدالة، حيث سيمثل أمام القضاء لمحاكمته عن جريمة القتل العمد المتعدد وحمل السلاح بدون ترخيص.
ومن المتوقع أن تكون العقوبة صارمة نظراً لخطورة الجريمة وكونها تمت بدم بارد ضد أقارب الجاني، مما يُشدد من ظروف الجريمة ويستوجب تطبيق أقصى العقوبات القانونية.
هذه الجريمة المروعة تُذكر المجتمع الأردني بأهمية التماسك العائلي والاجتماعي، وضرورة حل الخلافات بالحوار والتفاهم بدلاً من اللجوء إلى العنف، الذي لا يؤدي إلا إلى المزيد من المآسي والألم.
إنا لله وإنا إليه راجعون، ونسأل الله العلي القدير أن يتغمد الفقيدين بواسع رحمته ومغفرته، وأن يلهم ذويهما الصبر والسلوان، وأن يشفي المصابة شفاءً تاماً.










