عقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأربعاء، اجتماعًا مفصليًا في البيت الأبيض لمناقشة خطة “اليوم التالي” للحرب في قطاع غزة، شارك فيه شخصيات محورية تضمنت صهره جاريد كوشنر ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، إضافة إلى حضور مفاجئ للمسؤول الإسرائيلي رون ديرمر.
تفاصيل الاجتماع التاريخي
وبحسب موقع “أكسيوس” الأمريكي، استمر الاجتماع أكثر من ساعة في المكتب البيضاوي، بحضور نائب الرئيس جيه دي فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف وعدد من كبار المسؤولين.
قدم كوشنر وبلير لترامب أفكارًا تفصيلية حول كيفية إدارة غزة وتهيئة بيئة استثمارية لإعادة الإعمار، في إطار رؤية شاملة تهدف إلى إنهاء سيطرة حماس على القطاع. وقال مصدر مطلع: “حاولوا تقديم فكرة عن كيفية إدارة غزة، وكيفية تهيئة بيئة استثمارية لإعادة الإعمار”.
الموقف الإسرائيلي: شروط واضحة
أوضح المسؤول الإسرائيلي رون ديرمر، المستشار المقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أن إسرائيل لا تسعى لاحتلال غزة على المدى الطويل ولا لطرد الفلسطينيين، لكنها بحاجة إلى بديل عن حركة حماس لإدارة القطاع.
وأضاف ديرمر أن إسرائيل ستكون مرنة حيال معظم القضايا “طالما تم الالتزام بشروطها الأساسية”، مشيرًا إلى أن الهدف الأساسي هو أن تقود الولايات المتحدة الجهود لإيجاد هيكل حكم مقبول دوليًا في غزة.
خلفية الشخصيات المشاركة
جاريد كوشنر: رؤية اقتصادية جذرية
يمتلك كوشنر، الذي كان مستشارًا رئيسيًا للشرق الأوسط خلال ولاية ترامب الأولى، رؤية خاصة لتحويل غزة إلى منطقة استثمارية. وكان قد وصف الصراع العربي الإسرائيلي بأنه “ليس أكثر من نزاع عقاري بين الإسرائيليين والفلسطينيين”.
وقال كوشنر في فعالية في جامعة هارفارد عام 2024: “العقارات على الواجهة البحرية لغزة يمكن أن تكون ذات قيمة كبيرة، إذا ما ركز الناس على توفير سبل العيش”، مضيفًا: “إنه وضع مؤسف بعض الشيء هناك، لكنني أعتقد من وجهة نظر إسرائيل أنني سأبذل قصارى جهدي لإجلاء الناس ثم تنظيف المكان”.
توني بلير: الخبرة الدبلوماسية في الشرق الأوسط
يدير بلير، رئيس الوزراء السابق خلال حرب العراق 2003، منظمة غير حكومية تحمل اسمه منذ 2016، وتركز على قضايا الشرق الأوسط. وقد تواصل فريق معهد توني بلير على مدار سنوات مع القادة الإسرائيليين والفلسطينيين والجهات الفاعلة الإقليمية المؤثرة.
وفي يوليو الماضي، ذكرت صحيفة “فينانشال تايمز” أن معهد توني بلير شارك في مشروع لتطوير خطة لما بعد الحرب على غزة، لكن المعهد أكد أنه “لم يتضمن أي منها فكرة التهجير القسري للسكان من القطاع”.
التحديات والعقبات الكبرى
تشير التقارير إلى أن كوشنر وبلير ما زالا في منتصف العملية وليس من الواضح كم من الوقت سيحتاجانه لإتمام خطة مفصلة، خاصة فيما يتعلق بتحديد الجهة التي ستتولى الحكم في غزة.
وتمثل خطة “اليوم التالي” لغزة عنصرًا أساسيًا في أي مبادرة دبلوماسية لإنهاء الحرب التي أسفرت عن مقتل أكثر من 62 ألف فلسطيني على مدى عامين من القتال. لكن إعادة بناء قطاع مدمر بالكامل وتصميم هيكل سياسي وأمني يمكن لجميع الأطراف التعايش معه سيكون بالغ الصعوبة.
المساعدات الإنسانية والعمليات المقبلة
ركز الاجتماع أيضًا على زيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة، حيث قال مسؤول أمريكي: “الأمر يتعلق بتوسيع خطة الغذاء، والكمية، وطريقة التوزيع، وعدد الأشخاص الذين يمكن تقديم المساعدة لهم”، مضيفًا أن تعليمات ترامب كانت واضحة: “أصلحوا هذا الوضع”.
من المتوقع أن تتصاعد العملية الإسرائيلية لاحتلال مدينة غزة – التي أعرب ترامب عن دعمه لها – في الأسابيع القليلة المقبلة، رغم قبول حماس مقترحًا بوساطة قطرية ومصرية لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
التوقعات والآفاق المستقبلية
وفقًا للمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، تعمل الإدارة على وضع “خطة شاملة للغاية” لليوم التالي، مؤكدًا أن “الكثيرين سيلاحظون مدى فاعليتها وحسن نواياها”، وأنها “تعكس الدوافع الإنسانية للرئيس ترامب”.
يُذكر أن ترامب كان قد وعد بإنهاء سريع للحرب في غزة خلال حملته الانتخابية، لكن الحل ظل بعيد المنال بعد سبعة أشهر من ولايته الثانية، في حين يواجه نتنياهو ضغوطًا محلية وعالمية قوية للاستجابة لمقترحات وقف إطلاق النار.
وتتضمن خطة ترامب المتوقعة ثلاثة محاور رئيسية: إبعاد حماس وإزالة التهديد العسكري، وإعادة الإعمار والمساعدات الإنسانية، وإدارة القطاع بعد الحرب بنموذج أمريكي-إسرائيلي مشترك بعيدًا عن السلطة الفلسطينية.










