في كلمة متلفزة حملت رسائل سياسية واضحة ومباشرة، وجه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري خطابا إلى اللبنانيين بمناسبة الذكرى السنوية الـ47 لتغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه، الشيخ محمد يعقوب والإعلامي عباس بدر الدين، مؤكدا أن هذه القضية “أكبر من قضية طائفة، إنها قضية وطن لا يموت”، ومجددا الوعد بأن لا نسيان ولا مساومة ولا تسامح في ملف تغييبهم، الذي وصفه بـ”جريمة مع سبق الإصرار والتآمر من النظام الليبي، الذي لا يزال يتهرب من التعاون مع القضاء اللبناني”.
حملة على خطاب الكراهية واستهداف الطائفة الشيعية
بري، وفي خطابه الذي ألقاه تحت شعار “لبنان وطن نهائي”، لم يكتف بإحياء الذكرى، بل فتح النار على من وصفهم بـ”العقول الشيطانية” التي تقود حملات تنمر وشتم وشيطنة بحق طائفة “مؤسسة للكيان اللبناني”، مشيرا إلى أن هذه الجهات نفسها كانت تراهن على العدوان الإسرائيلي الأخير لتغيير موازين القوى الداخلية، بما يسمح بفرض مشاريع قديمة جديدة “ولو على ظهر دبابة إسرائيلية”.
سلاح المقاومة “شرفنا”… ولكن تحت سقف الدستور
وإزاء الجدل المستمر حول سلاح “المقاومة”، أعلن بري استعداد “الثنائي الوطني” لمناقشة مصير هذا السلاح في “إطار حوار هادئ توافقي”، شرط أن يتم ذلك تحت سقف الدستور وخطاب القسم والبيان الوزاري، وليس تحت التهديد أو “استباحة الدستور والميثاقية”.
وأكد أن “سلاح المقاومة حرر الأرض وصان الكرامة والسيادة”، وأن الحديث عن أي استراتيجية وطنية للدفاع لا يمكن أن يتم بمعزل عن القرار الدولي 1701، الذي لم تلتزم إسرائيل بتنفيذه، بل “زادت من احتلالها وواصلت عدوانها”.
موقف وزراء الثنائي: ليس طائفيا بل وطني
الرئيس بري شدد على أن موقف وزراء الثنائي في جلسات الحكومة الأخيرة، وتحديدا في 5 و7 آب، ليس “موقفا طائفيا أو مذهبيا كما يشيع”، بل هو موقف نابع من الحرص على لبنان ووحدته.
وانتقد بشدة تحميل الجيش اللبناني مسؤولية “كرة النار”، داعيا إلى عدم زج المؤسسة العسكرية في صراعات سياسية أو أجندات خارجية، مذكرا بدورها الوطني في تنفيذ القرار 1701 وفي حفظ السلم الأهلي.
الورقة الأمريكية: قفز على اتفاق وقف النار؟
بري عبر عن مخاوفه من الطروحات الأمريكية بشأن “حصر السلاح”، واعتبر أنها تشكل عمليا بديلا عن اتفاق تشرين الثاني لوقف إطلاق النار، وأن القبول بها سيعني عمليا الإطاحة بإطار القرار 1701 الذي التزم به لبنان بالكامل، فيما تنصلت منه إسرائيل.
تحذير من مخطط “إسرائيل الكبرى”
وفي سياق تحذيره من المشروع الإسرائيلي، تساءل بري عن مغزى تصريح رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو الأخير حول “حلمه بإسرائيل الكبرى”، واستعرض خريطة كان قد لوح بها نتنياهو يظهر فيها لبنان بأكمله كجزء من هذا الحلم، قائلا: “ألا تشكل زيارة رئيس أركان العدو للجنوب المحتل إهانة لسيادتنا؟”.
دعوة للوحدة: لا خلاص إلا بالتعاون والحوار
الرئيس بري ختم كلمته بتجديد الدعوة إلى التمسك بالوحدة الوطنية، وإعادة الاعتبار للدستور والميثاق الوطني، والعمل المشترك بعيدا عن الخطاب الطائفي والمشاريع المريبة.
وشدد على أهمية استكمال الملفات التشريعية، بما فيها “قانون الفجوة المالية” الذي يفترض أن يمهد الطريق لإعادة أموال المودعين، وإنقاذ ما تبقى من الهيكل الاقتصادي للدولة.










