أعلنت وزارة الخارجية الصينية يوم الخميس 28 أغسطس 2025، أن زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون والرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيكونان من بين 26 زعيماً أجنبياً سيحضرون العرض العسكري الضخم في بكين الأسبوع المقبل.
سيُقام العرض في ساحة تيانانمن ببكين في 3 سبتمبر 2025، وهو جزء من احتفالات الصين بالذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية بعد استسلام اليابان رسمياً.
وقال هونغ لي، مساعد وزير الخارجية الصيني، في مؤتمر صحفي: “نرحب ترحيباً حاراً بزيارة الأمين العام كيم جونغ أون إلى الصين لحضور الفعاليات التذكارية”، مؤكداً أن “صون العلاقات بين الصين وكوريا الشمالية وتوطيدها وتنميتها هو الموقف الثابت للحزب الشيوعي الصيني والحكومة الصينية”.
أول حدث متعدد الأطراف لكيم منذ توليه السلطة
تُعتبر هذه المناسبة أول حدث متعدد الأطراف يشارك فيه كيم جونغ أون منذ توليه السلطة في أواخر عام 2011، حيث اقتصرت لقاءاته السابقة على اجتماعات ثنائية مع قادة دول مثل الولايات المتحدة وروسيا وكوريا الجنوبية.
كما تُعد هذه أول زيارة لكيم إلى الصين منذ يناير 2019، عندما زارها لإجراء محادثات مع الرئيس الصيني شي جين بينغ. آخر رحلة خارجية لكيم كانت في عام 2023 عندما سافر لمقابلة بوتين في مركز فوستوتشني الفضائي في الشرق الأقصى الروسي.
عرض عسكري ضخم يُبرز القوة الصينية المتنامية
سيشهد العرض العسكري مشاركة أكثر من 10,000 جندي ومئات الأسلحة المتطورة، مما يُبرز القوة العسكرية المتنامية للصين في ظل برنامج الرئيس شي جين بينغ الطموح لتحديث الجيش الشعبي الصيني.
أبرز ملامح العرض:
| العنصر | التفاصيل |
|---|---|
| مدة العرض | 70 دقيقة تقريباً |
| عدد المشاركين | أكثر من 10,000 جندي من 45 فرعاً مختلفاً |
| الطائرات | أكثر من 100 طائرة حربية متطورة |
| الأسلحة المعروضة | مئات من أحدث الأسلحة والمعدات العسكرية |
| التقنيات المتقدمة | طائرات مقاتلة وأنظمة دفاع صاروخي وأسلحة فرط صوتية |
قائمة الحضور الدولي والغياب الغربي
الحضور المؤكد:
إلى جانب كيم وبوتين، ستشهد الفعالية حضور قادة من دول عديدة منها:
- الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان
- رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو
- الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو
- الرئيس الكوبي ميغيل دياز-كانيل
- رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيتسو (الزعيم الغربي الوحيد)
- قائد المجلس العسكري في ميانمار مين أونغ هلاينغ
الغياب الغربي الملحوظ:
لن يحضر أي زعماء من الولايات المتحدة أو أوروبا الغربية، ويُعزى ذلك جزئياً إلى خلافاتهم مع بوتين بشأن الحرب في أوكرانيا. كما لن يحضر رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، على الرغم من وجوده في الصين في نفس الأسبوع لحضور قمة منظمة شنغهاي للتعاون.
تحالف استراتيجي متنامٍ بين الدول الثلاث
الشراكة الصينية-الروسية:
تُجسد مشاركة بوتين “المستوى الرفيع لشراكة التنسيق الاستراتيجية الشاملة بين الصين وروسيا في العصر الجديد”، وتؤكد وحدتهما في صون نتائج الانتصار في الحرب العالمية الثانية، كما صرح مساعد وزير الخارجية الصيني.
التعاون الكوري الشمالي-الروسي:
منذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا، عززت كوريا الشمالية دعمها لروسيا من خلال:
- توريد أكثر من مليون قذيفة إلى روسيا منذ أغسطس 2023
- إرسال قوات عسكرية للمشاركة في الحرب ضد أوكرانيا
- الاعتراف باستقلال الجمهوريات الانفصالية في شرق أوكرانيا
الشراكة الصينية-الكورية الشمالية:
تبقى الصين أكبر شريك تجاري لكوريا الشمالية، حيث شكلت 97% من التجارة الخارجية الكورية الشمالية في عام 2023، مقارنة بـ 1% فقط مع روسيا.
رسالة جيوسياسية واضحة للغرب
مواجهة التحالفات الغربية:
يُعتبر هذا التجمع رسالة قوية لمواجهة جهود الولايات المتحدة لتعزيز تحالفاتها مع كوريا الجنوبية واليابان، والتي شهدت تصاعداً في التدريبات العسكرية الثلاثية وتعميق التعاون الأمني.
“محور الاضطراب”:
وصف محللون سياسيون واقتصاديون في الغرب هذا التحالف بـ“محور الاضطراب” (Axis of Upheaval)، والذي يضم أكثر الدول خضوعاً للعقوبات في العالم – روسيا وكوريا الشمالية وإيران وميانمار.
التوقيت الاستراتيجي وسط التطورات الدولية
استجابة لمبادرات ترامب:
تأتي هذه المشاركة بعد أيام قليلة من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن رغبته في لقاء كيم جونغ أون مرة أخرى، حيث قال: “أرغب في مقابلته هذا العام. أتطلع إلى لقاء كيم جونغ أون في المستقبل القريب”.
موقف كوريا الشمالية:
حتى الآن، تجاهلت كوريا الشمالية مبادرات ترامب، لكن محللين يعتقدون أنها قد تعود إلى طاولة المفاوضات إذا رأت أن الولايات المتحدة ستقدم تنازلات كبيرة.
التحديات والفرص الدبلوماسية
كيم في موقع قوة:
قال فيكتور تشا، رئيس برنامج كوريا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: “شي سينظر إلى الحدث كفرصة لإعادة التواصل مع كيم بعد فترة طويلة من الفتور”، مضيفاً أن هذا قد يضع كيم في موقع “زعيم تتنافس على كسب وده قوتان”.
النمو الاقتصادي الكوري الشمالي:
قدّر البنك المركزي الكوري الجنوبي أن اقتصاد كوريا الشمالية سجل نمواً بنسبة 3.7% في عام 2024، في أسرع وتيرة نمو تشهدها البلاد منذ عام 2016، مما يعكس فوائد التعاون مع روسيا.
عصر جديد من التحالفات
هذا الحدث التاريخي يُمثل نقطة تحول في الدبلوماسية الدولية، حيث يُظهر تشكل تحالف استراتيجي بين ثلاث قوى عظمى تسعى لتحدي النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة.
كما يُبرز الثقة المتنامية لكيم جونغ أون على الساحة الدولية، مدعومة بتحالفه مع روسيا وترسانته النووية المتطورة، في تحول جذري عن العزلة التي شهدتها كوريا الشمالية لعقود.
هذا التجمع في بكين قد يُعيد تشكيل موازين القوى العالمية ويفتح فصلاً جديداً من التنافس الجيوسياسي بين الشرق والغرب.
